واقعيا فإن جنوب السودان منفصل عن شماله منذ مدة قريبة حيث إن الحركة الشعبية لتحرير السودان تملك مقومات دولة( أرض شعب حكومة رئيس جيش علم نشيد) لذا من المنتظر أن تكون نتيجة الاستفتاء في يناير المقبل في مصلحة خيار الانفصال ويدعم هذا الخيار أمريكا والدول الأوروبية. دون نظرة استراتيجية مستقبلية لمدي تأثير الانفصال علي مصالحهم في السودان وفي المنطقة كلها. لذا من المتوقع ألا يستمر هذا الانفصال سنوات كثيرة يعود فيها الجنوب إلي السودان في صورة اتحاد كونفيدرالي أو في صورة أخري للأسباب الآتية: ينقسم الجنوب إلي ثلاث مجموعات من القبائل تتباين المصالح والاختلافات بينها وعوامل عدة تعمل علي تفريقهم أكثر مما تعمل علي تجميعهم في كيان واحد وهي: قبائل استوائية: الزاندي, الباريا, الكاكا, الكاكويا, التبوسا, الأنواكا. قبائل النيلوتك, الدينكا, النوير, الشلك, المواري. قبائل زنجية: المفرتيت النوبة. سيطرة قبيلة الدينكا بجميع فروعها علي جميع الوظائف الرئيسية في حكومة جنوب السودان مما يثير حفيظة باقي القبائل. توجد مشاكل حدودية مع جميع دول الجوار الإفريقية مما يلزم الحكومة الجديدة بحلها مع هذه الدول مثلث أيمي مع كينيا, وفشلا مع اثيوبيا. جنوب السودان منطقة مهمشة منذ الاحتلال الانجليزي وتحتاج إلي بنية تحتية وتنمية تفوق قدرات وامكانيات الجنوب والشمال معا لذا سيكون هناك ضغوط من شعب الجنوب علي حكومته لتفعيل التنمية بالاضافة إلي الاختلافات بين القبائل علي أنصبتها في هذه التنمية مع قلة الموارد والامكانيات. يوجد أكثر من مليون ونصف مليون سوداني جنوبي في تسع مناطق عشوائية حول العاصمة الخرطوم فروا من الجنوب خلال الحروب الأهلية وتمركزوا حول العاصمة منذ عقود وارتبطت مصالحهم هناك ولا أمل في عودتهم إلي الجنوب مرة أخري بالإضافة إلي اللاجئين من الجنوب في دول الجوار الإفريقي ومصر. البترول الموجود في منطقة أبيي لم يثبت حتي الآن حجم انتاجه مما يؤدي إلي خيبة أمل الجنوبيين في إحداث التنمية المطلوبة بالسرعة المطلوبة من ناتج بترول هذه المنطقة. القوي الغربية التي تدعم الانفصال حاليا هي نفسها التي سوف تدعم عودة الجنوب مرة أخري للسودان وذلك لعدم قدرتها علي السيطرة علي الحروب الأهلية الداخلية بالاضافة لمواجهة تنامي النفوذ الصيني في المنطقة مما يهدد مصالحها وخصوصا في مجال الطاقة( البترول اليورانيوم). لهذه الأسباب أعتقد أن هذه الدولة الوليدة لن تستمر مدة طويلة خصوصا في حالة تفعيل صندوق الدعم العربي بجدية حيث يمكن وقتها الضغط علي حكومة الجنوب للعودة إلي السودان الأم في صورة اتحاد كونفيدرالي أو في صورة أخري. لواء أ.ح. بالمعاش هشام عارف 12 شارع35 المقطم