تحتل تجارة الدواء العالمية المرتبة الثانية بعد تجارة السلاح, ولقد تنبهت مصر الي هذه الاستراتيجية العالمية منذ الستينات, فأنشأت صناعة دوائية تضم الآن نحو001 شركة دواء عملاقة مابين عام وخاص ومشترك لتغطية احتياجات البلاد, والتي وصلت لنحو39% من جملة الاستهلاك المحلي, أما ال7% الباقية فتستورد من الخارج خاصة الأدوية ذات التقنيات العالية أو التي مازالت تخضع لحقوق الملكية الفكرية, وتعد هذه الصناعة الأولي بين الصناعات المحلية التي تغطي هذه النسبة من الاستهلاك المحلي. ولقد تربعت صناعة الدواء المصرية علي عرش الصناعات الدوائية العربية والإفريقية, وأصبحت تلبي احتياجات هذه الدول, بل امتدت لتشمل بعض الدول الأوروبية, ودول الكومنولث, ودول الاتحاد السوفيتي السابق. وفجأة بدأ البساط ينسحب تدريجيا من تحت أقدام هذه الصناعة وتمركزت في إحدي الدول العربية الشقيقة( الأردن) برغم ان حجم الاستثمارات المصرية في قطاع الدواء يفوق اضعاف استثماراتها في هذا القطاع, ولكن مايثير العجب أن حجم صادرات هذه الدولة للخارج من الدواء يفوق اضعاف حجم الصادرات المصرية, وذلك نتيجة لعدة عوامل تنبع من الداخل في مقدمتها ضعف نفوس القلة من الأطباء والصيادلة الذين يسيئون الي سمعة الدواء المصري ويصرون علي كتابة الأدوية المستوردة في تذاكرهم الطبية( الروشتات) للمرضي وحثهم علي استعمال الدواء الأجنبي دون البديل المصري, وأن هذه الدولة الشقيقة تقوم بطبع روشتات هؤلاء الأطباء وتوزيعها في دول التصدير لتؤكد عدم ثقة الطبيب والصيدلي المصري في دواء بلاده, كما تقوم بين الحين والآخر بطبع تصريحات بعض ضعاف النفوس في هذه الصناعة والتي تشكك في قدرة الصناعة الدوائية المصرية, ناهيك عن قيام بعض الشركات العاملة في مصر بالتنافس غير الشريف بين بعضها عن طريق الهجوم غير المبرر علي دواء شركة أخري, بخلاف هرولة بعض الأطباء وراء الدعاية المغرضة لبعض الشركات الأجنبية نظير مصالح شخصية, ولقد ناشدت نقابتا الأطباء والصيادلة أعضاءهما مرارا بعدم الإساءة لسمعة الدواء المصري, ولكن دون جدوي, ولقد بذل الدكتور حاتم الجبلي وزير الصحة في الآونة الأخيرة مجهودات مضنية لعودة الثقة في الدواء المصري, وتشجيع ضخ المزيد من الاستثمارات المحلية والأجنبية. هل من قانون يحمي هذه الصناعة الوطنية ضد كل من تسول له نفسه الإساءة اليها, واعتبار ذلك قضية أمن قومي.