علاج المرض النفسي لايتم بالدواء فقط, وإنما هناك العلاج بالجلسات التحليلية والتأهيل والعلاج السلوكي والكهربائي والدعم النفسي والأسري والمجتمعي, وتعاون المريض واستعداده واقتناعه بجدوي العلاج والسير في الطريق الصحيح نحو الشفاء له دور مهم ومؤثر وفعال في الوصول إلي أعلي درجات الشفاء, وقد يكون شهر الصوم فرصة جيدة للتخلص من بعض أعراض الأمراض النفسية بل وربما الشفاء منها وذلك علي النحو التالي: { الصيام تقوية وتدريب للإرادة والصبر والتحكم في العادات المرضية مثل سرعة الانفعال والغضب والتوتر ومثل عادات الإدمان واضطرابات السلوكيات الشاذة, ومع تدريب الإرادة تزداد الثقة بالنفس فترتفع المعنويات وتختفي حالات الشعور باليأس والإحباط والاكتئاب. { مع انتظام أداء الصلاة في أوقاتها والاستفادة بالمشاركة الجماعية في الصلاة يتدرب المريض علي إدراك معني الوقت والشعور بقيمة تنظيمه والاستفادة به, مما يرفع من احساسه بالزمن الذي هو أساس الوعي والإدراك لأمور الحياة من حوله وتكرار الوضوء للصلاة مع تكرار التسبيح وقراءة الاذكار يزيح ويخفف من الافكار والأفعال والوسواسية المرضية في حالات مرض الوسواس القهري. { صلاة الجماعة وحلقات الذكر الجماعية وحضور الندوات والدروس الدينية تساعد علي خروج المريض من عزلته وتقضي علي ميول الانطواء وتشجعه, علي التواصل مع الآخرين وتبعد عنه الشعور بالخوف من المواجهة, وتدربه علي التعبير عن نفسه وتبث فيه روح الثقة والأمل والتفاؤل. { تلاوة القرآن تساعد علي تدريب القدرة علي التركيز والاستيعاب وتنظيم الأفكار وتشغيل وإعمال الفكر والتدبر والتأمل, وقد تساعد أيضا علي التدريب علي النطق وتقضي علي اضطرابات التلعثم كما هو الحال في علاجات جلسات التخاطب. { لقاء المريض مع أسرته في تناول الإفطار والسحور وفي أداء الصلاوات الجماعية وتلاوة القرآن وحضور الزيارات العائلية التي تكثر في الشهر الفضيل تجعله يستشعر الدفء الأسري وتعطيه فرصة الاندماج والشعور بالأمان والطمأنينة, وتذهب عنه شبح الخوف المرضي والشعور بالوحدة وربما التهيؤات والأوهام المتسلطة علي حواسه وأفكاره. إنها حقا فرصة عظيمة في هذا الشهر الكريم لكي يستفيد منها كل مريض نفسي, وهي فرصة عبادة وشفاء في الوقت نفسه. د.يسري عبد المحسن أستاذ الطب النفسي