لاشك أن موسم الهجوم علي مصر بات معروفا بل مفضوحا, ففي اللحظة التي تتأزم الأوضاع في داخل إيران أو في ملفها النووي مع الغرب. نشهد وصلة هجوم غير أخلاقية علي مصر, ومواقفها. ويبدو التحالف المشبوه والعاجز الذي تتزعمه طهران, وتحرك فيه حماس وحزب الله وبوق الدعاية الرخيص الجزيرة وكأنه فقد رشده من فشل الحملة تلو الأخري في تحريض المصريين ضد قيادتهم. ولم يدرك هؤلاء أن السر بسيط, ألا وهو وعي الشعب المصري بالفرق مابين الأقوال والأفعال. فالذين يملأون الدنيا تحريضا ضد مصر, ويحاولون بكل السبل استدراجها إلي معسكر الممانعة.. يفضحهم أمام شعوبهم والشعب المصري أن طلقة واحدة لم تنطلق من جبهة الجولان المحتلة, كما أن مرشد الثورة خامئني أمر أتباعه بعدم القتال لمساعدة غزة, بل إن حزب الله ودمشق لم يحركا ساكنا بل اعتمدا سياسة الكلام الضخم الذي لم يحرر أرضا, ولم يرد عدوانا بل دمر العواصم علي رءوس السكان الأبرياء, وتركهم في العراء! وحتي هذه اللحظة فان إعادة إعمار الجنوب اللبناني لم تتم, ولم تتدفق الأموال الايرانية لإعمار ماخربته المغامرة غير المحسوبة لحسن نصر الله. وفي الماضي القريب عندما أنطلقت بضعة صواريخ مجهولة تجاه إسرائيل, فإن حزب الله سارع لينفي بشدة مسئوليته عما حدث, ومازال يتمسك بالهدنة مع إسرائيل.. والآن. في هذه اللحظة يجب الا يغيب عن ناظرينا الحقائق علي الأرض وهي: الجولان محتل, وسوريا تحاول جاهدة التفاوض علي السلام, ولم تطلق أي رصاصة تجاه إسرائيل. وحزب الله لازال بمفرده, ولم يتمكن من تغيير المعادلة علي الأرض, وإسرائيل تحلق وتغير, ولم تحدث إيران تحولا استراتيجيا لصالحه, كما أن حماس متمسكة بهدنة, وترغب في الاحتفاظ بالسلطة بأي ثمن, وإيران تحرض الآخرين وتلعب بهم ورقة في عملية المساومة مع الغرب وتخفيف الضغوط علي النظام. هذه هي الصورة الحقيقة, ووسط الأكاذيب بشأن الجدار والحصار الذي لم تر حماس إلا مصر فقط. وتناست عدة أشياء: أن المعابر كانت مفتوحة وفقا للاتفاق مع الرباعية الدولية, وأن هذه المعابر يمكن أن تفتح لو تمت إعادة السلطة الفلسطينية الشريك الذي وقع الاتفاق. وهنا علينا أن نتوجه بالسؤال لحماس وقادتها: هل السلطة أهم لديكم من معاناة الشعب الفلسطيني كما تزعمون؟! فلو كان الشعب الفلسطيني يعاني بصورة فظيعة فإن تنازلكم عن السلطة, بل مجرد إعادة السلطة الفلسطينية إلي المعابر ستكون ثمنا زهيدا وإلا فإن الانقلاب والاستيلاء علي السلطة لديكم أهم؟!. ويبقي أن آخر التصريحات الغريبة والمتناقضة من حماس تدعو للتأمل والعجب, ففي الوقت الذي تهاجم فيه حماس مصر بقسوة فإنها تقول لن نصنع أزمة مع مصر ولانريد فتح المزيد من المشاكل والخلافات, وسنعمل علي تجنب المواجهة السياسية وغيرها!! ودعا السيد موسي أبو مرزوق نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس مصر الراعية للحوار الفلسطيني إلي استمرار رعايتها للملف الفلسطيني. ويعترف أبو مرزوق رغما عنه بأن أي دولة لاتملك ماتملكه مصر في ملف المصالحة, ولكن أبو مرزوق نفسه يعود لكي يناقض نفسه ردا علي أن ورقة المصالحة لن تعدل ليقول نحن نري أن هذا الموقف بحاجة إلي مراجعة, وفي ظل هذا التخبط فإن المرء عليه أن يواجه حماس ومن يقف خلفها: لماذا الإصرار علي الدور المصري؟! وكيف تفسرون الهجوم وافتعال المشاكل مع القاهرة ومطالبتها بالتحرك في الوقت نفسه؟! ولكن إذا كان الرهان علي جر مصر إلي الحرب, فالرد هو: هذا رهان خاسر, وبالمناسبة فإن إسرائيل هي التي تحتل الأرض العربية وتهدد إيران, ولذا عليكم بالتوجه إلي الباب الصحيح إذا كنتم حقيقة تريدون تحرير الأرض لا افتعال المشاكل للتغطية علي عجزكم؟!.