جرت أمس المرحلة الثانية من الاستفتاء علي الدستور, وبغض النظر عن النتيجة بنعم أو لا, أصبح الجميع مؤيدون ومعارضة مطالبون بالقبول بالنتيجة أيا كانت, والكف عن المزايدات ومحاولات التشكيك في النتائج حتي قبل توجه الناخبين إلي الصناديق! ومادام الشعب قال كلمته وهو أعلي سلطة يجب أن تحترم من الجميع, ونغلق باب الاجتهادات التي لا طائل منها, والبحث عن الشماعات لتعليق الفشل, وعلينا الالتفات إلي المستقبل حتي تدور عجلة الإنتاج وإنقاذ البلاد من حالة الإفلاس! وبعيدا عن هذا التصارع بين القوي السياسية علي نعم ولا, علينا الاعتراف بأن المشكلة الأساسية هي أزمة ثقة, بل نقول انعدام الثقة, بين كل الأطراف, تم تغليبها علي مصلحة المواطن. فلم يعد أمام الجميع بعد الإعلان عن النتائج النهائية للاستفتاء سوي الاحتكام إلي لغة الحوار, وبالحوار وحده فقط يمكننا فتح صفحة جديدة قائمة علي احترام الآخر.. لا غالب ولا مغلوب, من منطلق الوطن يتسع للجميع, ولا وجود لديمقراطية حقيقية دون معارضة قوية. وأود التوقف أمام عدة ملاحظات برزت علي المشهد السياسي طيلة الأيام الماضية, في مقدمتها محاولات الاستقطاب المتناهية التي لا حد لها من جانب كل الأطراف, في محاولة للتأثير علي الناخب, مما أوجد حالة من الضبابية والارتباك عند المواطن البسيط, في ظل تهرب البعض من المناظرات, وعدم مناقشة مواد الدستور بشفافية علي وسائل الإعلام, بل المؤسف أن البعض يتحدث عن مواد ليس لها وجود في الدستور, بهدف التشويه والتأثير علي الناخب بالسلب, بل يغلب عليها طابع المصالح الشخصية والفئوية! كما أن غالبية من قالوا نعم أو لا لم يكلفوا أنفسهم بقراءة الدستور جيدا, بل كان قرارهم نابعا من كونهم مؤيدين لطرف سياسي علي حساب الطرف الآخر, فإذا قلت نعم أنت اخواني, وإذا قلت لا فأنت علماني! أما الملاحظة الأهم من وجهة نظري, إذا كانت القوي الثورية تري أن ما تحقق من نتائج في الجولة الأولي يعد إنجازا لتأثيرها ووجودها في الشارع, بعد أن كان البعض يري وجودها هامشيا بلا تأثير, وهذا يعدل الكفة في مصلحة الديمقراطية, إلا إنني أري عكس ذلك, فعلي رغم ما توافر لها من دعاية إعلامية وإعلانية, وسيطرة تامة علي غالبية القنوات الفضائية الخاصة والصحافة المستقلة, جاءت النتيجة في مصلحة التيار الإسلامي المحافظ, بما يؤكد أن المشاهد لم يتأثر بما يشاهده ويسمعه فضائيا, وأن قراره جاء مبنيا علي اقتناع داخلي لن يغير في موقفه مهما تكن قوة وسطوة الإعلام غير المحايد, وانحيازه لطرف علي حساب الآخر, وتلك الآفة وراء أزمة الثقة التي ضربت المجتمع علي حساب مصلحة الوطن!! المزيد من أعمدة أيمن أبو عايد