من يدقق بأمانة وموضوعية في معطيات المشهد الراهن لابد أن يسلم بأننا أمام أدق وأخطر مرحلة في تاريخ مصر باتجاه تطور ديمقراطي له استحقاقاته وإصلاح اقتصادي له تكاليفه وتطور اجتماعي لابد أن نكون مستعدين لتحمل فاتورته. وإذا كانت أوضاع اليوم تفرض إدخال قدر من التغيير في الأهداف والأولويات, وفي بعض الوسائل فإن المبدأ الراسخ هو أن أي عبور باتجاه المزيد من الديمقراطية ينبغي أن يتم فوق جسور قوية تستند إلي أعمدة صلبة يصنعها التغيير المنشود, وفي ظل رؤية واضحة أشبه بضوء ساعات الظهيرة من يوم6 أكتوبر1973 باعتماد الشفافية الكاملة في كل الخطوات والمراحل. وفي اعتقادي أن أي عبور يحتاج إلي ثقة بالنفس مقترنة بالتواضع وشعور بالمسئولية تحت أقصي درجات الجدية والالتزام مع فهم عميق للأوضاع المحلية والإقليمية والدولية. والحقيقة أنه عندما يشعر الناس بإعلاء قيم الطهارة والنزاهة والشرف وتتسم تصرفات الأجهزة الحكومية بالشفافية فإن التجاوب مع كل دعوات الإصلاح مهما تكن تكاليفها سوف تسبق المطالبة بالحقوق مهما كانت مشروعيتها ومهما يكن إلحاح الحاجة لها! وأي دولة تبحث عن الإصلاح الحقيقي وليس المظهري أو المؤقت هي تلك التي يبدو في خطواتها وقراراتها أنها تتحرك تحت مظلة من الالتزام الأخلاقي مع المجتمع وبقدر صيانتها للحقوق تكون تصرفاتها صحيحة, أما إذا أدارت ظهرها لهذه الحقوق أو حصرت نفسها داخل نطاق القوالب الفكرية الجامدة سقط عنها حقها في أن تستمتع بتجاوب الناس معها وطاعتهم التلقائية لها. خير الكلام: عندما يصيح الغراب عليك أن تغلق أذنيك تماما ولا تفتحهما إلا عندما تري أسراب العصافير!! [email protected] المزيد من أعمدة مرسى عطا الله