لا أنكر أننى كنت دوما من معارضي اتفاقية كامب ديفيد وفى الوقت نفسه لا أخفى أننى اليوم أعاود التفكير مرارا فى الأمر وهذا ليس عيبا فالإنسان كلما تقدم به العمر وتقدمت به المعرفة يدرك أشياء لم يكن يدركها من قبل وربما كان الفيصل فى تحديد موقفى وموقف غيري من الاتفاقية هو الإجابة عن هذا السؤال : هل كان بإمكان مصر مواصلة القتال على الجبهة وبالتالى عدم الحاجة إلى اتفاق سلام .؟ كثير من العسكريين يؤكدون أن مصر لم تكن تمتلك من السلاح ما يؤهلها لمتابعة الحرب وقد ذكر لى اللواء عبد المنعم سعيد رئيس هيئة عمليات القوات المسلحة سابقا أن روسيا لم تكن تقدم لمصر من الأسلحة سوي ما يكفيها للدفاع عن نفسها ولم يكن لدى مصر بعد العبور ما يمكنها من مواجهة إسرائيل وهو رأى يقول به الكثير من العسكريين . لكنى مع هذا لا أجد تفسيرا لإصرار السادات على زيارة إسرائيل دون أن تبدأ أية مفاوضات .. هل هى رغبته فى الاستعراض بزهوة النصر فى عقر دار عدوه أم أنها الرغبة فى إثبات حسن النوايا .لا أدرى لكن المؤكد فى النهاية أن السادات كان رجلا وطنيا لم يبع وطنه وناسه لإسرائيل كما فعل مبارك .وفى السياسة قد يصيب المرء أو يخطىء لكن يكفي الرجل أنه أذاق إسرائيل علقم الهزيمة وأنه أقلق منام جولدا مائيروعصابتها وجعلنا جميعا نرفع رؤوسنا . الشىء الجميل فى ذكرى انتصارات أكتوبر هذا العام هوأن المصريين عادوا يحتفلون بنصر أكتوبر احتفالا حقيقيا بعيدا عن مواكب النفاق من عينة "أول طلعة جوية فتحت باب الحرية "والحقيقة أنه من أحد أهم نتائج الثورة أنها رحمتنا من تلك الأغانى التى تختزل عرق وتضحيات أبناء مصر من جنود ومقاومة شعبية فى شخص واحد لا ننكر عليه دوره فى الحرب إلا أنه لم يكن صاحب النصر بمفرده .. . واليوم بعد مرور سنوات عديدة على رحيل السادات سيظل حيا فى قلوب المصريين وذاكرتهم .ورغم اتفاقنا واختلافنا معه فى السياسة فإن أحدا من المصريين لم يفكر مطلقا فى نزع اسمه من فوق شارع أو ميدان أو محطة مترو كما حدث مع مبارك الذي يرغب المصريون فى نسيان اسمه وفترة حكمه التى جلبت علينا مفاسد من الصعب أن تختفى بين يوم وليلة بعد أن أصبحت الرشوة مبدأ والنفاق أسلوب حياة والانتهازية من مكارم الأخلاق . لذا مات مبارك على قيد الحياة وعاش السادات حيا وميتا . [email protected] المزيد من مقالات سهير عبد الحميد