كسبت إيران خطوة نوعية فى الصراع مع إدارة ترامب، بعد أن أثبتت للعالم أن لديها تقنيات متطورة تستطيع أن ترصد الطائرات التى تحلق فى آفاق بعيدة، ولديها السلاح القادر على الوصول إليها، والطواقم المدربة على اصطياد مثل هذه الأهداف، وأهم من كل هذا أن لديها الجرأة على اتخاذ مثل قرار ضرب هذه الطائرة حتى إذا كانت أمريكية، وأن تنفذ القرار فوراً ودون تردد، مع التدقيق فى اختيار هدف محدد ضمن أهداف أخرى، بما يحقق لها مكسباً ويستبعد نتائج قد تتسبب لها فى نتائج أسوأ، فتجنَّبت طائرة أخرى مصاحبة على متنها 38 من أفراد الجيش الأمريكى، رغم أنها كانت فى مرمى النيران، وفضلت أن تصيب الطائرة المسيرة بلا قائد ولا ركاب، فحطمتها وقضت على سمعتها إنها أحدث وأعقد طائرة من نوعيتها وليس لها سوى ثلاث طائرات نظيرة! ولهذا آثار شعبية إيجابية داخل إيران تُحدّ من معاناة العقوبات القاسية. المُرَجَّح أن حرص الإيرانيين على حياة العسكريين الأمريكيين لا يُعبِّر عن تقدير حياتهم بقدر ما هو حساب دقيق يراعى مصلحة إيران فى أن تبدو قادرة غير مترددة على حماية حدودها وأجوائها الوطنية، وفى الوقت نفسه بما لا يصل إلى استفزاز ترامب أو ما قد يتسبب فى خلق أجواء تقبل من ترامب أن يتمادى بالتصعيد ضدها. يقول معلقون إيرانيون إن لديهم خبراء وطنيين درسوا فى أمريكا فى مجالات شتى، وليس العسكرية فقط، وأنهم يعرفون المجتمع الأمريكى جيداً، ويدركون بدقة آليات اتخاذ القرار هناك، وهؤلاء يقدمون لصانع القرار فى إيران أفضل البدائل بتفاصيل تبعات كل منها. وهم يعلمون جيداً أن أول هموم ترامب حالياً أن يفوز بمدة رئاسية ثانية، وأنه بادر بسياساته العدوانية ضد إيران ظاناً أن هذا يفيده انتخابياً، خاصة بإرضاء اللوبيات الصهيونية التى تعتبر إيران الآن أكبر خطر على إسرائيل! وأما بعد ضرب الطائرة المسيرة فإن ترامب هو الذى صار فى مأزق مع تعقيدات تكبله عن اتخاذ أى قرار قوى خشية التأثير على وضعه الانتخابى. لمزيد من مقالات أحمد عبدالتواب