هل زادت ما يُسمّونها جرائم الشرف عما كانت قبلاً حتى وصلت أخبارها إلى هذا الحد المخيف، أم أنها صارت تجد نشراً أوسع؟ ولماذا تنحصر هذه الجرائم ضد المرأة، ولا تمسّ الرجل حتى إذا نُسِب له أنه اقترف نفس الفعل؟ ولماذا، برغم التوصيف بأنها تمسّ الشرف، لا تطلق التسمية على جرائم أخرى تمس الشرف بقوة ويصل ضررها إلى المجتمع، مثل الاختلاس والرشوة ونهب المال العام واستغلال النفوذ، حتى إذا أكدّها القضاء فى أحكام نهائية؟ ولماذا لا تعتبر الأسرة نفسها طرفاً مُعتدَى على سمعته فى مثل هذه القضايا الأخيرة؟ ولماذا يُتاح للمدان فى الجريمة ضد المرأة حق الاستفادة من الظروف المخففة، بما ينطوى على التهوين من جريمته والحد من بشاعتها؟ ينبغى تجاوز اعتبارات كثيرة ما دام الدستور الذى ارتضيناه ينص على العمل على تأسيس دولة حديثة تخضع لسيادة القانون، حيث تحتكر الدولة وحدها مهام القضاء وتنفيذ الأحكام، وأن استيلاء أحد على هذه الصلاحيات هو عدوان على الدولة يُعاقَب عليه، وفى كل الأحوال فليس هناك إدانة دون حكم قضائى بعد محاكمة عادلة، ولا حكم إلا بنص تشريعى، وأن الدولة هى المنوط بها وحدها تنفيذ الأحكام. أما إبقاء هذه الأوضاع هكذا، فإضافة إلى الهمجية والفوضى، فإنه يُبقِى على ثغرة هائلة تمر منها جرائم بشعة تتستر وراء ما يتساهل فيه المجتمع! فلقد أثبتت بعض القضايا أن هناك مؤامرات تُحاك أحياناً لبعض النساء باختراع واقعة تبدو فيها المرأة وكأنها متلبسة بأفعال مشينة، بما يمكن لزوجها أو أحد من ذويها أن يعتدى عليها عدواناً جسيماً قد يصل إلى القتل! ثم تكشف التحقيقات براءتها تماماً وأن هناك دوافع أخرى وراء الجريمة، مثل رغبة زوجها فى حرمانها من حضانة الأطفال، وأحياناً جشع أسرتها وسعيهم للاستيلاء على الميراث..إلخ. مفهوم أن أسباب هذه الجرائم غائرة فى القدم، وأن روافد عديدة تتداخل فيها، ثقافية ودينية واجتماعية..إلخ، وأن علاجها يطول ويتطلب تضافر جهود كثيرة، ولكن يجب أن يكون البدء بالتشدد فى إنفاذ القانون بشكل عاجل. لمزيد من مقالات أحمد عبد التواب