أسهم ارتباك النظام العالمى، وتقلبه، فى إطالة أمد الأزمات المشتعلة فى عدد من البلدان العربية منذ بداية العقد الحالى. هكذا نظر التقرير الإستراتيجى العربى لعام 2018، فى افتتاحيته، إلى حال النظام العالمى من زاوية الأزمات العربية التى ركز عليها. وأرجع هذه الحال إلى أسباب منها السياسات الجديدة التى تنتهجها الإدارة الأمريكية الحالية، دون أن يُحملَّها منفردة المسئولية عن ارتباك النظام العالمى، وتقلبه. لكن مجلة الإيكونومست ذهبت إلى مدى أبعد، فى عددها الصادر فى 8 يونيو الحالى، إذ اعتبرت أن هذه السياسات تُمثَّل خطراً داهماً على النظام العالمى، وعلى الولاياتالمتحدة التى رأى كاتبو افتتاحية المجلة أنها ستدفع ثمن إساءة استخدام القوة الأمريكية الآن. عنوان الافتتاحية، والغلاف، مثير للانتباه، وهو أسلحة الارتباك الشامل Weapons of Mass Disruption. وفى هذه الافتتاحية، رؤية مركزة تثير التفكير والجدل، وتطرح أفكاراً مثل ما اسمته الاستخدام العدوانى للترسانة الاقتصادية الأمريكية، ووضع العلاقات مع دول كبرى على حافة الهاوية بطريقة لاعبى البوكر Poker-style brinkwonship، والقوة التى لا تقيدها قواعد، ولا يراجعها حلفاء. وكثيرة الشواهد التى ساقها كاتبو افتتاحية الإيكونومست فى هذا المجال. وهى كلها صحيحة، ويلاحظها المهتمون بالعلاقات الدولية، والاقتصاد العالمى. فقد عبأت الإدارة الحالية قدرات الولاياتالمتحدة الاقتصادية كلها، وليست العسكرية فقط، لاستخدامها على أوسع نطاق. ولذا، فهم يرون أن أسلحة الدمار الشامل لم تعد الخطر الكبير الوحيد فى عالمنا؛ لأن سياسة الإدارة الأمريكية التى تعبئ قدرات الولاياتالمتحدة وتجعلها أقرب ما تكون إلى ترسانة اقتصادية، صارت مصدر اضطراب شامل. ومن هنا التغيير الذى صكوه أسلحة الاضطراب الشامل، أى سياسات تشبه فى تأثيرها الأسلحة التى تؤدى إلى تأثير شامل فى النظام العالمى. وهذه فكرة مهمة جديرة بالتأمل. لكن فكرة حافة الهاوية على طريقة المقامرين قد تكون متعجلة؛ لأن إدارة الرئيس ترامب التزمت الحذر، وحسبت خطواتها، فى المرتين اللتين ذهبت فيهما إلى هذه الحافة، مع كوريا الشمالية، ثم مع إيران على الأقل حتى الآن. ولذا، سيكون التطور فى السياسة الأمريكية تجاه إيران فى الأيام المقبلة اختباراً عملياً لهذه الفكرة. لمزيد من مقالات د. وحيد عبدالمجيد