من حسن الحظ أن مصر استطاعت بعد 30 يونيو 2013 أن تتوصل إلى صحة الإدراك بحتمية مراجعة خطوط العمل السياسى وبنود التحرك الدبلوماسى ليكون فى إطار جد مختلف عما لحق بالأجندة المصرية من تشوهات فى ظل عواصف الفوضى التى دهمت مصر والمنطقة بعد أحداث يناير 2011.. وذلك من أجل توفير القدرة اللازمة لتغطية المسافة بين ظروف الواقع الراهن وتعقيداته وبين طموحات وتحديات المستقبل وضروراته. وسوف يذكر التاريخ لمصر قدرتها السياسية والدبلوماسية الفذة بعد 30 يونيو 2013 على قدرة الحركة فى المسرح الدولى من أجل استعادة دورها الفعال والحيوى والمؤثر، سواء على امتداد خريطة الدنيا بأسرها أو داخل منطقة الشرق الأوسط وفى سائر مناطق الانتماء الجغرافى والدينى والقومى، ليس بهدف أداء أدوار تتسلط عليها الأضواء وإنما لتأكيد فاعلية الدور المصرى المعبر عن دولة عريقة لها قيمة ولها وزن يستوجب الاعتراف من الجميع بقيمتها وقوة تأثيرها فى المشهد الدولى حتى يتحقق المدخل الصحيح والسليم لعلاقات صحيحة ومتوازنة لمصر مع سائر القوى العظمى، التى لا تقدم على مساعدة أو مساندة أى دولة إلا إذا أحست بقيمتها وفاعليتها على المستويين الإقليمى والعالمى.. وأظن أن الجولة الأخيرة للرئيس السيسى التى شملت بيلاروسيا ورومانيا تمثل عنوانا صادقا لملامح وأهداف السياسة الخارجية لمصر. والحقيقة أن أى نظرة منصفة لما تفعله مصر – بسياستها الواضحة ودبلوماسيتها الذكية – منذ 30 يونيو 2013 يؤكد أن الجهد المصرى ينطلق فى دوافعه الأساسية من إدراك صحيح لمدى وعمق التشابك بين مردودات السياسة الخارجية وانعكاساتها على إنجاز مهام التنمية والاستثمار والإصلاح الشامل فى الداخل، لأن أحد أهم أهداف التحرك السياسى والدبلوماسى خارج الحدود هو خدمة أهداف التنمية والتطوير والتحديث والإصلاح الشامل فى الداخل، بغية تحسين الأوضاع المعيشية للناس وتحقيق الاستقلال الاقتصادى للدولة وتحديث وسائل الإنتاج بالتوسع فى إدخال التكنولوجيا الحديثة الكفيلة بتحقيق الحلم المشروع فى تطوير الصناعة والزراعة وسائر الخدمات. وألخص ما قلت فى أن سياسة مصر ودبلوماسيتها لها عدة مفاتيح أهمها الإيمان بمبدأ اعتماد الدول على بعضها البعض، حيث لا يمكن لأى دولة أن تعيش بمعزل عن الآخرين لأن ما يحدث فى أى مكان – مهما بعدت المسافات – يؤثر على بقية العالم بأسره! هكذا يجيء فهمى لمعطيات ونتائج الجولة الرئاسية الأخيرة للسيسى التى شملت بيلاروسيا ورومانيا وما حوته من عناوين سياسية تستحق التوقف وتستحق الاهتمام! خير الكلام: لا يمتطى المجد من لم يركب الخطر! [email protected] لمزيد من مقالات مرسى عطا الله