الخسارة الثانية فى أقل من ثلاثة أشهر لممثل أردوغان فى انتخابات الإعادة فى اسطنبول جاءت أكثر إيلاماً، لأن الفارق اتسع مع الفائز إلى أكثر من 800 ألف صوت، بعد أن كان فقط نحو 13 ألف صوت فى انتخابات مارس، التى أصر أردوغان على إلغائها، وعلى الدخول فى مخاطرة إعادة الانتخابات دون أمارة قوية على إمكانية فوز ممثله. ولكن يبدو أن أردوغان كبَّل نفسه بمضمون مقولته الشهيرة إن من يكسب اسطنبول يكسب تركيا كلها، وعزّ عليه أن يأخذ الأتراك والعالم الخارجى بكلامه ويتعاملون معه على أنه خسر تركيا كلها. فجاءت النتيجة الأخيرة قبل يومين لتؤكد خسارته إسطنبول بعد أن سيطر عليها حزبه منذ 1994، بل إن حى أوسكودار الذى يقطنه حجب الثقة عن مرشحه! وكانت هذه أول انتخابات يخسرها منذ 2002!. كما علا نجم المنافس أكرم إمام أوغلو الذى كان قبل شهرين فقط مجرد مرشح فى الانتخابات البلدية يتحدث فى الشئون الداخلية والخدمية، ولكنه فى معركته الثانية، وبعد أن تبين له أن أردوغان بنفسه يدير معركة إسقاطه، راح يطرح بجرأة آراءه فى القضايا الوطنية العامة وفى العلاقات الخارجية والدولية، واتسعت دوائر مؤيديه بعد أن رأوا فيه إمكانية مواجهة أردوغان فى الانتخابات الرئاسية المقرر لها 2023، بل إن فوزه جعل البعض يطالب بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة. أظهرت تفاصيل هذه المعركة ونتائجها أن هناك أوضاعا جديدة تتشكل فى مواجهة أردوغان، منها انفضاض أعداد كبيرة من قواعده الجماهيرية عنه بسبب الأزمات الاقتصادية الناجمة عن سياساته، وكذلك رفض قطاعات عريضة من المثقفين لسياساته القمعية، وهناك أصوات تستنكر هيمنة فكر الإخوان وتحالفاتهم على القرار التركى، مع شكوى بعض رجال الأعمال من تسببه فى تراجع الليرة وفى عدم استقرار الأوضاع، كما تبين أيضا أن هناك تصدعات داخل حزبه..إلخ. ولم يدرك أردوغان أنه فضح بنفسه انتهاكه حياد اللجنة المسئولة عن الانتخابات باستصداره منها قرار إلغاء الانتخابات الأولى، وأن هذا استفزّ أعدادا كبيرة من المعارضين فشارك من غاب منهم عن الانتخابات الأولى. لمزيد من مقالات أحمد عبدالتواب