يبدو أن مدينة أوساكا اليابانية على موعد مع رياح حارة وصيف شديد السخونة لن تخفف من ناره الغرف المكيفة التى ستكون مصدرا للأجواء الساخنة من واقع الملفات المعقدة المقرر مناقشتها. وتتصدر هذه الملفات الحرب المشتعلة مؤخرا بين الولاياتالمتحدة والدب الروسى فيما يتعلق بسباق التسلح فى العالم وسعى كل خصم لفرض إرادته وشروطه لكسب نقاط، والفوز بغنائم سياسية وأرباح اقتصادية أكبر. واستغلالا لحدث «العشرين» السنوى يخطط الرئيس الأمريكى دونالد ترامب لإجراء اجتماعات ولقاءات سريعة منفصلة مع نظيره الروسى فلاديمير بوتين فى إطار المناورات لحسم التطورات فى مجال الأمن العالمى، وتحديد مصير معاهدة إزالة الصواريخ المتوسطة والقصيرة المدى على ضوء تهديدات واشنطن بالانسحاب منها، وصولا إلى تعطيل معاهدة «ستارت الجديدة» الأمريكية - الروسية المبرمة منذ عام 2010. وتراهن أمريكا على ابتزاز الروس بورقة هذه المعاهدة وتقويض طموحها العسكرى، فضلا عن اعتبار هذا البند مدخلا للمساومة على قضايا أخرى حيوية عالقة بين واشنطن وموسكو كالأزمة السياسية فى فنزويلا والصراع حول سوريا والنزاع المحتدم داخل أوكرانيا. وبعد أن امتزجت الحرب الأمريكية الروسية بسلاح العقوبات التجارية، تقاطعت معاركها مع الأزمة التركية، عندما اتجهت البوصلة الروسية نحو شهوة الرئيس التركى رجب طيب أردوغان لتوسيع صفقاته العسكرية، وأغرته بشراء أنظمة «إس- 400» الصاروخية الدفاعية من روسيا، وهو المشهد الذى استفز الإدارة الأمريكية ودفعها لتصعيد الحرب التجارية ضد أنقرة.. ومن ثم بات ملعب «العشرين» الفرصة الأخيرة لجلوس ترامب وأردوغان إلى مائدة واحدة لتسوية الموقف وتهدئة التوتر.أما التنين الصينى فيحظى بنصيب وافر من المناقشات فى أروقة «العشرين» فى ظل تصاعد معركة تكسير العظام بين واشنطنوبكين، بدأت بالحرب التجارية وانتهت بأزمة مجموعة الاتصالات الصينية العملاقة «هواوي»، ويستعد ترامب لجولة جديدة من المفاوضات الثنائية مع نظيره الصينى شى جين بينج على هامش اجتماعات القمة لإنهاء حالة الصراع التجارى بين البلدين التى بلغت ذروتها مع التهديد بفرض رسوم جمركية إضافية على السلع الصينية ب 267 مليار دولار إذا فشل الطرفان فى إبرام صفقة جديدة خلال القمة، ويراهن الجميع على لقاء ترامب وبينج فى حدوث انفراجة تنقذ العالم. ولن تمر «العشرين» دون التطرق إلى الملفات النووية وبحث تطورات صفقاتها السياسية لضبط إيقاع نظام التسلح سواء لأغراض سلمية أو لمزيد من الانتشار وتصنيع الصواريخ العسكرية فى سباق توسيع النفوذ فى العالم بأسره، وتسود التوقعات بإجراء مباحثات خاصة بين بكينوواشنطن لتسوية النزاع حول ترسانة كوريا الشمالية النووية. ويتقاطع خط كوريا الشمالية مع تداعيات المشهد الإيرانى ومؤشرات انهيار الاتفاق النووى الذى تم توقيعه عام 2015، على ضوء عدم اعتراف ترامب بتفاصيله وبنوده، ثم الضغط على طهران وأوروبا لتمزيق ورقته إلى الأبد.. وبالتالى تعد قمة العشرين فرصة ملائمة ومُلحة للتوصل إلى حل حاسم والقبول بتنازلات من كل طرف لتمرير الاتفاق الضامن للشراكة التجارية الشاملة بين دول أوروبا وإيران، انطلاقا من أن هذه الشراكة بإمكانها تجديد الأمل والدماء فى شرايين الاقتصاد الإيرانى وعلاج مظاهر التصدع الداخلى فى الاتحاد الأوروبي. هكذا ستغرق غرف «أوساكا» المغلقة فى حوارات مطولة وجدل مفتوح بشأن قضايا بالغة الحساسية بطلها الرئيسى ترامب الحالم بولاية رئاسية ثانية يستكمل بها ما بدأه من مشوار وضربات استباقية على مدى 3 أعوام، وتتعدد الوجوه على مائدة «المساومات والابتزاز» أمام الرئيس الملياردير.. والكل يتطلع إلى نتائج وثمار فى «صيف أوساكا» الملتهب!.