ضاعت على مصر فرص الاستفادة من 30 عاماً ثمينة بدَّدها حكم مبارك، كان يمكن أن تُثمر مئات المشروعات الأساسية، فى مجالات الاستثمار والتعمير والصحة والتعليم والبحث العلمى وفى بناء ديمقراطية حقيقية..إلخ. وكانت الظروف مهيأة فى ظل أجواء السلام وتدفق المنح والقروض، ومع بدايات عاقِلة من المعارضة بإعفاء مبارك من المسئولية عن كل القضايا الخلافية مع السادات، ومناشدته القيام بالإصلاحات التى عاند فيها السادات، ثم تبين أن مبارك كان يراوغ عندما أبدى تفهمه ووعد بالمضى قدماً فى تحقيق المطلوب، وأنه كان يهدئ أصوات المعارضة حتى يتمكن من ترتيب أوضاعه والتنسيق مع أعداء الإصلاح، وكان لهم الحاضنة حيث انطلقوا ليرتعوا فى نهب منظم سهله لهم بتمكينهم من الأراضى وبمنحهم التراخيص وبتوفير القروض وبتسخير جهاز الدعاية لمصلحتهم ولتشويه من يعارضهم، وكل هذا فى ظل منظومة من التشريعات التى تضفى الشرعية على انتهاكاتهم وتشرعن لهم الإفلات من المساءلة، فإذا صارت الفضائح أكبر من أى قدرة على الإخفاء جرى تهريبهم إلى الخارج من قاعة كبار المسافرين..إلخ. لهذا، فقد صارت الحالة ملحة الآن إلى فرق من الباحثين ليقوموا بإحصاء القرارات طوال عهد مبارك التى صدرت لهذه الفئة ممن سموا أنفسهم رجال أعمال، ودراسة عوائدها، وماذا عاد عليهم، وكم عدد من أفلتوا إلى الخارج، ومن تستر عليهم النظام برغم الأدلة الفاقعة..إلخ. وحتى إذا استبعدتَ مشروعات النهضة الكبرى التى كان يحلم بها الشعب والتى ما كان لمبارك ورجاله أن يفكروا فيها أو أن يهتموا بها، وحتى إذا تواضعت توقعاتك، فقد كان يمكن فى إطارها أن يتغير شكل مصر الآن، إذا كان مبارك أبدى جدية فى القضاء على العشوائيات، وبدأ بمثل مشروعات أسمرات وغيط العنب وروضة السيدة ومثلث ماسبيرو وسور مجرى العيون..إلخ، وكان يمكنه أن يحل مشكلات القمامة والضوضاء وغيرها! ولكن النقيض هو الذى وقعت فيه مصر طوال تلك السنين، بالسماح لسرطان العشوائيات، وبالتآلف مع جبال القمامة، وبالترحيب بملايين الميكروفونات تدمر أعصاب المواطنين! فكانت الثورة ضده علامة صحة للوعى الشعبى العام. لمزيد من مقالات أحمد عبدالتواب