إذا أردت أن تعرف كيف يرى الرئيس ترامب العالم، تأمل هذه العبارة التى قالها أخيرا: أصبحنا مثل البنك الذى يرغب كل شخص فى سرقته ونهبه. البنك هو أمريكا والراغبون فى السرقة بقية العالم. ورغم أن اقتصاديين أمريكيين كبارا أكدوا مرارا أن بلادهم المستفيد الأكبر من النظام العالمى الاقتصادى السائد منذ الحرب العالمية الثانية، وأن المساعدات والامتيازات التى تمنحها لدول عديدة عادت بالفائدة على اقتصادها وعلى نفوذها كقوة عظمي، فإن ترامب لديه يقين بأن بلاده بقرة حلوب دأب كثيرون على سرقة لبنها، وآن الأوان لوقف هؤلاء اللصوص والنهابين. ومن هنا جاءت حربه التجارية ليسترد بعض ما سرقه العالم على حد زعمه ويعيد لأمريكا عظمتها من جديد، والتى أضاعها الرؤساء المتعاقبون جمهوريين وديمقراطيين. أطلق ترامب الشرارة بادئا بالاتحاد الأوروبى ثم كندا والمكسيك وكوريا الجنوبية واليابان وغيرها. بعض الدول كالمكسيك انصاعت لأوامره وقدمت التنازلات، فتمت تسوية الخلافات سريعا. ولم تكن الصين لقمة سائغة فجاء العقاب أشد، وجرى رفع التعريفات الجمركية المفروضة على سلعها من 5% إلى 10 إلى 15 ثم 25% لتتكبد 200 مليار دولار، وفى الطريق عقوبات ب 300 مليار أخري. أحدث ضحية لحرب استرداد المسروق الترامبية، الهند التى حرمها من ميزة المعاملة التفضيلية التى كانت تعفى بعض سلعها من الرسوم الجمركية، واتهمها بإعاقة دخول السلع الأمريكية إليها، لترد نيودلهى قبل يومين بفرض رسوم على السلع الأمريكية تصل إلى 70% مع ملاحظة أن حجم التبادل التجارى بين البلدين 142 مليار دولار. مشكلة ترامب اعتقاده أن قضيته عادلة وأن الآخرين ليسوا إلا حرامية، ولا يجب عليهم الرد أو الشكوى إذا حاول استرداد ما نهبوه، ولذا تراه يحذر الدول من مغبة الرد على عقوباته مهددا بإجراءات أشد صرامة. ومن عجب، أن ترامب يفتخر دائما بأن إحدى أكبر مميزاته هى قدرته التفاوضية وعقد الصفقات. وقد مارس ذلك مرارا عندما كان رجل أعمال، ليتضح أن معنى الصفقة بالنسبة له، أن يكسب دائما وليذهب الآخرون للجحيم. [email protected] لمزيد من مقالات عبدالله عبد السلام