على الرغم من أننى لست وفديا، لا بل وأصطدم بسياسات وطروح وفدية، كما أننى ابن لرسام عملاق كان معظم تراثه المرسوم يهاجم فى روزاليوسف زعماء ورموز الوفد ويسخر منهم بإمعان ويمهد وسط الرأى العام لاستقبال حدث ثورة 23 يوليو عام 1952، فإننى أعرف قيمة حزب الوفد كوكيل شعبى عن الأمة، ارتبط بمقاومة الاحتلال والسعى نحو الحرية والاستقلال.. أرسل لى الصديق هانى سرى الدين سكرتير الوفد كتابا فخيما بعنوان (الثورة الأم.. سجل وثائقى مصور لأبرز أحداث ثورة 1919 ونتائجها) وأعتقد أن هذا الكتاب جدير بالاهتمام لأن توثيق بعض المعلومات التاريخية هو أمر أصبح ضروريا قبل أن نفاجأ بأن تاريخ مصر صار حكايات ومؤامرات إسراء وسناء وعلاء ومجموعة فلول يناير الذين تصوروا ومعهم الإخوانجية والبرادعاوية والأناركية أن بمقدورهم اختطاف مصر وتغيير تاريخها وهكذا كادوا يفعلو فى 2011، وللأسف انجرف إلى ذلك التيار وفديون كثر، وأذكر أننى دخلت فى نقاش وقتها مع أحد قيادات الوفد وكان يتصور أن ما يجرى تمرد شعبى كبير، وقلت له: الإخوان وبعض قادة الجماعات الأهلية الممولين من الخارج هم الذين يقودون الشارع.. كتاب الوفد يتعرض للمرحلة بين ثورة 1919 وثورة 1952، وهو حدث وفدى كبير يُحسب لصالح اسم المستشار بهاء الدين أبو شقة زعيم الوفد والدكتور هانى سرى الدين سكرتير الحزب المتميز ويُعلم حدث مرور مائة عام على ثورة 1919بشكل يحفظ وقائعها ويثبتها فى أذهان شباب لا يعرف شيئا عن تاريخ وطنه.. الكتاب هو وثيقة نادرة ومهمة للحياة الاجتماعية والثقافية والاقتصادية قبل السياسية والتغيير الذى طرأ عليها وقت ثورة 1919، وهو يكون جملة تتغلب على الانقطاع التاريخى الذى كاد يلاشى سيرة كيانات كبيرة مثل الوفد، ويجعل من المنطقى إذا نهضت هذه الأحزاب من جديد أن تصل إلى ما انقطع ويكون ظهورها مسنودا بوقائع أيام لها تاريخ.. كتاب (الثورة الأم) ليس عملا سياسيا أو حزبيا فحسب ولكنه إنجاز ثقافى مهم، وأشير لفصل (نون الحرية) فى الكتاب الذى رصد مظاهر التحرر الاجتماعى للنساء التى صاحبت ثورة 1919 على نحو رائع.. فضلا عن عشرات الصور والوثائق النادرة التى خرجت به عن دائرة (العمل الحزبى) إلى دائرة (العمل القومى). لمزيد من مقالات د. عمرو عبدالسميع