أطالع باهتمام الإعلانات المنشورة فى الصحف وفى وسائل الاتصال الاجتماعى، باعتبار أنها تسهم فى إطلاعى على حال البلد والمجتمع، ومن جانب آخر تعزز اقتناعى بأن هناك ضرورة لإعادة النظر فى حجم الفجوة المروعة بين الأغنياء الموسرين والفقراء المدقعين. وقد وجدت أخيرا إعلانات عن قصر فى بقعة معينة بالساحل الشمالى (غرب إسكندرية)، ويتكون القصر من تسع غرف نوم بالحمامات + 3 رسيبشن + غرفة طعام + غرفة معيشة + سينما وحمام سباحة وجاكوزى وجراج خاص يسع 9 سيارات + غرف سائقين وغرف للمربيات (النانى) + 1300 متر حديقة خاصة.. ولكن المهم فى كل تلك الهلمة هو أن سعر إيجار القصر 80 ألف جنيه فى الليلة الواحدة بشرط أن أقل مدة للإيجار هى أسبوع.. ولا أجد أمامى ما أقول سوى (زغردى يامن لست بغرمانة) إذ كيف يمكن لمواطن مصرى أنفق سنوات عمره فى تحصيل العلم والانخراط فى العمل أن يتقبل موقعا يجبر عليه فى تلك الحياة التى يدفع فيها أحد الأثرياء إلى أحد الأثرياء الآخرين 80 ألف جنيه فى مقابل قضاء ليلة واحدة فى ذلك القصر الأسطورى، كيف يمكن للمواطن المصرى العادى أن يفهم تواضع مكانه ومكانته أمام ذلك البذخ المجهول المصدر الذى يحيط به، ما هو نوع الأسئلة المصطخبة والوجودية التى تدور برأسه، وأحدها بالقطع عن الطريق الذى كان ينبغى عليه أن يسلك فى حياته حتى يستطيع أن يجارى أولئك الأثرياء ويسحب على نفسه رداء نسبيا من (المواطنة الاجتماعية) التى تشعره بأنه جزء من فصيل الشعب المتخم بالثراء حوله، وأرجو ألا يردنى أحد إلى كلام عن أن ثراء الأثرياء هو منحة من السماء أو نتيجة شطارة أصحابه، فهذا كلام فارغ يعرف الجميع أنه لتبرير مصادر الثروة المجهولة أو الهروب العبقرى من سداد الضرائب أو غسل الأموال وطمس منابعها.. نحن نعيش فى بلد تتسع فيه الفجوة بين الأثرياء والفقراء، ونحن حين ننادى باتخاذ إجراء يتعلق بمواجهة هذا الوضع, أكرر, فإننا نفعل لحماية النظام الرأسمالى وليس من منطلقات شيوعية أو ناصرية ورغبة انتقامية فى المصادرة والتأميم. لمزيد من مقالات د. عمرو عبدالسميع