فضلت أن أكتب عنه وحده.. هذا المثل الدءوب الموهوب الذى مثل كثيرا جدا فى الثمانينيات والتسعينيات، وبلغ الآن درجة من النضج سمحت له بهذا الظهور المتميز فى مسلسل (كلبش3)، هو أحد النماذج الجادة التى تفهم أن الفن هو صناعة ثقيلة وأن إفشاء المشاعر الإنسانية الحقيقية أهم كثيرا من استعراض مهارات الأداء، ولقد ظهر أحمد عبدالعزيز فى دور اللواء جلال خطاب فى المسلسل فكانت مشاعره التى نجح فى أدائها مزيجا بين الحنو على ضباطه والمتدربين الأمنيين والحزم الضرورى لإنجاز المهام الأمنية الخطيرة التى تعرض لها المسلسل والألم الشديد الذى يعانيه نتيجة إصابته بمرض السرطان، وقد أدى أحمد عبدالعزيز هذا الخليط بحرفية وتمكُن وكان نجما لامعا بالتمثيل وبالتمثيل فقط، وليس بالاصطناع والاتشاح بسمات النجومية وإحاطة نفسه بشلل التهليل التى جعلت من تزييف وعى الجمهور صناعة وعلما ومن رمضان بالذات فضاء لترويج ادعاءات مثل أن مسلسلا بعينه هو أفضل مسلسل، وأن ممثلا هو الأروع وأن موسيقارا هو الأكثر موهبة وغيرها مما احترفه بعض النقاد لمصلحة بعض جهات الإنتاج أو بعض الممثلين، لكن أحمد عبدالعزيز كان دائما بعيدا عن ذلك كله، وظل يبنى حضوره حجرا فوق حجر بصبر شديد حتى بلغ تلك الدرجة من الإجادة.. وفى سياق الحديث عن بطل مميز لمسلسل كلبش إن المسلسل نفسه كان الوحيد الذى أشعرنا إن وقائعه ونجومه يرتبطون ببلد فى حالة حرب، وأنا لا أقول أن المسلسلات يجب أن تمتلئ بمشاهد الحرب والضرب، لكن بالقطع ينبغى أن تحتوى إشارات لمثل ذلك الوضع الاستثنائى ولا تظهر بمثل الانفصال الذى شاهدناه فى رمضان، الذى انجرف كثير من الفنانين فى تياره ليقدموا لنا أعمالا جعلتنى أردد جملة الفنان عادل إمام: (نحن فى زمن المسخ).. أحمد عبدالعزيز ومجموعة الفنانين الذين قدموا (كلبش) انحازوا لموضوع فنى يخدم الواقع ولا ينفصل عنه ليقدم مسلسلات تناقش مسائل تافهة ويسود تشكيلها الدرامى حتى قدر هائل من (اللكلكة) وتبدو كأن نصوصها سطرت (بقفا الإيد) وباستسهال وإهمال وعدم إدراك وبمنطق ملء العلب ومنتج ومكسج واطبع.. لم يعد المشاهد مجبرا على مشاهدة تلك الأعمال وإنما ينصرف إلى أعمال لها علاقة بواقعه وإلى فنانين جادين مثابرين كأحمد عبدالعزيز. لمزيد من مقالات د. عمرو عبدالسميع