هذه المعالجة الخبرية ومتابعاتها تصلح وسيلة إيضاح لكيفية تضليل الرأى العام بطرق متعددة!. فقد نشر موقع قناة أخبار دولية شهيرة فور تسلم مصر الإرهابى هشام عشماوى هذا العنوان: «مصر تتسلم المعارض البارز هشام عشماوى..إلخ!»، فكان ردّ الفعل سريعاً من روّاد الموقع الذين استاءوا من أن يصير هذا الإرهابى العتيد معارضاً بارزا فتراجع الموقع وأجرى تعديلا بعنوان يقول: «مصر تتسلم هشام عشماوى أحد أهم المطلوبين المتهمين بالإرهاب!». وقال الموقع صراحة: «قمنا بتعديل العنوان الأصلى للخبر من خلال تصحيح توصيف المدعو هشام عشماوى. نأسف لهذا الخطأ الذى لا يعكس قطعاً الخط التحريري..إلخ». وهناك ملاحظات كثيرة، منها هذا التحرز فى صياغة التصويب، تستراً وراء الحياد الإعلامي، لأن أحد واجبات الإعلامى الملتزم بالحياد، بل وبما يدعم حياده، أن يذكر التفاصيل للجمهور، أو يشير إليها، سواء المعلومات المستترة أو القديمة التى قد تكون سقطت من الذاكرة، وهو ما يسميه الإعلاميون «فقرة التذكرة»، بمثل أن يُقال: وجدير بالذكر كذا. أو: والمعروف كذا. أو: وكان الشخص المذكور كذا. أو حتى أنه نُسِب إليه كذا..إلخ. وفى حالة عشماوى بالذات، فإن سجله مملوء بما كان يجب أن يُقال عن جرائم مروِّعة فى سيناء وفى الصحراء الغربية وفى القاهرة، وراح ضحاياها جنود من الجيش والشرطة، وشخصيات كبيرة مثل النائب العام هشام بركات..إلخ، ولم يكن ذكر كل هذا يخل بحياد الموقع ناشر الخبر، ما دام كان ملتزما بنسبة المعلومات إلى مصادرها. الملاحظة الثانية هى أنه ليس بالضرورة أن من قرأ الخبر فى صياغته الأولى تابع التصويب! بما يعنى أن الأثر المترتب على الصيغة التى أعلن الموقع نفسه رفضه لها قد بقى لدى بعض الجمهور غير العليم بالحقائق! وهذه طريقة يعتمد عليها كثير من المدلسين فى عالم الإعلام، بل إنهم يتعمدون اللجوء إليها فى حالات كثيرة، منها محاولتهم تشويه إنجاز كبير يتابعه الجمهور، فيدسّون مادتهم التى يفبركونها بأنفسهم أو يتلقفونها من آخرين. وكان خبر تسلم مصر الارهابى هشام عشماوى ضربة كبرى أزعجتهم بشدة. لمزيد من مقالات أحمد عبدالتواب