من بين أهم دروس التاريخ أن عوامل القوة فى أى مجتمع ترتبط ارتباطا وثيقا بمدى القدرة على حسن قراءة الواقع وكيفية التعامل معه بكل العقل والموضوعية ومن هنا يجيء اعتقادى بأننا يمكن أن نسترد بعض أوراق القوة فى مصر إذا نجحنا فى تعديل وتغيير أرقام المعادلة السكانية وضبطها ضبطا صحيحا يتفق مع السقف المتاح لنا لتعديل وتطوير أرقام العديد من المعادلات الاقتصادية والاجتماعية الموازية. وإذا كان بعض تجار الشعارات الذين يتمسحون فى الدين يقولون إن الزيادة السكانية تمثل قوة إضافية للأمم والشعوب فإن ذلك مجرد افتراض ربما يجوز قبوله بالنسبة للدول الغنية التى لا تعانى اختلالا بين الموارد المحدودة والزيادة السكانية الرهيبة بمثل ما هو الحال فى بلادنا التى تزداد فيها الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية تراجعا وتفاقما تحت رايات الزيف والتضليل التى تستهدف عرقلة خطوط وبرامج ترشيد الزيادة السكانية، ومن ثم تتعرقل وتتعثر خطوات برامج التنمية وتصبح معها الزيادة السكانية خطرا وليس مجرد عبء! وهنا لابد من أن نصارح أنفسنا وأن نعترف بأن غول الزيادة السكانية الذى ارتفع بعدد سكان مصر من نحو 20 مليون نسمة مع قيام ثورة 23 يوليو عام 1952 إلى ما يزيد على 100 مليون الآن كان كفيلا بابتلاع كل الجهود التنموية التى بذلت خلال ال 70 عاما الأخيرة، ومن ثم دخلت مصر إلى مناطق الخطر خصوصا فى مجال الأمن الغذائى حيث ازدادت الفجوة الغذائية اتساعا مما دفع مصر إلى محاولة سد الاحتياجات الغذائية عن طريق الاستيراد بتكلفة عالية ابتلعت معظم موارد مصر من العملات الحرة بدلا من توجيه هذه الموارد فى الاتجاه الصحيح لخدمة متطلبات التنمية والاستثمار. وأظن أنه لا يغيب عن فطنة أحد أن هناك ارتباطا وثيقا بين تفاقم مشكلة البطالة بالتوازى مع الزيادة السكانية الرهيبة التى تعانى منها مصر.. وما لم نعيد قراءة المعادلة السكانية بدقة وأن نحسن التعامل معها بحكمة واقتدار بعيدا عن الفتاوى المغلوطة لتجار الشعارات الذين يتمسحون فى الدين فإننا قد نجد أنفسنا فى زمن غير بعيد أمام كارثة اجتماعية واقتصادية لا ينبغى للمصريين أن يسمحوا بها! مصر بحاجة إلى وقفة مع الخطر ترتكز إلى الصدق فى مكاشفة النفس بحقائق الأمور فى جميع المجالات دون أى رتوش وبالذات فى مسألة مخاطر الزيادة السكانية التى تمثل أكبر تهديد لما يتحقق الآن من إنجازات تنموية وعمرانية يرى فيها الرئيس السيسى أنها ركيزة البناء الصلب لمصر الجديدة التى نحلم بها جميعا. خير الكلام: اعتقد ما تشاء ولكن إياك أن تفقد بوصلة الاتجاه الصحيح! [email protected] لمزيد من مقالات مرسى عطا الله