الرهان على «انتصارات» الخارج هو السبيل الأسرع للحفاظ على القمة وتجنب مرارة الهزيمة.. ففى الهند لعبت المعارضة على وتر المواطن الهندى وما يعانيه من أزمات اقتصادية واجتماعية، بينما سار التحالف الحاكم فى الاتجاه المضاد وسعى إلى استقطاب الشعب بعدة «صفقات سياسية». أول ملفات الخارج قضية كشمير المفجرة للصراع التاريخى بين الهند وباكستان، واستثمر مودى وحزبه الحاكم «بهاراتيا جاناتا» حادث مقتل 40 هندياً شبه عسكريين فى كشمير فى 14 فبراير الماضى، لتغذية النزعة القومية لدى الهنود، وانتعشت هذه القضية كورقة انتخابية لحشد التأييد، حيث يرى خبراء معنيون باستطلاعات الرأي، أن مودى وحزبه عملا علي تصدير صورة «القائد الحاسم القوى» أمام الناخب الهندى لحماية الأمن الوطنى للبلاد فى مواجهة التحدي الباكستانى، ومن هنا يخطط حزب «بهاراتيا» لضرب المعارضة المتمثلة فى حزب المؤتمر بقيادة راهول غاندي، والترويج بأنها تفتقد إلى الوطنية والحرص على مصلحة الدولة وحدودها، فى حين أن النظام الحالى الأكثر دفاعا عن هذا «الخط الأحمر». ملف آخر تنشط فيه الحكومة الهندية لكسر الاحتكار الأمريكى للفضاء بنجاحها فى اختبار إطلاق صاروخ مضاد للأقمار الاصطناعية، والذي يدور حول الأرض على بعد 300 كيلومتر، وتعاطى نظام «مودى» مع هذا الملعب باعتباره «سلاحا» لابد من تطويره لمنافسة القطب الأمريكى فى هذا المجال من ناحية، و«رسالة» للشعب الهندى بأنه يعيش فى كنف دولة سلام تتمتع بطموح ضخم وقدرة هائلة على حجز مقعدها فى نادى الفضاء الخارجى وما ينجم عن ذلك من طفرة نووية وتحقيق أرباح اقتصادية وسياسية من هذا الباب. ولعل التحرك الهندى فى هذا الاتجاه يفسر الضوء الأخضر الذى أعطته الإدارة الأمريكية لبيع الهند 24 طائرة هليكوبتر مضادة للغواصات «إم إتش - 60 آر»، وهو ما يُمكِّن الهند من تقوية مركزها فى المحيط الهندى ورفع مستوى مواجهتها للنفوذ الصينى. ومن هذا المنطلق، أكدت الخارجية الأمريكية أن هذا الإجراء يعزز السياسة الخارجية والأمن القومى للولايات المتحدة، عن طريق المساعدة في تعزيز العلاقات الاستراتيجية الأمريكيةالهندية. وتحسين أمن شريك رئيسى فى مجال الدفاع.. وهكذا تسعى أمريكا إلى ترويض الهند بمنطق الصداقة والشراكة ليصب فى مصلحة مودى وجماعته وحساباتهم الانتخابية. وإمعانا فى توظيف القوى الناعمة الخارجية لحصد نسبة مريحة فى الانتخابات، ظهر الطرف السعودى فى المعادلة الهندية، من خلال توقيع 5 اتفاقيات ومذكرات تفاهم بين البلدين بعد اجتماع الأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي ورئيس وزراء الهند مودي، بقصرحيدر أباد فبراير الماضى، وإعلان الرغبة فى خلق فرص عمل واستثمارات سعودية فى نيودلهى بأكثر من 100 مليار دولار خلال عامين. وهو مايعد مدخلا قويا للناخب الهندى وإقناعه بأن الحزب الحاكم يحمل الخير الوفير للبلاد ويستحق عن جدارة الاحتفاظ بالسلطة وتجديد العقد مع حكومة مودى، بينما برنامج تحالف المعارضة يفتقد إلى الرؤية الواضحة، ومازال أسيرا للشعارات البراقة والوعود الوهمية.