أربعة أخبار مرت علينا مرور الكرام, لا أعرف لماذا. فى أمريكا، قرر موقع فيسبوك حظر عدد من كبار مستخدميه بسبب «خطورة آرائهم ومعتقداتهم»! سي.إن.إن ذكرت أن قائمة المطرودين من «نعيم» الفيسبوك ضمت لويس فاراخان زعيم ما يسمى «أمة الإسلام»، المعروف عنه استخدامه لغة توصف فى أمريكا بأنها «معادية للسامية». من بين المحظورين أيضا شخصيات يمينية متطرفة، مثل أليكس جونز، المعروف عنه إيمانه الشديد بنظرية المؤامرة، وآخرون غيره. الحظر يشمل وقف حسابات هؤلاء على فيسبوك والمنصات التابعة له، بما فيها إنستجرام. سي.إن.إن, نقلت عن متحدث باسم فيسبوك تفسيره لهذا التصرف من جانب الموقع بأنه محاولة للحد من الترويج للعنف أو الكراهية. المتحدث قال إن الموقع يجرى عملية تقييم شاملة ودقيقة لتحديد الشخص «الخطر» من وجهة نظرهم الذى ينبغى حظره، أو طرده. أنصار الحريات فى أمريكا انتفضوا، ولكن «ما حدش عبرهم»، فقبل سنوات، خرج علينا من قال إن الإنترنت كالماء والهواء، وحق أساسى من حقوق الإنسان فى عصر العولمة لا يجوز حظره أو منعه، ولكن على أرض الواقع، ،بعد ما فعلته فيسبوك، يمكنكم بسهولة أن «تبلوا هذا الكلام وتشربوا ميته»! .. نذكركم بأننا نتحدث عن أمريكا! الخبر الثانى من فرنسا، فقد استدعى جهاز المخابرات هناك ثلاثة صحفيين لنشرهم تقريرا سريا عن السلاح الفرنسى المستخدم فى حرب اليمن. شبكة «فرانس «24 ذكرت أن الصحفيين مدانون بنشر تقرير مصنف «سرى للغاية» يتضمن اتهامات صريحة لفرنسا بمسئوليتها الأخلاقية عن سقوط عشرة آلاف قتيل فى اليمن. «بتوع» حرية الصحافة اعترضوا وامتعضوا وهاجوا وماجوا، لأنه لا يجوز فى فرنسا, بلد الحريات و»مش عارف إيه» استدعاء صحفيين للتحقيق، ولكن «ولا الهوا»، فالقانون قانون، ودواعى الأمن القومى فوق كل اعتبار، وفى النهاية، الصحفيون سيخضعون للاستجواب يوم 14 الحالى، وسيكونون مطالبين بالكشف عن مصدر تسريب التقرير السرى الذى كانت قد أعدته جهات سيادية فرنسية لعرضه على ماكرون، وفى حالة إدانتهم سيواجهون عقوبة بالسجن، خاصة أن الشاكى وزارة الدفاع، يعنى باختصار، الصحفيون الثلاثة «راحوا فى الكازوزة»، ولن تنفعهم نقابة ولا جبهات ولا تيارات ولا حنجورية السوشيال ميديا... ونذكركم بأننا نتحدث عن فرنسا! وفى تركيا، أصدر القضاء حكما بالسجن على 11 طبيبا بسبب توجيههم «انتقادات»، مجرد انتقادات، إلى العدوان العسكرى التركى على سوريا. راديو «مونت كارلو» ذكر أن القضاء التركى حكم بالسجن 20 شهرا على الأطباء المنتمين إلى نقابة أطباء تركيا، وهى أكبر نقابة مهنية فى البلاد، بعد أن أدينوا بتهمة التحريض على الكراهية والعدائية، لتوجيههم انتقادات صريحة للعمليات العسكرية التى شنتها أنقرة ضد المقاتلين الأكراد فى سوريا عام 2018، ولكن الطريف أن الأطباء المدانين لم يتهموا الجيش التركى بارتكاب مذابح، أو بالتهجير القسري، أو بفبركة عمليات إرهابية، ولكن كل ما فعلوه أنهم أصدروا بيانا فى نقابتهم قالوا فيه: إن الحرب هى «أزمة صحة عامة من صنع الإنسان».. وبس، وطبعا أردوغان هاجم نقابة الأطباء بشدة بعد هذا التصريح، واتهمها بمحاباة الإرهابيين، ووصف الأطباء عموما بأنهم «مجموعة من العبيد المغيبين، وفى خدمة الإمبريالية، وبالتالي، لم يجرؤ القضاء التركى على أن يقول بم» لسيده، فتحرك سريعا للتنكيل بالأطباء! .. ونذكركم بأننا نتحدث عن تركيا التى ما زال لها للأسف «مجاذيب» كثيرون فى بلادنا! أما الخبر الرابع فهو من روسيا، إذ صدر قانون جديد بإنشاء إنترنت «روسى» خاص يستطيع العمل بعيدا عن الإنترنت العالمي. موقع «فوربس» الاقتصادى قال إن بوتين وقع على قانون إنشاء الإنترنت «الخصوصى» تحسبا لأى تهديدات محتملة تأتى من جراء استخدام الإنترنت العادى ب«سيرفرات» بياناتها متاحة ومكشوفة لطوب الأرض. طبعا منظمات الصحافة وحقوق الإنسان، ووسائل إعلام غربية مثل صحيفة فاينانشال تايمز، هاجمت الخطة الروسية، وقالت إن الهدف منها قمع الحريات، ولكن بوتين كالعادة «ودن من طين وودن من عجين»، وواضح أنه مصمم على الاقتداء بالصين، التى تملك «فيسبوك» صينيا، و«جوجل» صينيا، و«يوتيوب» صينيا، أفضل من الأصلي، وأكثر أمانا، ويصعب التجسس عليه! .. أترك لكم التعليق على هذه الأخبار.. ولكن من الواضح أن الصراع بين «الحريات» و»الأمن القومي» حسم «من زمان»، ولم يعد موجودا إلا فى عقول نخبنا فقط! لمزيد من مقالات هانى عسل