أستاذ تراث: يعود للقرن السادس عشر.. ومدير الآثار: ليس مسجلاً أثرا ودعت مدينة الإسكندرية حمام الدهب التراثى الذى يقارب عمره خمسة قرون، لينضم إلى قائمة طويلة من الحمامات التى لم تسجلها وزارة الآثار واستمرت فى حيازات خاصة، فتحول عدد منها إلى أطلال وطُمست معالمها وتعدى المقاولون على عدد آخر منها، ولم يتبق منها سوى حمام المصرى بمنطقة المنشية الذى يعانى هو الأخر من الإهمال. أخرجت اللجنة الدائمة للآثار الإسلامية والقبطية فى عام 2012 «حمام الدهب» من تعداد الآثار، وجاء فى محضر المعاينة أن الحمام المذكور يقع برقم 57 شارع صلاح الدين قسم العطارين، وأنه يحتفظ بتخطيطه المعمارى الأصلي، لكنه يعانى الإهمال، وامتلاء معظم أجزائه بالمخلفات، وهو مدرج بجدول المبانى التاريخية الواردة فى قائمة الحفاظ على المبانى والمناطق التراثية، ونظرًا لإهماله الشديد يتم إخراجه من تعداد الآثار. نجح مالك المبنى فى الحصول على حكم قضائى باستخراج رخصة هدم بحسب تصريحات سابقة من مسئولى حى وسط- وهو ما مكنه من هدم المبنى التاريخى فى نهاية المطاف. عرفت الإسكندرية الحمامات العامة منذ إنشائها عام 332 ق.م على يد الإسكندر الأكبر وخلال العصور الهلينستية والرومانية، ولعبت فى العصور الإسلامية دورًا بارزًا فى الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية إلا أن عددها انحسر بانحسار السكان والعمران فى المدينة، حتى إنه فى أواخر العصر العثمانى لم يتعد عددها أصابع اليد طبقًا لتقدير «جرتيان لوبير» أحد علماء الحملة الفرنسية 1798. وأدى نمو المدينة فى القرن التاسع عشر وزيادة السكان والامتداد العمرانى إلى زيادة عدد الحمامات العامة بشكل ملحوظ، ولكنها ارتبطت فقط بمناطق الإعمار الجديدة فى وسط «المدينة القديمة»، ومن الغريب عدم انتشارها فى المنطقة المأهولة والتى عرفت باسم المدينة التركية «حى الجمرك حاليًا» وفى الغالب لأن هذه المنطقة لم يكن من السهل تغذيتها بالمياه، كذلك لم يعرف وجود حمامات عامة بمنطقة الرمل ما عدا حمامات البحر التى بدأت تنتشر نتيجة ازدياد أعداد الجاليات الأجنبية واستخدامها حمامات البحر كإحدى وسائل الترفيه. يؤكد الدكتور إسلام عاصم، مدرس التاريخ الحديث والإرشاد السياحى ونقيب المرشدين السياحيين السابق، ان الإسكندرية لم يكن متبقيا بها سوى حمامين فقط أحدهما مسجل أثرا وهو «الحمام المصرى» فى منطقة ميناء البصل، والآخر «حمام الدهب» الذى لم يكن مسجلاً أثرا، رغم أهميته ووجود شواهد تؤكد أهمية الحمام الذى يعود إلى القرن السادس عشر على أقل تقدير. ويضيف «عاصم» فى تصريحات خاصة لجريدة الأهرام، أن هناك كتابا صادرا عن مكتبة الإسكندرية عن حمامات المدينة، مرفقا به وثائق مهمة عن «حمام الدهب»؛ توضح أن شخصية مهمة فى العصر العثمانى تعرضت للاغتيال داخل هذا الحمام، وحوادث أخرى تاريخية مرتبطة به، وهو ما يعنى أنه كان لابد من المحافظة عليه. ويوضح «عاصم» ان الحمامات كانت تنشأ بهدف التطهر والنظافة، كما أنها منتدى اجتماعى واقتصادى وسياسى يلتقى فيه الأصدقاء يناقشون الموضوعات المختلفة ويتبادلون وجهات النظر فى الأمور السياسية والأحداث اليومية. وكان يستخدم فى بعض الأحيان لتصفية الخلافات والصراعات السياسية بين بعض الأمراء وتنفيذ الاغتيالات السياسية. ويتابع «وكان بمنزلة مركز تجميل، ومؤسسة صحية إذ له دور كبير فى علاج كثير من الأمراض وبصفة خاصة الأمراض الجلدية، بالإضافة إلى دوره غير المباشر فى نظافة الحى فكان يتم جمع القمامة لاستغلالها وقودا لتسخين المياه، مشيرًا إلى أن التردد على الحمامات كان مفتوحًا لكلا الجنسين الرجال والنساء، على الرغم من الجدل الذى دار بين الفقهاء حول حرمة ذهاب النساء إلى الحمامات، وكانت بعض الحمامات تخصص أوقاتًا للرجال وأخرى للنساء. من جانبه؛ يؤكد محمد متولي، مدير عام الآثار الإسلامية والقبطية واليهودية فى منطقة الإسكندرية والساحل الشمالي، إن الحمام ليس مسجلاً أثرا ولا يتبع وزارة الآثار، وبالتالى لا يخضع لقانون حماية الآثار 117 الصادر عام 1983 ، مشددًا على أن الحمام الأثرى الوحيد المسجل فى المدينة هو حمام المصرى الكائن بمنطقة المنشية.