هل الخميس المقبل إجازة رسمية؟.. الموعد الرسمي لعطلة عيد تحرير سيناء 2024    توريد 798 طن قمح لصوامع وشون القليوبية    بايدن يدرس إرسال أسلحة جديدة بأكثر من مليار دولار لإسرائيل    «بلاش استفزاز».. نجم الأهلي السابق يحذر كولر من مشاركة موديست    بالأسماء.. إصابة 23 شخصا في حادثين منفصلين بالمنيا    ضبط عاطل استولى على أموال المواطنين بحجة تسفيرهم لأداء الحج والعمرة في القليوبية    علاج صداع الجيوب الأنفية في المنزل بطرق بسيطة ..تعرف عليها    بث مباشر.. نقل شعائر صلاة الجمعة من مركز منوف بمحافظة المنوفية    رئيس حزب الاتحاد: أمريكا تواصل دفاعها الأعمى عن الاحتلال وتتجاهل حق الشعب الفلسطيني    سلطنة عمان تدين الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة في المنطقة    استقرار الخضراوات والفاكهة اليوم الجمعة.. البطاطس ب 12 جنيهًا    قبل مواجهة مازيمبي| الأهلي يشكر سفير مصر في الكونغو    تشكيل النصر المتوقع أمام الفيحاء.. غياب رونالدو    كاسيميرو: أنشيلوتي بكى بعد قرار رحيلي عن ريال مدريد    مصر تجدد قلقها تجاه التصعيد الإيراني الإسرائيلى وتحذر من عواقبه    "الطاقة المستدامة": مصر تنتهي من تنفيذ 80% من محطة طاقة بنبان الشمسية    الحكومة توضح حقيقة قرار عودة عمل الموظفين بنظام ال«أون لاين» من المنزل أيام الأحد    عاجل.. وفاة الفنان المصري صلاح السعدني    تعرف على موعد إجازة شم النسيم 2024 وعدد الإجازات المتبقية للمدارس في إبريل ومايو    100 سنة غنا.. تجارب سابقة وإضافات جديدة: كواليس حفل علي الحجار فى الليلة الثانية    أسعار الحديد والأسمنت اليوم الجمعة.. عز ب 46 ألف جنيه    قافلة طبية مجانية لفحص وعلاج أهالي «سيدى شبيب» شرق مطروح.. السبت المقبل    ارتفاع أسعار الدواجن اليوم الجمعة في الأسواق (موقع رسمي)    "الزمالك مش أول مرة يكسب الأهلي".. إبراهيم سعيد يهاجم عمرو الجنايني    ميرنا نور الدين تخطف الأنظار بفستان قصير.. والجمهور يغازلها (صورة)    بسبب سرعة الرياح.. وقف رحلات البالون الطائر في الأقصر    الإسكان: 900 حملة لمنظومة الضبطية القضائية للتأكد من المستفيدين لوحداتهم السكنية    إدخال 119 شاحنة مساعدات إلى غزة عبر معبر كرم أبو سالم    20 مدرسة فندقية تشارك في تشغيل 9 فنادق وكفر الشيخ وبورسعيد في المقدمة    إصابة جنديين إسرائيليين بجروح جراء اشتباكات مع فلسطينيين في طولكرم بالضفة الغربية    ألونسو: مواجهة ريال مدريد وبايرن ميونخ ستكون مثيرة    مخرج «العتاولة» عن مصطفي أبوسريع :«كوميديان مهم والناس بتغني المال الحلال من أول رمضان»    "التعليم": "مشروع رأس المال" بمدارس التعليم الفني يستهدف إكساب الطلاب الجدارات المطلوبة بسوق العمل    أزمة نفسية.. تفاصيل إنهاء فتاة حياتها بحبة الغلة في أوسيم    طلب إحاطة لوزير الصحة بشأن استمرار نقص أدوية الأمراض المزمنة ولبن الأطفال    وزير المالية يعرض بيان الموازنة العامة الجديدة لعام 2024 /2025 أمام «النواب» الإثنين المقبل    «التوعوية بأهمية تقنيات الذكاء الاصطناعي لذوي الهمم».. أبرز توصيات مؤتمر "تربية قناة السويس"    توقعات الأبراج اليوم الجمعة 19 أبريل 2024.. «الدلو» يشعر بصحة جيدة وخسائر مادية تنتظر «السرطان»    الدولار على موعد مع التراجع    «العشرية الإصلاحية» وثوابت الدولة المصرية    مجلس الناتو-أوكرانيا يعقد اجتماع أزمة حول الدفاع الجوي في كييف    أخبار الأهلي : موقف مفاجئ من كولر مع موديست قبل مباراة الأهلي ومازيمبي    أحمد كريمة: مفيش حاجة اسمها دار إسلام وكفر.. البشرية جمعاء تأمن بأمن الله    مخرج «العتاولة»: الجزء الثاني من المسلسل سيكون أقوى بكتير    شريحة منع الحمل: الوسيلة الفعالة للتنظيم الأسري وصحة المرأة    فاروق جويدة يحذر من «فوضى الفتاوى» وينتقد توزيع الجنة والنار: ليست اختصاص البشر    مسؤول أمريكي: إسرائيل شنت ضربات جوية داخل إيران | فيديو    محمود عاشور يفتح النار على رئيس لجنة الحكام.. ويكشف كواليس إيقافه    والد شاب يعاني من ضمور عضلات يناشد وزير الصحة علاج نجله (فيديو)    الجامعة العربية توصي مجلس الأمن بالاعتراف بمجلس الأمن وضمها لعضوية المنظمة الدولية    سكرتير المنيا يشارك في مراسم تجليس الأنبا توماس أسقفا لدير البهنسا ببني مزار    بسبب معاكسة شقيقته.. المشدد 10 سنوات لمتهم شرع في قتل آخر بالمرج    جريمة ثاني أيام العيد.. حكاية مقتل بائع كبدة بسبب 10 جنيهات في السلام    دعاء السفر كتابة: اللّهُمّ إِنّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ وَعْثَاءِ السّفَرِ    دعاء للمريض في ساعة استجابة يوم الجمعة.. من أفضل الأوقات    دعاء الضيق: بوابة الصبر والأمل في أوقات الاختناق    نبيل فهمي يكشف كيف تتعامل مصر مع دول الجوار    شعبة الخضر والفاكهة: إتاحة المنتجات بالأسواق ساهمت في تخفيض الأسعار    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مبادرة الحزام والطريق وتعزيز مكانة الصين

عقدت أخيرا قمة مبادرة الحزام والطريق التى تستضيفها الصين، وذلك فى إطار عدد من الفاعليات الدولية التى تنظمها بكين فى الكثير من المجالات ارتباطاً بتلك المبادرة المهمة، والتى تأتى القمة بالطبع على قمتها، ولكنها تمتد لتشمل العديد من مناحى الحياة ذات الصلة والتأثير فى عالم اليوم والتى تمس حياة البشر اليومية ما بين التجارة والاقتصاد والسياسات النقدية والطاقة والنقل والمواصلات والاستثمار فى البنية التحتية، بل وامتدت أيضاً إلى نطاق عريض لتشمل مجالات التبادل الثقافى والفنى على تنوعها واتساع دائرتها، وكذلك ميادين التعليم والبحث العلمى والتطور التكنولوجى والابتكار والإبداع بمجالاتها المختلفة، فعلى سبيل المثال يعقد فى توقيت قريب من توقيت القمة مؤتمر عالمى فى سياق نفس تلك المبادرة حول موضوعات الملكية الفكرية والإبداع، كما تعقد أيضاً دورة جديدة من دورات مهرجان بكين الدولى للسينما مع وجود محور خاص بدول مبادرة الحزام والطريق. والمقصود بالحزام هو الطريق البرى القديم لمبادرة تجارة الحرير، بينما المقصود بالطريق الطريق البحرى المستخدم تاريخياً فى إطار نفس فاعليات تلك المبادرة.
ويجب أن نأخذ فى الاعتبار أن مبادرة الحزام والطريق هى واحدة من سلسلة ممتدة وغزيرة من المبادرات الطموح التى تبنتها الصين منذ انفتاحها على العالم الخارجى بشكل متزايد فى عقد الثمانينيات من القرن العشرين، وتهدف جميعها من جهة إلى إحياء أهمية الصين ودورها المحورى التاريخى فى النظام العالمى فى ذاكرة الجميع، داخل وخارج الصين، ولكن أيضاً من جهة ثانية فلها هدف إثبات الدور الصينى الفعال والنشط على الساحة العالمية فى وقت أجبرت فيه ظروف داخلية أو إقليمية أو دولية دولاً أخرى من المفترض أن يكون لها دائماً حضورها اللافت على الساحة الدولية على خفوت هذا الدور أو الهدوء، بل وحتى الانزواء، ولو مؤقتاً، عن المشهد العالمي، ومن جهة ثالثة لهذه المبادرات أيضاً هدف رئيسى يكمن فى إحداث المزيد من تعزيز المكانة الصينية، سواء على الساحة العالمية، أو على الساحات الإقليمية ذات الصلة، خاصة، ولكن ليس فقط، على الصعيد الآسيوي. ومن هذه المبادرات على سبيل المثال مبادرة أخرى كان لمصر دور مهم فى مشاورات الصين لإطلاقها فى عام 1999، وهى مبادرة الصين / إفريقيا، والتى استضافت مصرأحد مؤتمرات القمة الخاصة بها فى مطلع الألفية الثالثة، كما ترأستها مصر أيضاً، بالمشاركة مع الصين، فى تلك المرحلة.
وقد انطلقت مبادرة الحزام والطريق للمرة الأولى فى عام 2013 وهدفت إلى الاستفادة من مشروع طريق الحرير الشهير الكامن فى الذاكرة الصينية والآسيوية والعالمية، وهو مشروع يعود زمنياً وفق بعض التقديرات إلى نحو ألف عام مضى، وجرت من قبل محاولات جادة لإحيائه فى نهايات الربع الأول من القرن التاسع عشر. وتشمل المبادرة نحو سبعين دولة، منها من البلدان العربية مصر والسودان بالإضافة إلى غالبية البلدان العربية الواقعة فى قارة آسيا، وبما يغطى نحو 65% من سكان العالم كله، وكذلك يشمل نحو 40% من الناتج القومى الإجمالى لبلدان العالم ككل، وتهدف إلى تعزيز التبادل التجارى بين الصين والدول المشمولة بالمبادرة والتمهيد لإقامة تحالفات اقتصادية وتجارية فيما بينها، وبالفعل تحقق ارتفاع ملموس فاق ال 15% فى إجمالى قيمة ما تقوم الصين بتصديره للدول الشريكة معها فى المبادرة وارتفاع آخر يقترب من 30% لو أرادت الصين من تلك البلدان، كذلك عمدت المبادرة إلى اعتماد اليوان الصينى كعملة لتغطية المبادلات التجارية فيما بين الدول الأعضاء فى المبادرة، وكذلك لتمويل الاستثمارات، خاصة فى قطاعات البنية التحتية، فى تلك الدول وهو الأمر الذى لا شك أنه يعزز المكانة الدولية للعملية الوطنية الصينية.
ويجب أن نعى أنه بالتأكيد أيضاً فللمبادرة، وبجانب أبعادها الاقتصادية وغيرها البادية بوضوح للعيان، أهداف جيو استراتيجية عديدة، فبدايةً فالصين تعى وزنها التاريخى فى العالم ودورها فى إثراء مسيرة الحياة الإنسانية على مدى قرون، خاصة عبر بوابة حضارتها القديمة، وما أسهمت به بشكل خاص فى تقدم الفكر الإنسانى وتطور علوم أساسية مثلت محور الازدهار للبشر على مدى قرون مثل الفلسفة وغيرها، بل إن الفضل للحضارة الصينية القديمة، بجانب الحضارة الفرعونية وحضارات بلاد ما بين النهرين فى اختراع الكتابة الذى بالتأكيد مثل ثورة نوعية آنذاك فى حياة الإنسان، وهى كلها أمور ترى الصين أن تأثيرها العالمى خفت لفترات بعد ذلك، ولأسباب داخلية وخارجية مختلفة ومتعددة ومتنوعة، ولكنها حريصة على استعادة الوهج كاملاً وعدم ترك أى فرصة لتأكيد مسعاها لتتبوأ مقعد الصدارة فى مختلف مناحى التقدم الإنساني.
الأمر الآخر الذى يتعين الالتفات إليه هو أن جزءًا مهماً ومكوناً رئيسياً لكل المبادرات الصينية تجاه العالم الخارجى فى العقود الأربعة الماضية هو تقدير حسابات موازين القوة والتفكير الخاص بالعلاقات والتفاعلات والمنافسات الاستراتيجية مع أطراف وبلدان وتكتلات أخرى موجودة وفعالة ونشيطة فى العالم، سواء على الصعيد الدولى أو على الأصعدة الإقليمية، فى آسيا بصفة عامة، أو فى شرق وجنوب شرق آسيا بشكل أكثر تحديداً، فالصين مازالت طرفاً فى خلافات ذى طابع جيو استراتيجي، خاصة فى جوارها الإقليمى مثل خلافات حول حدود بحرية وملكية جزر فى بحر الصين الجنوبى مع كل من اليابان وفيتنام والفلبين، كما أن حساسيات قديمة وموروثة لها تأثيرها على علاقاتها مع اليابان، وهى معنية بشكل مباشر بالشأن الكورى ويمس أمنها القومى ما يحدث من تطورات فى شبه الجزيرة الكورية ومن تفاعلات بينها وبين العالم الخارجي، كذلك توجد علاقات مركبة لها مع روسيا ذات محطات تاريخية مهمة، بالإضافة إلى علاقاتها الشديدة التعقيد والتنوع مع كل من الولايات المتحدة الأمريكية من جهة وأوروبا من جهة أخرى، ويجب حساب كل ذلك وأخذه بعناية فى الحسبان عندما توجد مبادرات صينية تهدف إلى بناء شبكة قوية من العلاقات والتحالفات الصينية مع أكبر عدد ممكن من دول العالم، بهدف إيجاد شبكة مصالح متبادلة قوية تكون أرضية صلبة لتبادل الدعم والتأييد فى المواقف والمحافل التى يحتاج كل طرف فيها إلى عون ومساندة الأطراف الأخرى الشريكة فى نفس البناء المؤسسى الدولى أو الإقليمي, وهكذا تتبدى بوضوح أهمية مبادرة الحزام والطريق الصينية وجذورها التاريخية البعيدة والقريبة، وبواعثها ودوافعها فى المرحلة التاريخية الراهنة، بالإضافة إلى الأهداف المتوخاة من وراء إطلاقها والعمل المستمر على تطويرها وتوسيع مسارها من الجانب الصينى بغرض تعظيم مردودها الإيجابي، كذلك يظهر جلياً ارتباطها بالكثير من الاعتبارات الجيو استراتيجية التى تهم الجانب الصينى على الأصعدة الإقليمية المتعددة ذات الصلة وأيضاً على الصعيد العالمي.
لمزيد من مقالات د. وليد محمود عبدالناصر


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.