سعر الريال السعودي بالبنوك اليوم الثلاثاء 23-4-2024 في البنوك    بعد هبوط سعر الفراخ البيضاء.. أسعار الدواجن اليوم الثلاثاء 23-4-2024 وكرتونة البيض الآن    وول ستريت تتعافى وارتفاع داو جونز 200 نقطة وخروج S&P500 من دائرة الخسارة    أسعار الحديد اليوم الثلاثاء 23- 4 - 2024 في الأسواق    أخبار العالم| إيران: نأسف لقيود الاتحاد الأوروبي.. استشهاد فلسطيني واعتقال آخر بواسطة الاحتلال.. غضب طلابي في جامعات أمريكية بسبب غزة    ماليزيا.. تصادم طائرتين هيليكوبتر وسقوط 10 قتلى    موجة شديدة الحرارة تضرب مصر اليوم.. نصائح مهمة من «الأرصاد» لمواجهتها    أزمة لبن الأطفال في مصر.. توفر بدائل وتحركات لتحديد أسعار الأدوية    بالأرقام.. تفاصيل توزيع مخصصات الأجور في الموازنة الجديدة 2025 (جداول)    مشاهدة بث مباشر مباراة أرسنال ضد تشيلسي في الدوري الإنجليزي الممتاز 2024    45 دقيقة تأخير بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الثلاثاء 23 أبريل 2024    مصرع عامل غرقًا بمياه الترعة في سوهاج    مُسن يطلق النار على عامل بسوهاج والسبب "مسقى مياه"    مي عمر تعلق على ردود فعل الجمهور على دورها بمسلسل «نعمة الأفوكاتو»    حظك اليوم برج الميزان الثلاثاء 23-4-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    بدرية طلبة تشارك جمهورها فرحة حناء ابنتها وتعلن موعد زفافها (صور)    نيللي كريم تظهر مع أبطال مسلسل ب100 وش.. وتعلق: «العصابة رجعت»    الإفتاء: لا يحق للزوج أو الزوجة التفتيش فى الموبايل الخاص    مصر تستهدف زيادة إيرادات ضريبة السجائر والتبغ بنحو 10 مليارات جنيه في 2024-2025    مصرع عامل دهسه قطار الصعيد في مزلقان سمالوط بالمنيا    رسميا.. التعليم تعلن مواصفات امتحانات الترم الثاني لطلاب الصفين الأول والثاني الثانوي    إزالة 14 حالة تعد بمركز ومدينة التل الكبير بمحافظة الإسماعيلية    اتحاد الكرة يوضح حقيقة وقف الدعم المادي لمشروع «فيفا فورورد»    لبنان.. شهيد جراء قصف طيران الجيش الإسرائيلي سيارة في محيط بلدة عدلون    الرئيس البولندي: منفتحون على نشر أسلحة نووية على أراضينا    ملتقى القاهرة الأدبي.. هشام أصلان: القاهرة مدينة ملهمة بالرغم من قسوتها    اعتقال متظاهرين مؤيدين لفلسطين في عدة جامعات أمريكية (فيديو)    نجاة طفل تشبث أسفل قطار مسافة 100 كيلومتر    أستاذ مناعة يحذر من الباراسيتامول: يسبب تراكم السموم.. ويؤثر على عضلة القلب    إجازة كبيرة للموظفين.. عدد أيام عطلة شم النسيم 2024 للقطاعين بعد ترحيل عيد العمال    بلينكن ينفي "ازدواجية المعايير" في تطبيق القانون الأمريكي    التحديات والتطورات: نشاط داعش في آسيا الوسطى وتأثيره على الأمان والاستقرار    لدعمهم فلسطين.. أسامة كمال يُحيي طلاب جامعة كولومبيا    رئيس الوزراء يهنئ وزير الدفاع بعيد تحرير سيناء سيناء    بعد وفاته في تركيا، من هو رجل الدين اليمني عبد المجيد الزنداني؟    بشرى سارة لجمهور النادي الأهلي بشأن إصابات الفريق    عاجل.. صفقة كبرى على رادار الأهلي الصيف المقبل    نصائح مهمة لمرضى الجهاز التنفسي والحساسية خلال الطقس اليوم    اتحاد عمال مصر ونظيره التركي يوقعان اتفاقية لدعم العمل النقابي المشترك    الكونجرس يشعر بالخطر.. أسامة كمال: الرهان على الأجيال الجديدة    إمام عاشور مطلوب في التعاون السعودي.. والأهلي يوافق بشرط    خلال ساعات العمل.. أطعمة تجعل الجسم أكثر نشاطا وحيوية    علي هامش انعقاد مؤتمر الاتحاد العربي.. 11 دولة عربية في ضيافة النقابة العامة للغزل والنسيج بالقاهرة    عامر حسين: الأهلي احتج على مشاركة حارس الاتحاد السكندري    «فلسطين توثق المجازر».. فعاليات متعددة في رابع أيام مهرجان أسوان (تعرف عليها)    عبدالجليل: دور مدير الكرة في الأهلي ليس الاعتراض على الحكام    الشرطة تداهم أوكار الكيف.. سقوط 85 ديلر مخدرات في الإسكندرية    لجنة الانضباط تستدعي الشيبي للتحقيق معه في واقعة الشحات| تفاصيل جديدة    علي جمعة عن سبب تقديم برنامج نور الدين: ربنا هيحاسبني على سكوتي    "بأقل التكاليف"...أفضل الاماكن للخروج في شم النسيم 2024    علي جمعة: منتقدو محتوى برنامج نور الدين بيتقهروا أول ما نواجههم بالنقول    مستدلاً بالخمر ولحم الخنزير.. علي جمعة: هذا ما تميَّز به المسلمون عن سائر الخلق    دعاء في جوف الليل: اللهم اجمع على الهدى أمرنا وألّف بين قلوبنا    مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 23 أبريل في محافظات مصر    مصرع شخص وإصابة 2 في تصادم 3 تريلات نقل بالوادي الجديد    «لخلافات قديمة».. مشاجرة بالأعيرة النارية بين عائلتين بالفتح وإصابة شخصين في أسيوط    الإفتاء: التسامح في الإسلام غير مقيد بزمن أو بأشخاص.. والنبي أول من أرسى مبدأ المواطنة    طريقة عمل كيكة البرتقال، باحترافية في البيت بأقل التكاليف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«بريطانيا الغدارة» تخيف أوروبا
نشر في الأهرام اليومي يوم 22 - 04 - 2019

«قرارهم الأول كان الذهاب فى عطلة»... بكثير من الضيق وعدم التصديق قال جاى فيرهوفشتات، أحد كبير مفاوضى الاتحاد الأوروبى فى ملف البريكست، معلقاً على قرار نواب البرلمان البريطانى أخذ إجازة عيد الفصح من 12 أبريل وحتى 23 أبريل الحالى. وأمام البرلمان الأوروبي، الذى لم يأخذ عطلة ويستعد حالياً لانتخاباته المقررة بين 23 و26 مايو المقبل، قال فيرهوفشتات بنبرة سخرية واستياء «ستهدر بريطانيا الفرصة مجدداً، وستضيع الوقت»، وذلك بعدما وافق الاتحاد الأوروبى فى 10 أبريل الحالى على تأجيل جديد لبريطانيا حتى أكتوبر المقبل لحل الخلافات الداخلية وتمرير اتفاقية البريكست.
وربما فقد فيرهوفشتات الثقة فى قدرة نواب البرلمان البريطانى على التعامل بحصافة مع «الوقت»، لكنه يأمل فى أن يكون «الخوف» من أن يحقق «حزب البريكست» الجديد بزعامة نايجل فاراج مكاسب لافتة على حساب «العمال» و«المحافظين»، هو الحافز الأخير لدفع رئيسة الوزراء تيريزا ماى وزعيم المعارضة جيرمى كوربين للمضى قدما فى مفاوضاتهما من أجل إيجاد حل مقترب للبريكست ينال دعم غالبية نواب الحزبين، ما يفتح الطريق لتمرير اتفاق البريكست فى البرلمان البريطانى قبل نهاية يونيو، لتجنب إرسال بريطانيا نواباً للدورة الجديدة فى البرلمان الأوروبى والتى تبدأ مطلع يوليو المقبل.
ووسط التصفيق قال فيرهوفشتات: :«لذلك، ولم أكن أعتقد مطلقًا أننى سأقول هذا فى حياتي، لكن ربما الشيء الوحيد الذى يمكن أن ينقذنا هو نايجل فاراج»، ناصحاً حزبى العمال والمحافظين التوصل إلى اتفاق «فى الأيام المقبلة لتجنب هذه الكارثة الوشيكة»، أى أن يكون غالبية نواب بريطانيا فى البرلمان الأوروبى فى دورته الجديدة من الداعمين ل «بريكست خشن.
وهذا سيناريو محتمل جداً، ليس فقط لأن الكثير من أنصار البريكست انضموا إلى «حزب البريكست» يجوبون البلاد طولاً وعرضاً لنيل الدعم وسط ميزانية كبيرة جداً، بل أيضاً لأن بعض نواب حزب المحافظين الحاكم يرفضون خوض غمار الحملة الانتخابية لانتخابات البرلمان الأوروبى «انتقاماً» من تيريزا ماى بسبب تأجيلها البريكست مرتين، وشعورهم بأن أقصر طريق للإطاحة بها ستكون عبر هزيمة مدوية لحزب المحافظين فى الانتخابات ما قد يجبرها على الاستقالة.
شر لابد منه
مشاركة بريطانيا فى الانتخابات المقبلة للبرلمان الأوروبى هو «شر لابد منه» بالنسبة للاتحاد الأوروبي. فإذا فشلت بريطانيا حتى نهاية يونيو فى تمرير اتفاق للبريكست، سيكون عليها أن ترسل نوابا للبرلمان الأوروبى، وهذا شئ يريد رئيس مجلس أوروبا دونالد تاسك أن «نتعامل معه على محمل الجد، لأن أعضاء البرلمان الأوروبى الممثلين لبريطانيا سيكونون هناك لعدة أشهر، وربما لفترة أطول».
لكن بريطانيا، قد لا تكون «عضواً بناء» خلال الأشهر المقبلة، بل على الأرجح ستكون «عنصر هدم». وهذا ليس تصوراً متشائماً، هذا ما هدد به عدد من كبار نواب حزب المحافظين، بعضهم مرشح محتمل لخلافة ماي.
فالنائب البارز فى حزب المحافظين وأحد أقوى مؤيدى البريكست مارك فرنسوا هدد الأسبوع الماضى أنه إذا منح الاتحاد الأوروبى مهلة إضافية لتيريزا ماى واضطرت بريطانيا لإرسال نواب للبرلمان الأوروبى فإن بريطانيا ستعود «قوة غدر» من جديد، قائلاً لقادة أوروبا: «إذا حاولتم التمسك بنا ضد إرادتنا، ستواجهون «ألبيون الغدار» فى لمح البصر. وبالتالى سيكون من الأفضل لنا جميعاً أن يسير كل منا فى طريقه بروح من الاحترام المتبادل».
هذا التهديد عززه اعلان النائب البارز فى حزب المحافظين جاكوب ريس موج ووزير الخارجية السابق بوريس جونسون أن بريطانيا إذا ظلت عضواً فى الاتحاد خلال الأشهر المقبلة فإنها يجب أن «تقوض» المشروعات الأوروبية وتلعب «دورا تخريبيا» لمنع تمرير ميزانية الاتحاد الأوروبى أو مشروعات تعزيز الاندماج الأوروبي.
و«ألبيون الغدار» (Perfidious Albion) هو تعبير أوروبى «تحقيري» له تاريخ طويل يعود للقرن الثالث عشر ويستخدم فى سياق العلاقات الدولية للإشارة إلى علاقات معقدة جداً بين بريطانيا والأوروبيين، حيث كان ملوك بريطانيا، منذ العصور الوسطى يُتهمون بالازدواجية، والخيانة من قبل القوى الأوروبية الأخرى بسبب تكرار نكوص ملوك بريطانيا عن وعودهم لنظرائهم الأوروبيين فى ممالك اسبانيا وفرنسا وألمانيا وهولندا والبرتغال فى حالات السلم والحرب لتحقيق المصالح الذاتية البريطانية.
و«ألبيون»، وهو الاسم التاريخى القديم لبريطانيا ولا يزال يستخدم فى بعض الأحيان للإشارة للمملكة المتحدة، تعود جذروه ربما إلى المنحدرات الصخرية البيضاء فى مضيق دوفر فى جنوب شرق إنجلترا، المواجه لفرنسا، والتى كانت أول ما يراه الأوروبيون القادمون إلى بريطانيا.
وفى عظة لأسقف فرنسى تعود للقرن السابع عشر يقول:«إنجلترا...يا غدر انجلترا. يقيها من الرومان فقط أسوار المحيط الذى يحميها». أما الكاتب المسرحى الفرنسى أوغسطين لويس دى زيمينيس فكتب فى 1793 يقول: «دعونا نهاجم ألبيون الغدار فى عقر مياهه».
وتعود المساهمة الفرنسية الواضحة فى استخدام التعبير مراراً وتكراراً على مر التاريخ إلى أن فرنسا عانت «الغدر السياسي» البريطانى فى لحظات تاريخية حاسمة. ففى الأيام الأولى للثورة الفرنسية 1789، عندما كانت الثورة تهدف إلى إقامة نظام ملكى دستوري، نظر الكثيرون فى بريطانيا العظمى إلى الثورة بحياد. لكن بعد الإطاحة بملك فرنسا لويس السادس عشر وإقامة نظام جمهورى وإلغاء الملكية، تحالفت بريطانيا مع غيرها من ممالك أوروبا ضد الثورة فى فرنسا من أجل القضاء عليها وإعادة النظام الملكي، ما عزز من سمعة «الغدر» و«الخيانة» التى التصقت ببريطانيا منذ العصور الوسطى.
ولاحقاً تم استخدام التعبير من قبل الصحفيين الفرنسيين كلما كانت هناك توترات بين فرنسا وبريطانيا، على سبيل المثال استخدم التعبير بكثافة أثناء التنافس على المستعمرات فى إفريقيا أو العالم العربي. كما أستخدمه الألمان خلال التوترات البريطانية الألمانية بين 1871 و1918. وعلى المنوال نفسه استخدم الروائى الإسرائيلى عاموس عوز مصطلح «ألبيون الغدار» لوصف ممارسات الانتداب البريطانى على فلسطين ووعد بلفور لمنح اليهود وطنا قوميا فى فلسطين على حساب الشعب الفلسطيني.
وربما كانت بريطانيا تأمل أن تكون تلك الصورة المفجعة عنها قد تراجعت إلى سراديب التاريخ، لكن الحقيقة أن البريكست أعادها بقوة من جديد للمشهد الأوروبي.
رداً على التهديد بأن تعود بريطانيا «قوة غدر»، قال دونالد تاسك إن الاتحاد الأوروبى «لن يستسلم للخوف والتخويف» حول احتمال أن تكون بريطانيا قوة تخريبية فى التكتل الأوروبى أثناء التمديد الحالي، معرباً عن أمله أن تواصل بريطانيا دوراً بناء فى الاتحاد خلال مرحلة المفاوضات.
لكن المعضلة أن لا شىء فى مسار البريكست يسير وفقاً للمنطقى أو المعقول. فكابوس الاتحاد الأوروبى هو زعيم جديد على رأس الحزب الحاكم على غرار بوريس جونسون أو دومنيك راب أو مايكل جوف. فهؤلاء ليسوا فقط متحمسين للبريكست، لكن أيضا ما زالت لديهم أوهام أن بريطانيا «يمكنها الخروج مع استمرار التمتع بكامل بمزايا العضوية».
ماكرون وماى وميركل
وبرغم كل إخفاقاتها ووعودها التى لم تتحقق، ما زالت تيريزا ماى «أفضل الموجود» من وجهة نظر الاتحاد الأوروبي. فهى عندما ذهبت متوسلة ومكبلة اليدين الأسبوع الماضى إلى مدينة ستراسبورج الفرنسية لطلب تمديد إضافي، أظهرت مجدداً ضعف مهارتها الدبلوماسية. فهى لم تذهب بخطة عمل، بل ذهبت فقط لشراء المزيد من الوقت. لكنها فى نهاية المطاف سيدة إنجليزية مهذبة تعانى ضغوطاً داخلية لا تحتمل. ولا عجب أن تشعر المستشارة الألمانية انجيلا ميركل بالتعاطف معها وتضغط على الرئيس الفرنسى ايمانويل ماكرون لدعم تأجيل آخر للبريكست.
وسواء تعمد ماكرون أو لم يتعمد، فهو كغالبية الرؤساء الفرنسيين من قبله، لديه على المسرح الأوروبى تلك الهالة، «هالة نابليون بونابرت» أو «هالة شارل ديجول»، كأنه «رئيس متوج». لكن التناقض بين «قوة ماكرون» و«ضعف ماي» قد يكون خادعا. فقادة الاتحاد الأوروبى يدركون أن بريطانيا فى حالة «فقدان للبوصلة» و«لا يمكن التنبؤ بتصرفاتها» وهى قد تكون خطيرة وهى داخل الاتحاد الأوروبى أكثر مما هى خطيرة خارجه.
وماكرون بالذات لا يريد لبريطانيا أن تعيش حالة «بريكست مفتوح». فهو الابن السياسى لديجول «المتشكك الأبدي» فى نيات بريطانيا للانضمام للمجموعة الأوروبية فى الخمسينيات والستينيات والذى استخدم «الفيتو» ضد انضمام بريطانيا فى الستينيات، ما جعل لندن تنتظر حتى منتصف السبعينيات للانضمام للمجموعة الأوروبية فقط «على جثة» ديجول وبعد مماته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.