يُستَحسَن تنشيط الذاكرة قليلاً، لإلقاء بعض الضوء على التغيير الذى لم يكن متوقعا فى هذا التوقيت لترامب بتأييده علنا المشير حفتر فى ليبيا، وأن يُجرِى بنفسه اتصالا هاتفيا معه وأن يشيد بدوره فى محاربة الإرهاب..إلخ. ذلك لأن ترامب انتقد بشدة منافسته هيلارى كلينتون فى عز الحملة الرئاسية، وقال إنها عندما كانت وزيرة للخارجية، ساعدت الشعب الليبى على الإطاحة بالقذافى، ولكنها قامت بهذا مجانا، كما قال، وإنها لم تجلب لأمريكا منافع مقابل هذه الخدمة الكبرى! وقال آنذاك إنه لو كان مكانها لما رضى بأقل من نصف البترول الليبى فى المساومة مع المعارَضة الليبية مقابل أن يساعدهم!! وعلينا أن نتذكر هذا الكلام بمبالغته عند قراءة خلفيات تحول ترامب ناحية حفتر، ولنا أن نتساءل عما سيفعله من استخدمهم ترامب ضد حفتر طيلة الفترة الماضية، قطر بالذات، وعما سيكون عليه موقفها فى المرحلة المقبلة! لأن الواضح أن قطر كانت ورقة ضغط فى يد ترامب على حفتر، وأنها تفانت فى إرضاء أمريكا. ويتضح أيضا أن ترامب لم يهتم بالتنسيق مع حكام قطر حول خطوته الجديدة، بل يبدو أنه حتى لم يخطرهم، لأن الإعلام القطرى أصيب بارتباك خلال متابعته هذا التطور بعد إعلانه مباشرة، وظل حائراً فى متابعة أخبار طرابلس، لأنه دَرَجَ طيلة الفترة الماضية على شن هجوم ضارٍ صريح ضد حفتر، خاصة عندما بدا أنه يتقدم نحو طرابلس!. المؤكد أن عقلية ترامب البراجماتية لا تُجرِى مثل هذا التحول إلا بعد التأكد من أن حفتر اقترب فعليا من النجاح فى هدفه، وهو ما جعل ترامب يتفق مع روسيا على منع مشروع قرار فى مجلس الأمن يستهدف وقف إطلاق النار فى ليبيا، الذى كان يُعَد لردع حفتر عن دخول طرابلس! ومن المتوقع أن يزاحم التدخل الأمريكى مصالح دول أخرى، مثل فرنسا وإيطاليا، ويظل السؤال قائما عن كيفية إرضائهما. ويبقى أنه ليس من الصواب افتراض أنه قد تم النصر تماما على الإرهابيين، لأنهم سيظلون كامنين فى خدمة مَن يحتاج إلى مخربين!. لمزيد من مقالات أحمد عبدالتواب