فى رأيى أن من أهم ما شاهدناه خلال مناقشات مجلس النواب للتعديلات الدستورية إدراك المجلس والمسئولين، أو هذا ما أرجوه مدى أهمية وواجب الاستماع إلى ممثلين لمختلف الأطياف الوطنية والأصوات المعارضة وكيف أنها ممارسة تدعم الديمقراطية التى يجب أن تكون من أهم مقومات قوة الدولة.. وأيضا هو نموذج يجب أن يكون قاعدة فى تناول ومعالجة جميع مشكلاتنا وقضايانا وإيقاف ما تقوم به أجهزة ومؤسسات ومسئولون من ممارسات لا تؤمن باحترام الاختلاف والرأى المعارض فى تصويب سياسات ومسارات وإسقاط النتائج الكارثية لانفراد الرأي!! أكتب عن بديهيات وعن مبادئ أساسية وطنية وأخلاقية فيما يجب أن يحدث وينتظره المصريون بعد ثورتهم فى 25/1 ومدها العظيم فى 30/6 لاسترداد حريتهم وسيادتهم وعيشهم الآمن وحقهم فى العدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية.. وللأسف يوجد من لا يدرك أهميتها وفروض وواجبات احترامها. لا أعرف هل يدرك المسئولون أن الخروج للاستفتاء على التعديلات.. هذا الخروج والاحتشاد وفى معنى من أهم معانيه هو مدى رضاهم واطمئنانهم على ما يحتاجون إليه من مقومات آمنة للحياة وأنهم على قدر ما يثقون أنه يحدث فى بلادهم من إنجازات وتنمية وتعمير، فهى لا تغنى الملايين الذين يتكون منهم الأرصدة والظهير الشعبى لبلدهم أن يجدوا ما ينعكس على حياتهم.. فهذه الملايين والجموع المتعبة والصابرة لا تعيش بتصريحات ولكن بوقائع حياة بكل ما فيها من آمال وآلام.. هذه الحشود المليونية التى تجاوزت من هم تحت خطوط الفقر والعوز الى الطبقة المتوسطة والذين قدموا أروع البطولات الإنسانية من تحمل التحديات والاختناق الاقتصادى وساندوا بلدهم حتى عبورها.. إذا كانت هناك قياسات دقيقة لتوجهات الرأى العام وتطلعاته وأوجاعه والانتظار أن تدار باقتدار وبحزم وبجرأة إجراءات وسياسات وان يسارع النواب فى دور من أهم أدوارهم الغائبة الى إصلاحات للسياسات الضريبية وما قدمه خبراء اقتصاديون من مختلف التوجهات الوطنية من خطوات إصلاحية لادارة الثروات المهدرة ودعوات للضرائب التصاعدية والمتأخرات الضريبية وكيفية تحميل عوائد الأزمات والإجراءات الاقتصادية الصعبة لرأسمالية قديمة توحشت وتواصل التضخم واستعادة نفوذها وانضم إليهم منتفعون وناهبون واستغلاليون جدد وتحالفات جديدة وقديمة للثروة والسلطة تعيد إحياء أشباح وكوابيس الماضى القريب!!. فى عبارات مهمة أكد الرئيس (أنك لتحشد الناس حولك ومعك فلابد من المصارحة والشفافية وإجابة تساؤلاتهم وتقديم إجابات صادقة لكل ما يريدون معرفته ويجعلهم شركاء فيما يحدث فى بلدهم) توجيه الرئيس للمسئولين يتحقق بما يجب أن يتوافر ويتحقق من احترام للحريات تحت مظلة القانون وعدالة فى حقوق المواطنة والقضاء على جميع أشكال التمييز وسائر ما أنهك وأهان الجموع والملايين من الأرصدة والظهير الشعبى من فروق وتمييز لا إنسانى ولا أخلاقى وضد القانون، ومازال يكرس الطبقية وتمزيق قوة وتماسك النسيج الوطنى خاصة فى نوعيات ومستويات فى التعليم والصحة والعلاج وأبسط ضرورات الحياة!!. فى تصريحات لرئيس مجلس الوزراء للواشنطن بوست الاسبوع الماضى أن الاقتصاد المصرى ينتعش وما يحدث من إنجازات مبهرة والاصلاحات الحديثة بدأت تؤتى ثمارها.. أليس من حق الملايين الذى لم يصل اقتصادهم الى ما يتحدث عنه رئيس مجلس الوزراء من نتائج مبهرة إلا بصمودهم وتحملهم البطولى أن يجدوا إجابات عن متى تنعكس هذه النتائج المبهرة وتخفف مطاردتهم ولهاثهم اليومى للقمة العيش ولم تترك مساحات لاهتمامات جادة أخرى وليوفروا بالكاد الأرقام الخيالية للدروس الخاصة التى لم تستطع محاولات تطوير التعليم أن تضع نهاية لها، ونفقات العلاج فى مستشفيات تعانى أسوأ الأحوال.. وحتى يكتمل تأمين صحى يتمتع بالجودة ويليق بالمواطن، تأمين لم يبدأ بعد فى بورسعيد أول محافظة اختيرت لتطبيقه... هل ستظل أوضاع العلاج والمستشفيات والمرضى والأطباء والعلاج على ما هى عليه. لا يدرك بعض المسئولين الآثار السلبية التى تؤدى إليها المسافات الواسعة والبعيدة بين وقائع ما يعيشون ويعانون والتصريحات الوردية!!. ما يثير الألم أن الكثير من الفكر المهم والرؤى العلمية والمدروسة التى تقدم ممن تفيض به بلدنا من علماء وخبرات معتبرة فى جميع المجالات يؤكد أن إمكانات وفرص العلاج والتخفيف من أضرارها ونتائجها الكارثية متاح لنا.. ولكن الأخذ بالرأى الواحد يبدو شديد الخطورة!! من أقرب ما أتذكر من نماذج لهذه الرؤى ما كتبه أ.د.محمد غنيم فى حلقتين بالمصرى اليوم فى صورة خطاب مفتوح إلى المؤتمر الدولى للتعليم العالى والبحث العلمى وما يواصل كتابته أ.د.صلاح الغزالى حرب عن كيفية مواجهة ما وصل إليه من تراجع وانهيار أحوال المرضى والأطباء وعموم أحوال الطب والعلاج.. من المؤكد أن الاستماع والاستفادة من علمائنا وخبرائنا، علاوة على ما يسهم به فى تحقيق وعلاج مشكلات مستعصية يشارك بما لا يقل أهمية فى تكذيب إحساس عام بأن من أهم أسباب ما نعانى انفراد كل مسئول بالرأى علاوة على الاستعانة فى أغلب مواقع المسئولية بالأقل خبرة وكفاءة!!. ليلتف ويحتشد المصريون وراء ما تحتاجه بلدهم وما تنتظره منهم يجب أن يؤمنوا ويثقوا بأدلة ووقائع ما يعيشون أن يومهم وغدهم تحميه بعد العناية الإلهية احترام إرادتهم وآلامهم والاستفادة والاستعانة بخبرات خبرائهم وعلمائهم من جميع التوجهات الوطنية، وأن الخلاف والاتفاق تحت مظلة القانون ليس مرفوضا أو مهددا.. فانتهاء الاستفتاء على التعديلات الدستورية بكل ما نرجو من احتشاد فيه لا يعنى أنه يوجد كل يوم استفتاء على الرضا والاطمئنان الوطنى بقدر ما يتوافر من شروط ومقومات لهم. لمزيد من مقالات سكينة فؤاد