لم تعد الكراهية حالة فردية أو مزاجا عاما مؤقتا على غرار الفلكلور الذى ساد عقب أحداث 11 سبتمبر 2001، عندما تردد السؤال الشهير فى الغرب خاصة أمريكا: لماذا يكرهوننا؟ قاصدين العرب والمسلمين. فقد حول اليمين المتطرف والعنصريون رفضهم للمهاجرين وللأقليات، وما يمثلونه من قيم وعادات إلى صناعة للكراهية، يتداخل فيها الدينى والتاريخى والثقافى بالسياسى والاجتماعي. وأعتقد أن الذاكرة مازالت محتفظة بكلام المرشح الجمهورى آنذاك ترامب (الرئيس الحالي) عندما صرح فى مارس 2016 : أعتقد أن الإسلام يكرهنا.. هناك كراهية هائلة ضدنا.. لابد أن نصل إلى أعماق ذلك، دون أن يفرق بين الدين ذاته وبين أتباعه. صناعة الكراهية تلك، قادتها سياسيون وإعلاميون وأكاديميون، والهدف: سيادة الجنس الأبيض وطرد المهاجرين وتقسيم العالم إلى فسطاطين, الغرب المتحضر والآخر الهمجي, تماما مثل جماعات الإرهاب كالقاعدة وداعش وأخواتهما. وفى سبيل ذلك، نشأت أحزاب ومراكز أبحاث وصحف وقنوات وآلاف المواقع الإلكترونية وملايين الصفحات على مواقع التواصل، تقذف بملايين المقالات والكتب والمواد الفيلمية ذات الطبيعة التحريضية دون اعتبار للمنطق أو الحقيقة. هذه المواد لاتخاطب العقول ولا تطالب المتلقى بالتفكير الموضوعي، وهو أحد أعمدة الحضارة الغربية، بل تدغدغ عواطفه وتستثير مخاوفه وتصور له أن ما يجرى مؤامرة تستهدف الغرب وحضارته. وللتدليل على ذلك، ما أشارت إليه الروائية التركية أليف شافاق عن كتاب ألمانى صدر عام 2010، وباع 1.5 مليون نسخة للمؤلف تيلو سارازين عن مهاجرين مسلمين أقل ذكاء من الألمان. واستغل اليمين المتطرف الكتاب للمطالبة بإجراء اختبار ذكاء للمهاجرين. المثال الآخر، رواية صدرت عام 1978 لوليام بيرس يتخيل فيه سيطرة المهاجرين على أمريكا وتهميش البيض الذين ردوا بتنفيذ إبادة جماعية ضد المهاجرين. وألهمت الرواية عددا ممن نفذوا هجمات إرهابية مثل تفجير أوكلاهوما عام 1995 الذى راح ضحيته 168 أمريكيا. الخطورة أن هذه الصناعة تتم بعلم الحكومات والنخب التى تكتفى بالانتقاد دون فعل، وتتردد وربما ترفض وصف أى هجوم يرتكبه أبيض بالإرهابي. فالإرهاب فى عرفهم، ملتصق بأناس محددين أتباع ديانة محددة، وليس البيض. [email protected] لمزيد من مقالات عبدالله عبد السلام