رد فعل فاتر بالأسواق على تصاعد التوترات بين إيران وإسرائيل    الرئاسة الفلسطينية تُدين عدوان الاحتلال الإسرائيلي على مدينة "طولكرم" ومخيميها    حصل على بطاقة صفراء ثانية ولم يطرد.. مارتينيز يثير الجدل في موقعه ليل    محمد إمام ينعى صلاح السعدني : "رحل العمدة "    افتتاح المؤتمر الدولي الثامن للأمانة العامة للصحة النفسية وعلاج الإدمان    قناة مجانية تعلن نقل مباراة الأهلي ومازيمبي الكونغولي    "يد الأهلي" يهزم وفاق عين التوتة ببطولة كأس الكؤوس الأفريقية    درجة الحرارة تتجاوز 40 .. بيان هام بشأن الطقس الأسبوع المقبل: أعنف الموجات الحارة    متحدثة الأمم المتحدة للشئون الإنسانية: الموقف بغزة ما زال كارثيًا ومرعبا    محافظة الجيزة: قطع المياه عن منطقة منشية البكاري 6 ساعات    لا يقتصر على السيدات.. عرض أزياء مميز ل «التلي» برعاية القومي للمرأة| صور    عمارة : مدارس التعليم الفني مسؤولة عن تأهيل الخريج بجدارة لسوق العمل    وزارة الهجرة تطلق فيلم "حلقة وصل" في إطار المبادرة الرئاسية "أتكلم عربي"    أحمد صيام: صلاح السعدنى فنان كبير وأخ عزيز وصديق ومعلم    مرموش يقود آينتراخت أمام أوجسبورج بالدوري الألماني    وزيرا خارجية مصر وجنوب أفريقيا يترأسان أعمال الدورة العاشرة للجنة المشتركة للتعاون بين البلدين    محافظ أسيوط يوجه الشكر لاعضاء اللجنة النقابية الفرعية للصحفيين بالمحافظة    مطار مرسى علم الدولي يستقبل 149 رحلة تقل 13 ألف سائح من دول أوروبا    أخبار الأهلي : حقيقة مفاوضات الأهلي للتعاقد مع لاعب البنك فى الصيف    11 جامعة مصرية تشارك في المؤتمر العاشر للبحوث الطلابية بكلية تمريض القناة    وزير الاتصالات يشهد ختام فعاليات البطولة الدولية للبرمجيات بمحافظة الأقصر    الحماية المدنية تسيطر على حريق في «مقابر زفتى» ب الغربية    إخماد حريق بمخزن خردة بالبدرشين دون إصابات    ضبط لص الدراجات النارية في الفيوم    الهنود يبدءون التصويت خلال أكبر انتخابات في العالم    اعتقال مشتبه بهما في بولندا بسبب الهجوم على ناقد للكرملين في فيلنيوس    مهرجان كان السينمائي يكشف عن ملصق النسخة 77    التنسيق الحضاري ينهي أعمال المرحلة الخامسة من مشروع حكاية شارع بمناطق مصر الجديدة ومدينة نصر    50 دعاء في يوم الجمعة.. متى تكون الساعة المستجابة    دعاء يوم الجمعة قبل الغروب.. أفضل أيام الأسبوع وأكثرها خير وبركة    تسجيل أول سيارة بالشهر العقاري المتنقل في سوق بني سويف    وزير الصحة يتفقد المركز الإفريقي لصحة المرأة ويوجه بتنفيذ تغييرات حفاظًا على التصميم الأثري للمبنى    عمل الحواوشي باللحمة في البيت بنفس نكهة وطعم حواوشي المحلات.. وصفة بسيطة وسهلة    إسلام الكتاتني: الإخوان واجهت الدولة في ثورة يونيو بتفكير مؤسسي وليس فرديًا    حماة الوطن يهنئ أهالي أسيوط ب العيد القومي للمحافظة    محاكمة عامل يتاجر في النقد الأجنبي بعابدين.. الأحد    مؤتمر أرتيتا: لم يتحدث أحد عن تدوير اللاعبين بعد برايتون.. وسيكون لديك مشكلة إذا تريد حافز    إعادة مشروع السياحة التدريبية بالمركز الأفريقي لصحة المرأة    «التحالف الوطني»: 74 قاطرة محملة بغذاء ومشروبات وملابس لأشقائنا في غزة    بالإنفوجراف.. 29 معلومة عن امتحانات الثانوية العامة 2024    جامعة القاهرة تحتل المرتبة 38 عالميًا لأول مرة فى تخصص إدارة المكتبات والمعلومات    "مصريين بلا حدود" تنظم حوارا مجتمعيا لمكافحة التمييز وتعزيز المساواة    العمدة أهلاوي قديم.. الخطيب يحضر جنازة الفنان صلاح السعدني (صورة)    الكنيسة الأرثوذكسية تحيي ذكرى نياحة الأنبا إيساك    نصبت الموازين ونشرت الدواوين.. خطيب المسجد الحرام: عبادة الله حق واجب    انطلاق 10 قوافل دعوية.. وعلماء الأوقاف يؤكدون: الصدق طريق الفائزين    "التعليم": مشروع رأس المال الدائم يؤهل الطلاب كرواد أعمال في المستقبل    القاهرة الإخبارية: تخبط في حكومة نتنياهو بعد الرد الإسرائيلي على إيران    خالد جلال ناعيا صلاح السعدني: حفر اسمه في تاريخ الفن المصري    «التنسيق الحضاري» ينهى المرحلة الخامسة من «حكاية شارع» بمصر الجديدة ومدينة نصر    استشهاد شاب فلسطينى وإصابة 2 بالرصاص خلال عدوان الاحتلال المستمر على مخيم نور شمس شمال الضفة    4 أبراج ما بتعرفش الفشل في الشغل.. الحمل جريء وطموح والقوس مغامر    طريقة تحضير بخاخ الجيوب الأنفية في المنزل    استشهاد شاب فلسطيني وإصابة اثنين بالرصاص خلال عدوان الاحتلال المستمر على مخيم "نور شمس" شمال الضفة    ضبط 14799 مخالفة مرورية متنوعة خلال 24 ساعة    ليفركوزن يخطط لمواصلة سلسلته الاستثنائية    تعرف على موعد إجازة شم النسيم 2024 وعدد الإجازات المتبقية للمدارس في إبريل ومايو    دعاء السفر كتابة: اللّهُمّ إِنّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ وَعْثَاءِ السّفَرِ    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مَنْ مِنَّا يَعْرِف؟ 3
نشر في الأهرام اليومي يوم 19 - 04 - 2019

من منا يعرف.. حجم ونوع الضغوط التى تواجهها مصر من 2011 وحتى اليوم.. نعم اليوم!. أنا لا أتكلم عما هو داخل حدودنا.. إرهابًا كان.. أو «تِرْكَة» مشكلات مزمنة فى كل المجالات يحتاج إصلاحها إلى معجزات لا أتكلم عنها.. لأننا بالفعل صنعنا هذه المعجزات بما أنجزناه من إصلاحات وما شيدناه من مشروعات!... إنما أتحدث عن ضغوطات الخارج على مصر.. التى لم ينجح ربيعهم العربى فى اقتتال شعبها وتفتيت جيشها.. لأجل أن يبقى الصهاينة القوة المطلقة فى المنطقة.. ولأن هذا لم يحدث وبإذنك يارب لن يحدث.. الضغوط الرهيبة مستمرة!.
أمريكا لا ترى فى العالم إلا الصهاينة!. بلطجتها لحماية الصهاينة تخطت كل الأعراف بمنطق هو كده.. مثل القدس والجولان.. وبما تحاول فَرْضه لتصفية القضية الفلسطينية بالاشتراطات الصهيونية!. ضغوط أمريكية فى الشرق وضغوط عالمية فى الغرب لتبقى ليبيا أكبر قاعدة للجماعات الإرهابية ويبقى الاقتتال فى ليبيا وتبقى أطول حدود لنا أكبر خطر داهم علينا.. والسودان حماه الله.. بوابة مصر الجنوبية الآمنة.. التى جعلها الإخوان فى حكم البشير غير آمنة!. الضغوط على السودان الآن واضحة.. لكى لا يتفق السودانيون.. على أمل فِتنة لا قدر الله.. تشعل القتال بين السودانيين!.
الضغوط العالمية رهيبة.. فى الشرق والغرب والجنوب.. لأجل أن تبقى مصر العمر كله «مَحْنِيّة» بمشاكلها وملهية فى حدودها.. غير قادرة على أن تصلب عودها!.
من 30 يونيو 2013 الضغوط تكبر وتكبر.. لأن مصر خَرَجت عن «الطوع».. ومصممة على أن تصلب عودها.. وفى ست سنوات غيرت المسكوت عنه من سنين طويلة فى الكهرباء والزراعة والاستزراع السمكى والإسكان ومياه والشرب والطرق والكبارى والطاقة.. كم لا يحصى من المشروعات تم إنجازها وأخرى ستنتهى فى 2020 تكلفتها اقتربت من ال 2 تريليون جنيه!.
وعليه.. قضية عمرنا هو حتمية حرصنا على استكمال الإنجازات.. ولذلك:
أنا مع التعديلات الدستورية.. ومع حتمية وضرورة مشاركة ملايين المصريين فى الاستفتاء.. رسالة منهم للعالم.. إننا مصممون على إكمال انجازات بناء مصر الدولة القوية العفية.. لا الدولة التى تستدين للإبقاء على الدعم ليبقى نظام الحكم!.
.................................................................
من منا يعرف رضا عبدالسلام؟.
سؤال طرحته فى نهاية مقال الأسبوع الماضى.. إجابته حدوتة مصرية فى الرضا والقناعة والإرادة والتحدى.. تحدى المستحيل!.
بدأت أحداث هذه الحدوتة.. فى 20 يوليو سنة 1964.. بقرية الشيخ إبراهيم مركز قويسنا منوفية.. أب وأم.. والمولود الذى رزقهما الله به فى هذا اليوم!.
وقتها.. كانت الولادة عملية طبيعية تتم فى البيوت.. وكل قرية فى الريف.. لها خبيرة فى التوليد.. يطلقون عليها اسم «الداية».. وفى هذا اليوم.. رأت «الداية» ما لم تره فى حياتها!.
مولود بلا ذراعين.. وإن شئنا الدقة.. قطعة جلد صغيرة على كل جانب.. واحدة تنتهى بثلاثة أصابع والأخرى باثنين!.
الصدمة.. ضربت أول ما ضربت الداية.. والزغرودة المتبعة فى مثل الحالات.. لم تخرج من فمها الذى فقد القدرة على النطق.. لتسود لحظات صمت.. مزقته سيدة رقعت بالصوت!.
الأم.. هى الوحيدة فى الحجرة التى لا تعرف ما حدث ويحدث!. يقينها هناك مصيبة وقعت!. عندما يحل «الصِّوِيت» مكان الزغاريد.. يبقى المولود مَيِّتْ!. لكن مَيِّتْ إزاى.. وصراخه لم يتوقف!. الأم تسأل «فيه إيه؟».. والداية ضربها الخرس!. لم تجرؤ على أن تقول بلسانها.. إنه من غير ذراعين!.
الأب حتى الآن خارج الحجرة التى توجد فيها النساء فى حالات الولادة!. الأب دخل الحجرة مضطرًا لإحساسه بأن خَطْبًا ما حدث!. لم يتوقعه فى المولود لأن صراخه لم يتوقف.. وتبدد شكه.. عندما تأكد أن زوجته لا تعانى من مضاعفات الولادة.. لكن وجهها الذى يكسوه الذهول.. اختفت من عليه ملامح فرحة أُمّ بوليد جاءها!.
فى لحظات عرف الأب الحكاية!. فى لحظة أعانه الله على التصرف الأسْلَم!. تناول المولود من زوجته.. واحتضنه وقام بتقبيله.. وبعدها قام بتقبيل رأس زوجته!. القبلتان رسالة من الأب للنسوة الموجودات فى الحجرة ويراقبن الموقف.. ومنهن ستخرج للقرية كلها.. عشرات القصص عن مولود ابن عبدالسلام «اللى من غير إيدين»!. الأب أرادها رسالة للقرية كلها.. بأنه راضٍ ومَرْضى بمولوده الذى حَضَنَه وقام بتقبيله!. وأنه راضٍ عن زوجته.. بالقبلة التى وضعها على رأسها.. لأن الأم وقتها .. وحتى الآن.. فى ريف وصعيد مصر.. كانت تُحَاسَب بشدة على نوع المولود.. ولد أم بنت.. فما بالنا عندما تَلِدُه بلا ذراعين!.
الأب خرج بعدها من البيت متوجهًا إلى المسجد.. وصلى ركعتين لله.. وسجد ليدعو الله.. وشعور يغمره بأنه فى رحاب الله.. ولم يجد على لسانه إلا ست كلمات دعا بها الله..
يا رب أنت خلقته.. وأنت الكفيل به!. دعاء خرج من القلب.. وكأن أبواب السماء كانت مفتوحة!. دعاء فتح كل الأبواب أمام الأب فى المراحل الأولى.. وأمام الابن فيما بعد وللآن!.
ملامح الخوف والقلق على المولود الصغير..!. هيعمل إيه وهيعيش إزاى ولما يكبر هيبقى إيه.. كل هذه المخاوف.. بددها إيمان الأب.. بأن كل مشكلة.. سيأتى حلها من عند الله!.
رضا.. وصل سن المدرسة.. ورضا هو الاسم الذى اختاره الأب عبدالسلام للطفل الصغير الذى كان يجلس مع شقيقيه فى المذاكرة.. يسمع ما يقولانه بل ويحفظ ما يقولانه.. لكنه لم يستطع مجاراتهما فى الكتابة لأنه بلا ذراعين!. لم يستسلم وراح يجرب أن يكتب بقدمه!. أمل يبدو مستحيلًا!. كلما حاول الطفل الصغير أخفق.. لأن المطلوب التقاط أصابع القدم القلم من على الأرض بمعرفتها ودون معاونة.. وبعدها يحكم الإصبعين قبضهما على القلم لأجل السيطرة التامة عليه.. وتحريكه بالصورة التى يريدها!. حاول وفشل.. عاود وأخفق.. كرر ولم ينجح.. ومع ذلك لم يتوقف.. لأنه لا يعرف شيئًا اسمه اليأس.. ولأن أباه قام «بتطعيمه» ضد العجز!. من أول يوم إدراك للطفل الصغير.. تعلم من أبيه أول درس وأهم درس:
«لست محتاجًا لعطف أحد.. ولا تسمح لأحد بالعطف عليك.. اعتمد على نفسك فى كل ما تقدر عليه.. ولا تركن لأحد إلا فيما لا حيلة لك فيه»!.
ويومًا بعد يوم.. أتقن رضا الإمساك بالقلم بقدمه.. وإحكام السيطرة عليه بإصبعى القدم.. ومن ثم الكتابة.. وأول ما كتب اسمه: رضا عبدالسلام!. الكتابة كانت العقبة الأساسية فى التعليم.. ووجد لها حلًا.. لكنه لم يجد مكانًا فى المدرسة!. ليه؟ الإجابة:. اللى زيك مايدخلش مدرسة!. ضاعت سنة على الطفل الصغير.. بعد أن فشلت كل محاولات الأب.. وفى السنة التالية.. حزم أمره على أنها معركة لا مجال فيها إلا الانتصار.. لأن عدم التعليم هو حكم بالإعدام على مستقبل إنسان!.
الأب الذى كان وقتها مساعد (صول) فى القوات المسلحة.. اصطحب ابنه وذهب إلى مدير مديرية التعليم فى شبين وهو يرتدى اللبس الميرى.. وصمم على مقابلة المدير ونجح.. وبادر المدير بسؤال أسقط كل الحجج قال له: لو عندك ابن ظروفه مثل ابنى.. يتعلم ولا لأ!. مستعد أروح لأكبر راس فى البلد.. إنشالله أوصل لعبدالناصر.. ولو مقدرتش أدخل ابنى المدرسة.. هاضربه بالنار!.
الأب حمل الطفل الصغير.. ووضعه على مكتب الناظر.. وخلع حذاءه.. ووضع القلم بين أصابع قدميه وقال له اكتب اسمك يا رضا.. وفوجئ الناظر بالطفل الصغير.. يتمكن من الكتابة.. فأخرج المدير ورقة كتب هو عليها: يُقبل بمدرسة كفر الشيخ إبراهيم الابتدائية!.
أول تحدٍ حدث وأول انتصار تحقق.. فى حدوتة رضا عبدالسلام!.
لأن ربنا رحمته وسعت كل شىء.. خلق الله بشرًا.. اختصهم بالضمير والرحمة وقضاء حوائج الناس!. أبلة فادية المعلمة فى المدرسة الابتدائية.. واحدة من هؤلاء البشر.. الذين بشرهم الله بالجنة.. لأنهم يساعدون خلق الله لوجه الله!. المعلمة العظيمة.. عرفت كيف تحتضن هذه الحالة الاستثنائية.. المحتاجة ثقة لا شفقة!.
فى المدرسة اكتشف الطفل الصغير استحالة الكتابة بقدمه!. «يقلع» الجزمة فين ويقعد إزاى لأجل أن يكتب فى الفصل!. مسألة ليس لها حل.. لكنها ليست مستحيلة.. فى وجود الإرادة وفى وجود التشجيع.. ورضا جبل إرادة.. وأبلة فادية واحة عطاء وتشجيع!.
مرة أخرى يتحقق المستحيل!. رضا الطفل الصغير فوجئ بنفسه فى يوم.. يلتقط القلم بفمه ويحكم قبضته عليه بأسنانه.. لأجل أن يكتب!. فكرة طارئة وردت على ذهنه.. حتى الآن رضا لا يعرف كيف حدثت!. لا أحد قال له.. ولا هو خطر على باله أن يكتب بفمه!.
خلاص المشكلة اتحلت.. وبات بإمكان رضا أن يكتب وهو جالس مثل بقية التلامذة.. ولم يتوقف عند هذا الحد.. بل إنه أصبح ممن يجيدون الخط العربى.. والتفوق فى الخط كان البداية.. التى أعقبها تفوقه الدراسى.. ليكون من العشرة الأوائل فى مراحل التعليم المختلفة.. وفى الثانوية العامة حصل على 185 أدبى بها حقق المركز الثانى على مركز قويسنا والعاشر على محافظة المنوفية!.
اختار رضا عبدالسلام كلية الحقوق.. رغم أن مجموعه يدخله ما يريد من الكليات الأخرى!. أراد أن يكون من الأوائل لأجل عضوية هيئة التدريس!. درجات قليلة منعته من الحصول على جيد جدًا!. زعل.. لكنه لم يستسلم للحزن.. عن يقين بأنه قادر على التميز!.
وبالفعل.. حاول وفشل وحاول مرة أخرى ونجح!. أراد أن يكون مذيعًا فى إذاعة القرآن الكريم.. وأخفق ليس لأنه غير كفء.. إنما لأنه بلا ذراعين!. لم يستسلم ولم يتوقف.. عن يقين داخله يحركه بأنه يقدر على النجاح وعلى صناعة الفارق.. وحدث بالعزيمة والإرادة والإصرار والثقة.
اليوم رضا عبدالسلام.. مذيع هواء فى إذاعة القرآن الكريم من 27 سنة!. اليوم رضا عبدالسلام.. قدم أكثر من ألف أمسية إذاعية!. اليوم.. رضا عبدالسلام فى أرشيف برامجه عشرات البرامج الناجحة.. آخرها برنامج سيرة ومسيرة الناجح..
اليوم رضا عبدالسلام.. صدر له كتابه «نقوش على الحجر» فى 479 صفحة.. كتبها على كيبورد الكمبيوتر.. بفمه الذى يقبض بأسنانه على قلمه.. ويتحكم كيفما أراد فى قلمه!.
اليوم رضا عبدالسلام أكرمه الله بزوجة طيبة.. ورزقه الله بالابن عبدالرحمن نهائى كلية الطب والابنة فى كلية الإعلام.. وربما تكون الوحيدة فى مصر التى اسمها أفنان.. ومعنى الاسم الأغصان الندية..
اليوم.. رضا عبدالسلام وأسرته الصغيرة.. يعيشون فى نفس القرية التى شهدت مولده.. وشاهد على حدوتة مصرية جميلة.. هى ملحمة أب وأم فى الرضا والقناعة.. وابن فى العزيمة والإرادة والإصرار والتحدى والنجاح!.
.................................................................
من منا يعرف عمرو وجدى عامر؟.
فى أوروبا عمومًا واليونان تحديدًا.. عمرو وجدى نجم معروف فوق العادة.. ومن سنتين وصفته صحيفة يونانية بأنه راموس المصرى!. إيه الحكاية؟.
الحكاية من الآخر.. أنه فعلًا لا كرامة لنبى فى وطنه.. وأن المثل العامى لم يخطئ عندما قال: البعيد عن العين بعيد عن القلب!. هذا ما قاله المثل زمان وأضفنا نحن عليه الآن.. إنه ليس فقط بعيد عن القلب.. إنما بعيد عن العقل وعن الوجدان وعن الوعى.. لأن البعيد عن العين.. هو لم يذهب إلى المريخ.. هو بعيد مسافة لكنه قريب منا معلومات!. نعرف عنه كل شىء.. ونعلم كل نجاحاته.. لكننا.. جهلًا أو نفسنة.. نعمل مش عارفين.. استنادًا إلى أنه بعيد!.
عمرو وجدى الذى لا نعرفه.. عرفت حكايته من الزميل عمر البانوبى.. الصحفى فى بوابة أخبار اليوم.. ابن مدينة بيلا محافظة كفر الشيخ.. المدينة التى أنجبت نجومًا كروية كثيرة.. فى مقدمتها الكابيتانو حسام غالى.. نجم مصر وكابتن الأهلى السابق ومدير الكرة الحالى بنادى الجونة والذى كان واحدًا من نجوم الكرة المصرية.. الذين احترفوا فى أوروبا.. وأجادوا وتألقوا فى أنديتها..
مدينة بيلا.. قدمت نجمًا هو الآن متألق ومعروف هناك.. ونحن لا نعرف عنه شيئًا هنا!. أتكلم عن عمرو وجدى.. الذى تعرف على الكرة وعرفته الكرة فى نادى بيلا.. وشاءت الظروف أن يزامل حسام غالى فى بيلا.. وأن يبهر الجميع بموهبته التى رشحته للانتقال إلى نادى المنصورة.. وبالفعل ذهب.. لكنه بالفعل عاد!. ليه؟.
لأن النجم الموهوب والعاشق للكرة.. أعطاه الله الموهبة وحرمه الله من السمع!. رفضوا فى المنصورة فكرة الانتقال.. لأنه سيسقط فى الكشف الطبى.. فبقى فى نادى بيلا يلعب له.. إلى أن!.
منتخب كفر الشيخ للصم والبكم.. سمع عنه وضمه إلى صفوفه.. تألق فيه ومنه انتقل إلى منتخب مصر.. وأيضًا تألق فيه.. لأجل أن يكون على موعد مع القدر الذى كتبه الله له.. ليعوضه بما حرمه منه!.
فى سنة 2012 أقيمت بطولة كأس العالم للصم والبكم فى تركيا.. وشارك فيها منتخب مصر.. وتألق منتخب مصر إلى أن وصل إلى الدور قبل النهائى ليواجه منتخب ألمانيا فى مباراة صعبة.. حسمها نجمنا عمرو وجدى بهدف الفوز على ألمانيا.. ليصل المنتخب للنهائى مع تركيا.. إلا أنه خسر المباراة بهدف وحصل المنتخب على فضية العالم!. كان يمكن أن تنتهى الحكاية هنا.. ويعود المنتخب إلى مصر واللاعبون يروحوا بيوتهم.. وتوتة توتة خلصت الحدوتة.. ولكن!.
منتخب اليونان الذى كان يلعب البطولة.. موجود معه مسئولون من نادى «بوك أثينا» المتخصص فى كرة القدم للصم والبكم والذى يلعب فى دورى أبطال أوروبا.. وهم موجودون فى البطولة.. لأجل دعم فريقهم بصفقة هجومية سوبر لأجل الدورى الأوروبى.. وبالفعل!.
ما أن انتهت مباراة مصر وألمانيا.. التقوا عمرو وجدى.. وعرضوا عليه الانضمام لصفوفهم ليلعب فى الدورى الأوروبى!. ليبدأ نجمنا رحلة تألق لم تكن على البال والخاطر!. بدأت 2014 وبطولة أندية أوروبا فى صربيا وشارك فيها النادى اليونانى ومعه النجم الجديد.. وفازوا بالبطولة!.
فى 2015 أقيمت البطولة فى تركيا.. وفاز نادى بوك اليونانى بها للمرة الثانية على التوالى.. فى وجود عمرو وجدى.
بطولة 2016.. شارك النادى اليونانى بها لكنه لم يحصل عليها.. وجاءت سنة 2017 وكانت فاتحة خير على نجمنا عمرو وجدى.. البطولة فى اليونان والنهائى على ملعب لاريسا.. بين بوك اليونانى واسطنبول التركى.. الذى تقدم بهدفين مقابل هدف إلى ما قبل النهاية ب16 دقيقة.. حيث فاجأ عمرو وجدى الجميع فى ضربة ركنية.. نجح أن يقفز أعلى من الجميع.. ويسجل هدفًا بضربة رأس فى الدقيقة 74 واستمر التعادل إلى ما بعد الوقت الإضافى بثلاث دقائق.. والكل استسلم للنتيجة.. إلا عمرو وجدى!.
ضربة ركنية.. ومثلما جرى فى الأولى.. حدث فى الثانية.. عمرو فوق الجميع.. وضربة رأس سجلت هدف الفوز وهدف بطولة أوروبا.. وهذا ما جعل الصحافة اليونانية.. تقارنه بنجم ريال مدريد راموس.. الذى حسم وقتها البطولة الأوروبية بضربة رأس.. وعمرو وجدى حسم بطولة الأندية الأوروبية 2017.. بضربة رأس!. وفى 2018 أقيمت البطولة فى إيطاليا.. وحصل عليها النادى اليونانى للمرة الرابعة.. وحاليًا بطولة 2019 تقام فى إنجلترا وتنتهى بعد غد الأحد.. ونادى بوك تعادل فى أول مباراة يوم الاثنين الماضى 3/3 وعمرو وجدى هو من سجل الهدف الثالث.. وبهذا الهدف يرتفع رصيد عمرو وجدى فى بطولات أوروبا الست التى شارك فيها إلى 18 هدفًا!.
نجمنا الذى سجل 18 هدفًا فى دورى أوروبا.. عمره الآن 37 سنة.. وتألقه فى هذه السن مثار دهشة وإعجاب أندية أوروبا للصم والبكم.. التى هى فى دهشة.. من عدم وجود للأندية المصرية فى المحافل الدولية.. رغم أن مصر أنجبت عمرو وجدى الموهبة الفذة!.
الأندية الأوروبية معذورة فى عدم الفهم.. لأنها لا تعرف سلو بلدنا!. لا تعرف أن المنتخب المصرى للصم والبكم الذى حصل على بطولة كأس العالم فى 2012 لا وجود له الآن!.
الأندية الأوروبية.. لا تعرف أن طارق الجزار.. الذى اختير فى البطولة التى حصلنا على فضيتها.. أفضل لاعب فى العالم.. لا تعرف!.
أن طارق الجزار المصنف الأول عالميًا.. فى 2012 وصل به الحال فى 2019 إنه يبيع خضار فى ميدان الجيزة!. وللحديث بقية مادام فى العمر بقية
لمزيد من مقالات إبراهيم حجازى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.