على مدار عقود طويلة ارتبط اسم كاتدرائية نوتردام التاريخية فى باريس بذلك الأحدب الذى تخلى عنه أهله والتشوه الذى يعانى منه فى مقابل الحصول على طفل سليم معافي، تلك القصة التى روى تفاصيلها الأديب الفرنسى الشهير فيكتور هوجو فى روايته «أحدب نوتردام» عام 1831. ف«كاسيمودو» أو الأحدب الذى تخلى عنه العالم لم يجد سوى جدران الكاتدرائية ليحتمى فيها، ويعتبرها ملاذه الآمن. وفى الواقع، فإن الأحدب فى هذه الرواية، يرمز إلى المبنى الأثرى المنسي. فالنقاد يؤكدون أن هدف هوجو الرئيسى من هذه الرواية كان لفت أنظار المواطن الفرنسى بالدرجة الأولى إلى أهمية هذا المبنى الذى يرجع إلى الفن «القوطي» أو gothic، الذى يعتبر رمزا لفن من فنون العمارة فى العصور الوسطي. فقد سعى الكاتب الفرنسى الشهير إلى إلقاء الضوء على هذا العمل الفنى بتفاصيله الجمالية، والتأكيد على ضرورة الحفاظ عليه، فى وقت كانت تتعرض فيه المبانى التى تمثل هذا العصر للتدمير فى أوائل القرن ال19، حيث كان يحل محلها مبان على طرز معاصرة. وتعرضت المبانى القوطية فى ذلك العصر للتهميش والتقليل من شأنها، وهو ما كان من أحد الأمور التى تؤرق الكاتب وأججت مشاعره لكتابة روايته الشهيرة. وكان من أبرز عمليات التشويه لملامح المعمار القوطى لمبنى الكاتدرائية، استبدال زجاج نوافذها الذى اتسم بلونه المميز ونقوشه، وإحلال زجاج أبيض تقليدى بدلا منه، بهدف السماح للضوء بدخول أروقة وغرف الكاتدرائية. وفى عام 1829، بدأ فيكتور هوجو فى كتابة رائعته «أحدب نوتردام»، والتى كانت بمثابة صيحة تذكير بأهمية وجمال هذا الفن المعماري، حيث أفرد أجزاء من الرواية لشرح تفاصيل الطراز المعمارى للمبنى وجمالياته، وأهم ما يميزه. ولم تكن هذه الرواية أول صيحة يطلقها هوجو للمطالبة بحماية الكاتدرائية التاريخية من التخريب، فقد سبقها ببحث تحت عنوان «حرب المخربين» ونشر قبل أعوام من نشر روايته الشهيرة، وركز البحث على الحديث عن أهمية وجمال هذا الطراز المعماري، ولكن بطبيعة الحال لم يكن لها نفس تأثير الرواية التى سلبت قلوب وعقول القراء. «أحدب نوتردام« حملت أكثر من رسالة إلى العالم، ربما كان أبرزها ضرورة الحفاظ على الفنون المعمارية، فهى ليست مجرد جدران مسمطة ولكنها تحكى قصص البسطاء والبشر وتنقلها من جيل لآخر ومن عصر لآخر.