فى البدء يكون التعب، ثم نستغرق فى النوم، ينطفئ الضوء، ويحل الظلام، نغرق فى الغيبوبة، ويتمدد الجسد بلا حراك، نبدو كالأموات، النوم هو الموت الأصغر، الوعى يموت، والشخصية أيضا، لكن وظائف الجسم لا تتوقف، بل تصبح أكثر نشاطا. هذا هو وقت التجدد، دورة الدم تنتظم، وكذلك التنفس والهضم، الجسد يستغل فرصة النوم، ليجدد نفسه بنفسه، الخلايا تتجدد، الهدم يتوقف، ويبدأ البناء، اللاوعى يتفتح، والغرائز تستيقظ، والأحلام تتدفق، على شكل رموز، يمكن تفكيكها لاحقا. تدريجيا ندخل فى مرحلة النوم العميق، المخ يفرز معدلات أعلى من الميلاتونين، والغيبوبة تصبح كاملة، نسقط فى هوة بلا قاع، ظلام وعدم، ينعدم الإحساس بالزمن، وتتوقف الأحلام، لكن قد تحدث كوابيس، وعندما نستيقظ نشعر بأننا ولدنا من جديد.الحياة دون نوم مستحيلة، ونحن ننام ثلث أعمارنا، ليس فقط من أجل الراحة، وإنما لأن المخ يعيد تنظيم نفسه، وعندما يستعصى النوم، تبدأ المعاناة، الجسد يتداعى، والدماغ يتضرر، ونصبح أكثر عدوانية، وأكثر عرضة للجلطات، وقد نصاب بالجنون. النوم راحة، والأرق عذاب، وبين النوم والموت شعرة، فمن الممكن أن ننام ولا نستيقظ، وحين نصحو من النوم، نحمد الله على نعمة النوم، وأيضا على نعمة الحياة. لمزيد من مقالات عبد العزيز محمود