على جدار إحدى مقابر الدير البحرى فى مدينة الأقصر صور جدودنا مشاهد صناعة ورق البردى بداية من زراعة نباته ومرورا بمعالجة سيقانه وتفتيحها من أجل صناعة أفرخ ورقية للكتابة عليها .. المشهد ذاته ما زال يتكرر اليوم فى مدينة قراموص بمحافظة الشرقية وكأن آلافا من الأعوام لم تمر على المشهد الأول. لكن يكشف المشهد الجديد بعضا مما لم يفصح عنه المشهد القديم حول هذه الأجواء المبهجة من فرحة الصغار ولهوهم حول غيطان البردى وبسمة الفتيات وهن يعملن على مختلف مراحل صناعته قبل تسليمه للمرسم من أجل طباعة النقوش الفرعونية والآيات القرآنية عليه. وبينما كانت أوراق البردى قديما حكرا على الملوك وكبار رجال الدولة من العلماء ليسجلوا عليها النصوص الدينية وأسرار العلوم، أصبحت اليوم هذه الصناعة هى حياة أهالى قراموص الذين تعمل نسبة كبيرة منهم بها بغرض بيعها للسائحين. “هى مهنة شاقة جدا ،لكنها ممتعة” هكذا يصفها محمد الذى ورث حرفة صناعة البردى عن والده ، ويستطيع إنتاج حوالى 500 فرخ فى الأسبوع. لكنه بطبيعة الحال لا يستطيع العمل بمفرده فيها، لأنها تعتمد على مراحل كثيرة فى العمل لذلك فهو يستعين بإخوته و مجموعة من فتيات القرية للعمل بها.