وكيل تعليم مطروح يحيل العاملين بمدارس براني للتحقيق    محافظ سوهاج يهنئ رئيس مجلس الوزراء بالذكرى 42 لعيد تحرير سيناء    بمناسبة عيد تحرير سيناء.. الخميس إجازة رسمية للعاملين بالقطاع الخاص    بحضور وزيري المالية والتخطيط.. البرلمان يبدأ إجراءات مناقشة الموازنة العامة للدولة (تفاصيل)    اليوم.. «اتصالات النواب» تناقش طلبات إحاطة بشأن ضعف شبكة الإنترنت    التنمية الاجتماعية والاقتصادية.. أهداف واختصاصات التحالف الوطني للعمل الأهلي    وكيل التموين بالعاصمة يفتتح منفذا لبيع السلع الاستراتيجية بمناطق بدائل العشوائيات بالسلام    أسعار الذهب اليوم الثلاثاء 23 إبريل في مصر بالمصنعية    أسعار الذهب تتراجع عالميا إلى أدني مستويتها في 3 أسابيع    تراجع معدل التضخم في سنغافورة خلال شهر مارس الماضي    إطلاق تطبيق عبر «الهاتف المحمول» لتقديم طلبات التصالح في «مخالفات البناء» (تفاصيل)    وزير التعليم يعقد اجتماعًا مع لجنة من قيادات الوزارة لتطوير الجودة التعليمية    الزراعة: بدء حصاد وتوريد القمح بالمحافظات.. تفاصيل    أسعار الحديد والأسمنت اليوم الثلاثاء.. عز ب 46 ألف جنيه    دبلوماسي سابق: مصر تحرص على إعادة الاستقرار في غزة (فيديو)    إسرائيل تستهدف مهندسًا بوحدات الدفاع الجوي لحزب الله    قتلى في تصادم طائرتين هليكوبتر بماليزيا (فيديو)    زلزال بقوة 5 درجات يضرب المنطقة البحرية قبالة محافظة هوالين فى تايوان    الهلال مُطالب بالريمونتادا أمام العين الإماراتي بنصف نهائي دوري أبطال آسيا    اتحاد الكرة يستدعي إنبي ولاعب المصري المتهم بالتزوير للتحقيق في الشكوى    محافظ شمال سيناء يستقبل وزير الشباب والرياضة خلال زيارته للعريش (صور)    «سيدات يد الأهلي» يواجه أبيدجان في ربع نهائي كأس الكؤوس الإفريقية    اليوم.. الأهلي يستأنف تدريباته استعدادا لمواجهة مازيمبي    توفيق السيد: غياب تقنية الفيديو أنقذ الأهلي أمام مازيمبي.. وأرفض إيقاف "عاشور"    ريال مدريد يمتلك لاعبين بجودة عالية.. مدرب الميرينجي السابق يعلق على أداء الفريق    موجة شديدة الحرارة غدا الأربعاء والأرصاد تقدم نصائح للمواطنين    سلك كهرباء.. مصرع شاب بصعق كهربائي في أطفيح    جدول امتحانات الصفين الأول والثاني الثانوي لمدرسة الحلي والمجوهرات للتكنولوجيا التطبيقية    اليوم.. استئناف مدير حملة أحمد الطنطاوي على الحكم الصادر ضده    ندوة بجامعة القاهرة لتوجيه الباحثين لخدمة المجتمع وحل المشكلات من وجهة نظر جغرافية    رسولوف وهازنافيسيوس ينضمان لمسابقة مهرجان كان السينمائي    توقعات الأبراج اليوم الثلاثاء 23 أبريل 2024.. «الجدي» المال في طريقك و«الميزان» يجد شريك مناسب    نيللي كريم تثير فضول متابعيها حول مسلسل «ب100 وش»: «العصابة رجعت»    فيلم فاصل من اللحظات اللذيذة يحقق 658 ألف جنيه إيرادات خلال 24 ساعة    الصحة: التوسع في الشراكة مع القطاع الخاص يضمن خلق منظومة صحية قوية قادرة على تحقيق الاستدامة    الرئيس البولندي: منفتحون على نشر أسلحة نووية على أراضينا    الدفاعات الأوكرانية: دمرنا جميع الطائرات المسيرة التي أطلقتها موسكو خلال الليل    مصرع سائق في تصادم سيارتين على صحراوي سوهاج    قرار عاجل بشأن مافيا الاتجار غير المشروع بالنقد الأجنبي بالقاهرة    طلاب الجامعة الأمريكية يطالبون الإدارة بوقف التعاون مع شركات داعمة لإسرائيل    وزير خارجية إيران: نأسف لقرار الاتحاد الأوروبي فرض قيود "غير قانونية" على طهران    أزمة لبن الأطفال في مصر.. توفر بدائل وتحركات لتحديد أسعار الأدوية    بدرية طلبة تشارك جمهورها فرحة حناء ابنتها وتعلن موعد زفافها (صور)    الإفتاء: لا يحق للزوج أو الزوجة التفتيش فى الموبايل الخاص    مصرع عامل غرقًا بمياه الترعة في سوهاج    مصر تستهدف زيادة إيرادات ضريبة السجائر والتبغ بنحو 10 مليارات جنيه في 2024-2025    ملتقى القاهرة الأدبي.. هشام أصلان: القاهرة مدينة ملهمة بالرغم من قسوتها    مصرع عامل دهسه قطار الصعيد في مزلقان سمالوط بالمنيا    أستاذ مناعة يحذر من الباراسيتامول: يسبب تراكم السموم.. ويؤثر على عضلة القلب    عاجل.. صفقة كبرى على رادار الأهلي الصيف المقبل    نصائح مهمة لمرضى الجهاز التنفسي والحساسية خلال الطقس اليوم    اتحاد عمال مصر ونظيره التركي يوقعان اتفاقية لدعم العمل النقابي المشترك    خلال ساعات العمل.. أطعمة تجعل الجسم أكثر نشاطا وحيوية    "بأقل التكاليف"...أفضل الاماكن للخروج في شم النسيم 2024    علي جمعة: منتقدو محتوى برنامج نور الدين بيتقهروا أول ما نواجههم بالنقول    مستدلاً بالخمر ولحم الخنزير.. علي جمعة: هذا ما تميَّز به المسلمون عن سائر الخلق    دعاء في جوف الليل: اللهم اجمع على الهدى أمرنا وألّف بين قلوبنا    الإفتاء: التسامح في الإسلام غير مقيد بزمن أو بأشخاص.. والنبي أول من أرسى مبدأ المواطنة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحرب الممنوعة فى غزة
نشر في الأهرام اليومي يوم 04 - 04 - 2019

إشعال الحروب ليس كإطفائها بالطبع. من السهولة أن تنزلق إحدى الدول أو التنظيمات إلى معركة مسلحة وتورط معها جهات أخرى، لكن من الصعوبة تحديد المدى الذي يمكن الوقوف عنده وتحجيم القوى المنخرطة في الصراع.
بعد أن كانت الحرب المحدودة ملاذا لهروب قادة إسرائيل في موسم الانتخابات، أصبحت مرفوضة أو متحفظا عليها اليوم، لأن التداعيات السلبية تفوق الإيجابيات. ولم تجد فيها حركة حماس فوائد سياسية كبيرة يمكن أن تحصدها من ورائها.
الجهود التي تبذلها مصر، ومعها الأمم المتحدة، لمنع نشوب حرب في قطاع غزة، قطعت شوطا كبيرا لتثبيت التهدئة الأمنية، ووجدت تجاوبا من قبل الأطراف المعنية لتجنبها. وأبدت الحكومة الإسرائيلية وحماس مرونة لقطع الطريق عليها. وهي من المرات النادرة التي يتفق فيها الجانبان على تحاشي سيناريو كان خيارا أساسيا في أوقات كثيرة.
بنيامين نيتانياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي لا يرغب هذه المرة دخول حرب عواقبها مجهولة، وربما تضاعف من جراحه السياسية وهو مقدم على انتخابات مصيرية، أكدت استطلاعات الرأي أن حظوظه في تحقيق فوز ساحق غير مضمونة. وبدلا من اللجوء للحرب لرفع أسهمه، سعى إلى عدم الوقوع في فخاخها المنصوبة له داخليا.
في مثل هذه الحالات لجأ مرشحون سابقون للقفز على الحواجز السياسية والهروب إلى الأمام من خلال شن حرب متواصلة أو متقطعة على غزة، والجري وراء استعراض القوى وعدم التردد في التلويح بها، كي يتم الحصول على تأييد واسع من اليمين المتطرف، الذي يطرب المنتمون إليه للمعارك وضجيجها وضحاياها.
لكن نيتانياهو يعمل على الفرار من كل ذلك حاليا، ويدرك أن الحرب لن تكون نزهة ولن تصب في مصلحته تماما. وقبل على مضض استقبال صواريخ من المقاومة الفلسطينية سقطت قريبة من بيوت المستوطنين في الأراضي المحتلة من دون الرد عليها بالأدوات المعتادة من القسوة والشراسة. وتعمدت حماس، التي درجت على التفاخر بإطلاق صواريخ جناحها العسكري، المعروف بعزالدين القسام، على إسرائيل، التنصل منها الأيام الماضية، واعتبرت ما خرج من القطاع على سبيل الخطأ، وقدمت تبريرات فنية وسياسية لعدم توفير حجة لاستهدافها، والإيحاء بأنها على استعداد للتعايش مع السلام ومتطلباته، إذا التزم الطرف الآخر به.
الليونة الظاهرة على أداء قيادة حماس في غزة، تعزز الطقوس البرجماتية التي ساعدتها كثيرا على تجاوز بعض العقبات، خاصة في المحكات المحورية، والتي تفرض عليها التعامل بقدر من الرشادة، لأن المناطحة والمواجهة أحيانا تجلب نتائج عكسية. وعندما وجدت الأجواء المحلية أشد قتامة لجأت إلى اتخاذ تدابير متعددة لتحاشي عاصفة إسرائيلية، تضطرها إلى تقديم تنازلات في معركتها الطويلة مع السلطة الفلسطينية.
الفرار من الحرب، ربما يكون العنوان المشترك في سيمفونية طويلة أدمنها غالبية قادة إسرائيل وحماس، لكل طرف دوافعه الخاصة التي تختلف عن الآخر، لكن في المحصلة النتيجة واحدة، لأن وقوع صدام مسلح في ظروف إقليمية تتسم بدرجة عالية من السيولة سوف يكون وبالا على الجميع، بصرف النظر عن أسباب اندلاع الحرب ودوافعها وتفسيرات الانجرار خلفها.
البيئة العامة في المنطقة ملبدة بغيوم عسكرية وسياسية، عجز الكثير من القوى على فك طلاسمها، ولن تستطيع تحمل مواجهة قد تتجاوز حدود غزة، في ظل وجود قوى متربصة ترى في الحرب أداة لتخفيف حجم الضغوط الواقعة عليها، ما يخلط أوراقا مختلفة تم تجهيز ملامحها لترتيب بعض الأولويات في المنطقة. كما أن نيتانياهو يعتقد أن ما حققه من اختراقات معنوية في الدائرتين العربية والإفريقية، من الممكن البناء عليه للحصول على تمدد سياسي عبر تطوير العلاقات مع دول مهمة، بينما يقود نشوب حرب إلى خسارة هذا التوجه، وربما تعود بعض القيادات العربية لعادتها في عدم مصافحة إسرائيليين في العلن وبقائها في السر، وهي الخطوة التي تم كسرها السنوات الماضية، وتعول عليها إسرائيل في إيجاد روابط طبيعية.
رئيس الحكومة الإسرائيلية يريد الحفاظ على مكاسب عديدة حصل عليها من الإدارة الأمريكية، ويحاول التناغم مع البوصلة التي يقبض على زمامها الرئيس دونالد ترامب، وحققت له جملة من المزايا التاريخية، يصعب تحقيقها من خلال الحرب، ولذلك ينأى عنها في غزة، فهو لا يضمن نتائجها، والأخطر أنه لن يستطيع السيطرة عليها بعد أن تمكنت المقاومة من تطوير آلتها العسكرية.
ضبط زناد البنادق وغرف التحكم في إطلاق الصواريخ وفرملة أزيز الطائرات العسكرية، ومنع انفلات كل المعدات، خطوات تسير عكس الاتجاه المعروف عن إسرائيل، ويمكن أن تؤدي إلى إنهاء الانقسام وإعادة اللحمة الفلسطينية، وضخ دماء نقية في عروق دول عربية ترى عدوانا سافرا في الاعتراف الأمريكي بمنح إسرائيل الحق في الاستحواذ على هضبة الجولان السورية.
كذلك حماس لم تتخلف عن ضبط النفس، ولم تنجر وراء دعوات تخفيف مشكلاتها الداخلية بجر إسرائيل إلى الحرب في القطاع، حيث تأكدت أن الرد هذه المرة سوف يكون أكثر كلفة، ويفضي إلى فقدان المقاومة مخزونها الاستراتيجي من الأسلحة، التي تعزز موقف قيادتها السياسية في مواجهة حركة فتح.
الاتهامات التي تلاحق حماس بشأن علاقتها بإيران، تكبح جانبا من الاتجاه نحو الحرب، لأن طهران يمكن أن تجني أرباحا كبيرة، إذا اندلعت مواجهة مسلحة في غزة، تلفت الأنظار إلى القطاع ورواسبه القديمة، وتخطف الأضواء من اتخاذ تدابير إقليمية ودولية لتفكيك الوجود الإيراني في الأراضي السورية. معادلة إيران في المنطقة واحدة من الكوابح الرئيسية للحرب على غزة.
وجدت فيها إسرائيل بابا للتفاهم مع بعض الدول العربية، ووسيلة لصرف الأنظار عن انتهاكاتها، وتقديم منهج العدو المحتمل على الفعلي. كما أن حماس تريد الاحتفاظ بمسافة بعيدة عن محور طهران، كي لا تعاقب سياسيا بالمنطق العربي الذي يحكم التعامل مع القوى المنتمية لهذا المحور.
الحرب ستبقى مرفوضة وملعونة في غزة، ما لم تحدث مفاجآت تؤدي إلى حدوث خلل في التفاهمات الضمنية للتهدئة بين إسرائيل وحماس. وقتها يمكن أن تدخل المنطقة معركة يصعب السيطرة على روافدها العسكرية والسياسية.
لمزيد من مقالات محمد أبوالفضل


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.