الدورة الثامنة والثلاثون لمهرجان إسطنبول السينمائي لن تكون كسابقاتها، إذ تأتي في ظل أجواء سياسية استثنائية خاصة مع ود مفقود مع حزب العدالة والتنمية الحاكم، فطوال السنوات التي مضت كان هناك وما زالت إجراءات حكومية ممنهجة جل هدفها احكام الحصار حول الفاعلية الأهم في عموم البلاد التي استعصي علي أهل الحكم اختراقها أو وأدها وها هي تطل من جديد بالتزامن مع رياح تحمل التغيير والتحدي في آن واحد. ويحرص القائمون عليها تقديم كل ما هو مختلف ومغاير في عالم الفن السابع. وهذا العام وفي سابقة هي الأولي يشارك فيلم سوداني بالمسابقة الرسمية للمهرجان الذي تنطلق لياليه يوم الجمعة المقبل، وتستمر حتي السادس عشر من إبريل وتلك هي المشاركة العربية الوحيدة. والعمل أسهم في انتاجه كل من فرنسا وتشاد. والمفارقة أن السينما السودانية لم تعد سوي حلم بعد أن أسدلت عليها ستائر قاتمة حجبتها لسنوات ، لكن يبدو أن ثمة حالمين في المنافي والشتات عاشقين للشاشة الفضية ما زالوا تواقين يريدون استعادتها وإعادتها للمواطنين السودانيين، وهذا هو ذاته محور النص البصري المعنون الحديث عن الأشجار الذي سيشاهده الأتراك وأخرجه وكتبه بلغة وجودية صهيب جاسم البري، وسبق وعرض في برلين العام الحالي. ولا جدال في أن صانعيه يحدوهم أمل في الظفر بزهرة التوليب الذهبية وهي الجائزة الكبري التي يتنافس عليها 12 فيلما تمثل السويد وبريطانيا والولاياتالمتحدة وكوريا الجنوبية والأرجنتين وايران وروسيا بجانب عملين من البلد المضيف ويرأس لجنة التحكيم الكندي كاتب السيناريو فيليب ليزجيه. هذا العام أيضا، ستكون لزائري المهرجان فرصة لمشاهدة 186 فيلما منها 175 روائيا يمثل 40 دولة من قارات المعمورة موزعة علي 19 قسما. وفي خطوة مثيرة اقتبس المهرجان واحدا من أهم الملصقات والأكثر شهرة في السينما ليكون ملصقه ويشير إلي شخصية أليكس في فيلم Clockwork Orange، أحد أشهر أفلام المخرج الأمريكي الذائع الصيت الراحل ستانلي كوبريك، الذي أفرد المهرجان قسما خاصا له بمناسبة مرور عشرين سنة علي وفاته بعرض 13 فيلما هي مختارات تمثل مسيرته السينمائية بمحطاتها المتنوعة التي امتدت قرابة 46 سنة منذ أول فيلم أخرجه وهو الخوف والرغبة عام 1953 وتعتبر من كلاسيكيات السينما العالمية. وسيكون فيلم الافتتاح هو إدموند، أحدث فيلم للمخرج الفرنسي الموهوب الكسيس ميكاليك، الذي دارت أحداثه في باريس نهاية القرن التاسع عشر وتتحدث عن الفنان الشاب العبقري المتعدد المواهب فهو مسرحي وممثل وكاتب وعرف عنه أنه «أمير المسرح الفرنسي» ، وعلي خشبة المسرح يتسم أداء «إدموند» بالبراعة ويعايش بصرامة الشخصية التي يؤديها، إذ سرعان ما يتقمصها والمثير أنه اكتسب شهرة مبكراً مثل ميكاليك نفسه. مسابقة حقوق الانسان التي يرأس لجنة تحكيمها المخرج الروماني فلورين شيربان وفيها عشرة اعمال من بنماوفرنسا وسويسرا والولاياتالمتحدة والبرازيل واستراليا وبولندا. أما المسابقة المحلية فجائزتها الكبري تراجعت لتصبح قيمتها 150 ألف ليرة ومع تدهور الأخيرة أمام العملات الاجنبية صارت أقل من 27 ألف دولار تمنح لأحسن فيلم وتتنافس فيها 9 أعمال إضافة إلي 5 أفلام خارج المسابقة. وبخصوص السينما الوثائقية ستعرض 12 عملا منها ما تم إنتاجه مع الولاياتالمتحدة وايطاليا، لكن اللافت هو الشريط الوثائقي «يأتي الشتاء أو الضيف» الذي أخرجته زينب جوزيل بالتعاون مع أرمينيا التي لا توجد علاقات دبلوماسية لها أنقرة، وسيمنح الفائز جائزة مالية قدرها 10 آلاف ليرة أي ما يعادل 1800 دولار.