مجلس جامعة دمنهور يهنئ القيادة السياسية والقوات المسلحة ب عيد تحرير سيناء    رئيس جامعة العريش: الكليات الجديدة في سيناء تتماشى مع رؤية مصر 2030|فيديو    من أمام معبر رفح.. أحمد موسى : مصر ضحّت كثيرا لاسترداد سيناء    وزارة العمل تطلق حملات توعية بنشر ثقافة السلامة والصحة المهنية    تأجيل بيع محطتي سيمنز .. البنوك الألمانية" أو أزمة الغاز الطبيعي وراء وقف الصفقة ؟    ارتفاع الذهب اليوم الخميس.. تعرف على الأسعار بعد الزيادة    البحيرة : دعم منظومة النظافة والمخلفات الصلبة للارتقاء بالمظهر الحضارى للمحافظة    جي في للاستثمارات توقع اتفاقية لإنشاء مصنع لسيارات لادا في مصر    مصير مجهول ينتظر "مؤتمر المصالحة الليبية" ..تحشيد عسكري روسي وسيف الإسلام مرشحا للقبائل !    مراقبون: فيديو الأسير "هرش بولين" ينقل الشارع الصهيوني لحالة الغليان    شاهد لحظة قنص ضابط إسرائيلي ببيت حانون شمال غزة    الفصائل الفلسطينية: أمريكا والغرب يتحملان مسئولية عملية الاجتياح البري لمدينة رفح    رسالة خطية من سلطان عمان إلى الرئيس التونسي.. تفاصيل    بعد خسارة الأهلي ضد أويلرز الأوغندي.. موقف مجموعة النيل ببطولة ال«BAL»    خبر في الجول – الأهلي يتقدم بشكوى ضد لاعب الاتحاد السكندري لاحتساب دوري 2003 لصالحه    الإسكواش، سيطرة مصرية على لقب الرجال في بطولة الجونة الدولية    كأس إيطاليا - هدفان +90 يقودان أتالانتا إلى نهائي ناري أمام يوفنتوس    ختام فعاليات الشباب والرياضة الحوار المجتمعي «دوّي» بالإسكندرية    النيابة تستمع لأقوال شهود العيان في حادث تسرب الكلور داخل حمام سباحة نادي الترسانة    حظك اليوم برج الميزان الخميس 25-4-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    اختيارات النقاد.. بعد سيطرة الكوميديا ما هى الأفلام الأنسب لموسم العيد؟    أخبار الفن|طلاق الفنان أحمد جمال من زوجته سارة قمر.. وشريف منير يروّج ل«السرب».. وهذه الصور الأولى من زفاف ابنة بدرية طلبة    فريد زهران: نسعى لوضع الكتاب المصري في مكانة أفضل بكثير |فيديو    في حفل تأبين أشرف عبدالغفور .. أشرف زكي: فقدنا فنانا رسم تاريخه بالذهب    إليسا في أحدث ظهور من ميامي    الزكاة على أموال وثائق التأمين.. الإفتاء توضح أحكامها ومتى تجب    آية ب القرآن تجلب الرزق .. وفضل سورة الواقعة في بُعد الفقر    خالد الجندي: الاستعاذة بالله تشمل شياطين الإنس والجن .. فيديو    الصحة تفحص مليون و413 ألف طالب ضمن المبادرة الرئاسية للكشف المبكر عن فيروس سى    المواعيد الصيفية لغلق وفتح المحال والمطاعم والمولات والمقاهي    السجن 10 أيام عقوبة جندى إسرائيلى تخابر مع إيران    سفير ألمانيا بالقاهرة: المدرسة الألمانية للراهبات أصبحت راسخة في نظام التعليم المصري    مايا مرسي: الدولة المصرية مهتمة بتذليل العقبات التي تواجه المرأة    مدير تعليم القاهرة: مراعاة مواعيد الامتحانات طبقا للتوقيت الصيفي    علي فرج: مواجهة الشوربجي صعبة.. ومستعد لنصف نهائي الجونة «فيديو»    رئيس جامعة دمنهور يشهد فعاليات حفل ختام مهرجان بؤرة المسرحي    أحمد جمال سعيد يعلن انفصاله عن زوجته سارة قمر بعد زواج 12 عامًا    تعرف على تردد قناة الحياه الحمراء 2024 لمتابعة أقوى وأجدد المسلسلات    أحمد موسى: مصر قدمت تضحيات كبيرة من أجل إعادة أرض سيناء إلى الوطن    إجازات شهر مايو .. مفاجأة للطلاب والموظفين و11 يومًا مدفوعة الأجر    خال الفتاة ضحية انقلاب سيارة زفاف صديقتها: راحت تفرح رجعت على القبر    في الموجة الحارة.. هل تناول مشروب ساخن يبرد جسمك؟    طريقة عمل الكبسة السعودي باللحم..لذيذة وستبهر ضيوفك    مدير «مكافحة الإدمان»: 500% زيادة في عدد الاتصالات لطلب العلاج بعد انتهاء الموسم الرمضاني (حوار)    السيد البدوي يدعو الوفديين لتنحية الخلافات والالتفاف خلف يمامة    حكم تصوير المنتج وإعلانه عبر مواقع التواصل قبل تملكه    متحدث «الصحة» : هؤلاء ممنوعون من الخروج من المنزل أثناء الموجة الحارة (فيديو)    بعد إنقاذها من الغرق الكامل بقناة السويس.. ارتفاع نسب ميل سفينة البضائع "لاباتروس" في بورسعيد- صور    العاهل البحريني ورئيس الإمارات يدعوان إلى تهدئة الأوضاع بالشرق الأوسط    وزارة التخطيط وهيئة النيابة الإدارية يطلقان برنامج تنمية مهارات الحاسب الآلي    10 توصيات لأول مؤتمر عن الذكاء الاصطناعي وانتهاك الملكية الفكرية لوزارة العدل    بلطجة وترويع الناس.. تأجيل محاكمة 4 تجار مخدرات بتهمة قتل الشاب أيمن في كفر الشيخ - صور    تضامن الغربية: الكشف على 146 مريضا من غير القادرين بقرية بمركز بسيون    تأجيل محاكمة 4 متهمين بقتل طبيب التجمع الخامس لسرقته    تقديرات إسرائيلية: واشنطن لن تفرض عقوبات على كتيبة "نيتسح يهودا"    القبض على 5 عصابات سرقة في القاهرة    دعاء العواصف والرياح.. الأزهر الشريف ينشر الكلمات المستحبة    «التابعي»: نسبة فوز الزمالك على دريمز 60%.. وشيكابالا وزيزو الأفضل للعب أساسيًا بغانا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العندليب كاتبا
نشر في الأهرام اليومي يوم 01 - 04 - 2019

أحذر نفسى، لأن النفس أمَّارة بالسوء، أن أصبح إنسان الماضى. فأكتشف ذات صباح انسحابى من الحاضر وعجزى عن القدرة على الحلم بالمستقبل. تلك حالتى التى أعيشها ولا أعترف بأننى أعيشها وأحاول الهروب من أن أحيا فيها حتى يصبح من حقى أن أشارك فى حاضرى، وأن أكون جزءاً من حلم المصريين.يأخذنى للماضى أوراق الماضى. وفى كل مرة أقول إنها الأخيرة التى أمارس فيها الخطأ الجميل أو الخطيئة العذبة.
إلا أننى ألف وأدور حول نفسى وأعود إلى حيث أحاول الهروب. هارب من الهروب إلى الهروب. لكنه الماضى الأكثر جمالاً. كتب عبد الحليم حافظ عن أساتذته فى الحياة. وهى كتابات نفتقدها كثيراً من الفنانين الآن.
أين أيامنا من أيامهم؟ سؤال يدمى القلب ويوجع الضمير. لكن لنقرأ أولاً ما كتبه حليم.
كتب حليم عن أساتذته: تعليم الأيام ودروس الليالى علوم ودروس لا تعترف بها الجامعات. ولا تدرس فى كتب. وإذا كنت أعرف أننى لم أتخرج فى جامعة. فإننى أؤكد أن جامعة الحب والحياة أعمق فى دروسها وأبلغ أثراً. وها هم أساتذتى فى مدرسة الحياة.
الفقر: عرفته فى مقتبل العمر وتعلمت منه القناعة. كان أبى ميتاً وأمى سبقته. وكان الرزق شحيحاً وخال لنا يعولنا! الفقر علمنى قيمة القرش وقت أن كنت تلميذاٍ وكانت تمر بى أيام لا أجد فيها القرش فأمشى المسافات دون تعب. ويبلى الحذاء فتتعقد الأمور أكثر. غير أننا كنا ننشد الستر.
لا يعنينا ما نأكل طالما يرانا الناس مستورين والفقر علمنى الإيمان بأن الله لا ينسى المخلوق. ما من دابة فى الأرض إلا على الله رزقها. والله يرزق طيور السماء فيكف بالإنسان!.
الفقر درس بليغ من دروس الحياة إذا صبرت عليه. إذا أردت أن تقهره بأسلحة نظيفة. بعرقك ودموعك. ولكنه أى الفقر أُس الرذائل إذا أردت أن تقهره بأسلحة ليست من صنع الضمير.
الغنى: وجاء الغنى. وعرفت أنه ليس أكبر المنى ولا قمة الأمل. بلغته مع المرض. كان كفاحى مضنياً لم تحتمله صحتى فلم أحس الغنى. وفى أيام الغنى عرفت لوناً من الناس تجذبه الثروة فى أى وعاء تكون. وأحسست بأناسٍ يستغلوننى. وما أنا بالبخيل وما أنا بالذى أحب أن أسعد بمالى وحدى. ثم كشفت لى الأيام عن خسة فى البعض لم تفقدنى الثقة فى الباقين. فإن لى أصدقاء حميمين هم العزاء عن المستغلين. علمنى الغنى أن المال ليست له قيمة. السعادة الحقيقية هى الصحة.
فالمال قد يكون لا وزن له إذا كنت تشكو علة. علمنى الغنى أن المال يجىء لننفقه فى سبيل السعادة. على أن السعادة ليست المقامرة ولا النزوات. السعادة هى فى مواجهة حاجات الآخرين. فى إحساسك بأنك تؤدى للناس نفعاً. وما استحق أن يولد من عاش لنفسه فقط!.
المرض: علمنى المرض حكمة كنت أسمعها وأرددها كالببغاء ولا أفهم معناها: - الصحة تاج فوق رءوس الأصحاء لا يراه إلا المرضى . علمنى المرض: الصحة أثمن ما فى الوجود. وأن الناس يحبوننى وأن هذا الحب كنز أكبر من كل الأرصدة فى البنوك. فإننى حين ذهبت إلى لندن لم أحس يوماً واحداً بأننى بعدت عن القاهرة. كنت كل يوم أتلقى عشر مكالمات ومائة خطاب، ووفوداً تجىء تتمنى لى الصحة. وعلمنى المرض درس الطاعة. فإننى أخللت بشروط الأطباء بضع مرات فدفعت الثمن أياماً أخرى قضيتها فى فراش المرض، وما أحلى دروس الطاعة وما أنفعها. علمنى المرض الصبر. فالليالى الطوال فى الفراش البارد تحطم الأعصاب ومرغماً صبرت عليها!. وعلمنى المرض أن أقرأ كثيراً. ومن قراءاتى الكثيرة ازداد وزنى. فى الفكر والعمق والتأمل.
اليتم: علمنى اليتم قيمة الحنان وحولنى الحنان مع خطوى نحو الثلاثين حولنى إلى طفل. الكلمة الحنون تأسرنى، العطف الحنون يطربنى. ثم علمنى اليتم درس الاعتماد على النفس. صحيح أن من الأهل من علمنا وأقام أودنا. إلا أننا كنا ننظر إلى المستقبل نظرة توجس. ولهذا كنا نريد أن نكون أبطال بيوتنا.
اعتمدت على نفسى وتعلمت من اليتم أن أقف على قدمى سريعاً وأكافح بلا ضجر. وأصنع غدى بيدى. لعل السبب الأول فى أكثر قصص الفشل أحاسيس عند الشباب أنهم إذا فشلوا فيجدون رصيداً من الحنان عند الأم ورصيداً من المال عند الأب. أنا لم أكن هذا ولا ذاك ولهذا انطلقت على طريق لا يعرف الكسل ولا الملل.
الشهرة: أحب الشهرة. ولكن مع حرصى على كرامتى. تعلمت أن أشد حيلى وحدى وأمضى على الطريق لا أقف. ولما حصلت على الشهرة تعلمت أن لها ثمناً يجب أن يُدْفَعْ. المظهر. السيارة، الملبس، والوسط. وكلها أعباء لا فرار منها. غير أن الثمن. أفدح الثمن هو بعدى عن الناس. عن الحياة البسيطة. غير أننى أدفع هذا الثمن راضياً. هل أغالط وأقول أننى أتمنى ألا أكون مشهوراً لكى أتمتع بهذه الحريات!. ولعل أصعب ما فى الشهرة. محافظتك على مكانتك عند القمة. رأيت كثيرين يتهاوون من فوقها لأنهم حين بلغوها لم يكترثوا لأكثر من البلوغ. لم يستطيعوا عملية الاستمرار. وأدركت لماذا تهاووا كأوراق الخريف. والغرور أول مزالق القمة! وقانا الله شره وعدْواه.
الحب: علمنى الحب كيف أحس: فإن دروس الحب لا تقل فى نفعها عن دروس الموسيقى. وإذا كنت لم أجرب حباً أعتبره حب العمر. فإن زورق الحياة يمضى بنا ولا يخلو أمره من نسمة رقيقة تمنحه للأمام دفعة!. وهذه النسمات مرت بحياتى وعلمتنى أن الحب الحقيقى هو الحب الذى لا مصلحة فيه. لا تجارة.. لا مساومة. وهو الحب الذى يخلو من تهمة التدبير السابق فأنت لا تقول لنفسك سأحب هذه الفتاة وأكره تلك. ولكن الحب أحلى ما فى الحياة وأحلى ما فيه العذاب!.
أدعو لكم بالحب موش بالعذاب، أدعو لكم بالحياة. نشر هذا الكلام العذب والجميل بقلم عبد الحليم حافظ فى مجلة الكواكب. تصدرها دار الهلال عدد 432 الصادر فى10 نوفمبر 1959.
لمزيد من مقالات يوسف القعيد


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.