ليس يخالجنى أدنى شك فى أن الجزائر بتاريخها النضالى ونخبتها المستنيرة وشعبها الصبور قادرة بإذن الله على إنجاز مهمة الانتقال السلمى للسلطة بحنكة وسلاسة تجنب الوطن العزيز والغالى على قلب كل عربى شر الانزلاق نحو الفتنة والانقسام. لقد تفتحت عيون الجيل الذى أنتمى له على ثورة المليون شهيد التى كانت تحتضنها ثورة 23 يوليو عام 1952 فى مصر وتجعل من أحداثها وأنبائها وجبة دسمة ومستدامة تتساوى فى أهميتها وأسبقيتها مع أدق الشئون المصرية الخالصة. إن الشعب الجزائرى الذى عبر محنة العشرية السوداء لسنوات الإرهاب والتطرف دون أن تهتز ثوابته الأساسية فى ثلاثية العروبة والإسلام وإفريقيا سوف يستطيع بعون الله وبحكمة المخلصين فيه تجنيب الجزائر مخاطر الارتداد إلى الوراء تحت أى رايات مزيفة ومضللة والبقاء صامدة وشامخة فى خنادق انتمائها الأساسية محافظة على مكانها ومكانتها كإضافة حقيقية للأمل العربى المشروع وللحلم الإفريقى المنشود وللإسلام الوسطى المعتدل! إن الجزائر التى أتحدث عنها تمثل درة القلب فى مجموعة دول المغرب العربى حيث إنها تقع فى وسط شمال إفريقيا وتبلغ مساحتها مليونين وثلاثمائة وواحد وثمانين ألفا وسبعمائة وواحد وأربعين كيلو مترا أى ما يزيد على ضعف مساحة مصر حيث يحدها البحر المتوسط شمالا بشاطئ ساحلى يبلغ طوله إثنى عشر ألف كيلو متر فى حين تشترك حدودها غربا مع المملكة المغربية وجمهورية موريتانيا وجنوبا مع مالى والنيجر، أما من ناحية الشرق فتتلامس حدودها مع كل من تونس وليبيا. ورغم أن آخر زيارة قمت بها للجزائر كانت قبل 10 سنوات فإن الملامح الإنسانية للشخصية الجزائرية مازالت حاضرة فى الذهن والقلب كنموذج للقدرة على المواءمة بين جذور الحضارة الإسلامية وملامح الحضارة الأوروبية بنفس درجة الإبداع الهندسى للعاصمة «الجزائر» التى تمثل مزيجا من عبق التاريخ الإسلامى وحداثة الحضارة الأوروبية ويتضح ذلك بجلاء فى أشكال المبانى وتخطيط الشوارع. وإذا كان البعض يعتقد بصعوبة استكشاف الأفق المجهول بعد الرئيس بوتفليقة الذى يمثل آخر رموز الثورة الجزائرية وحزب جبهة التحرير الذى قاد البلاد بعد حصولها على الاستقلال عام 1962 فإننى – ومعى كثيرون – نعتقد بأنه مهما بدت على سطح اللحظة الراهنة من صعوبات فإن هناك احتمالات مشجعة لنهاية ترضى جميع الأطراف فى البلد الشقيق.. وتقطع الطريق على من يحلمون بتكرار مأساة نشر الفوضى فى الجزائر باسم الربيع العربى المزعوم! خير الكلام: من تراه ملاكا أمامك ربما يكون شيطانا فى غيابك! [email protected] لمزيد من مقالات مرسى عطا الله