لم يكن اعتراف الرئيس الأمريكى دونالد ترامب بسيادة إسرائيل على الجولان المحتل هدية كبرى، كما يرى معظم الإسرائيليين، فالهدية فى أبسط معانيها تكون من ملك من أهدى الى المهدى إليه، وبالتالى فالجولان ليست أرضا أمريكية يملكها ترامب ضمن فنادقه الضخمة كى يهبها الى بنيامين نيتانياهو رئيس الوزراء الإسرائيلى عشية الانتخابات لكى يمنحه فيها غالبية أصوات الإسرائيليين..ويكفى أن المعارضة الإسرائيلية فطنت لخدعة ترامب واعتبرتها رشوة أمريكية لليمين الإسرائيلى المتطرف لكى يحقق فوزا كبيرا فى الانتخابات التى ستجرى بعد أيام، وبالتالى يكون قرار ترامب تدخلا سافرا فى الشأن الداخلى الإسرائيلي.. وثمة نقاط مهمة أغفلها ترامب بصفقته الوهمية: أولا: موقف الجولان يحدده القانون الدولي، لأنها أرض محتلة لا يجوز تغيير ملامحها الجغرافية والسياسية والاقتصادية وفقا لمبدأ عدم جواز تغيير الحدود بين الدول إلا بموجب اتفاق الدول المعنية. ثانيا: القرار الأمريكى لا قيمة له فى ظل قرارى مجلس الأمن 242و338 ويؤكد فيهما المجلس عدم القبول بالاستيلاء على أرض الغير بواسطة الحرب وضرورة الانسحاب الإسرائيلى من الأراضى التى احتلتها فى حرب الرابع من يونيو. كما يتعارض قرار ترامب مع القرار 497 لعام 1981 الذى رفض الاعتراف بإقرار الكنيست الإسرائيلى لقانون الجولان وفرض الإدارة الإسرائيلية على الجولان . ويمكن لمستشارى ترامب تذكيره بكل بيانات الجمعية العامة خلال اجتماعاتها السنوية، إذ تؤكد عدم شرعية الاحتلال وضرورة الانسحاب الإسرائيلى منه حتى خطوط الرابع من يونيو 1967. ثالثا: تؤكد وديعة رابين شبه اتفاق المفاوضين السوريين والإسرائيليين بعد أكثر من 11 جولة تفاوضية على استعادة سوريا مرتفعات الجولان المحتلة وفق اتفاقات أمنية واستراتيجية محددة وتحديد عدد القوات المرابطة فى كل جانب، مع ضمانات أمريكية بالتنفيذ الدقيق لاتفاق السلام الذى كان محتملا توقيعه بين دمشق وتل أبيب، ولم يؤخر هذا الاتفاق سوى بعض الضغوط الإسرائيلية التى تتعلق بمياه طبرية وحصة محددة تستغلها إسرائيل لسد النقص الحاد فى المياه التى تحتاجها سنويا. لم يدرك الرئيس الأمريكى أن بسط الاستقرار والأمن فى المنطقة لن يتحقق والجولان محتلة والقدس عاصمة لإسرائيل..فالحق سيعود بغض النظر عن أفكار المسيحية الصهيونية. لمزيد من مقالات محمد أمين المصرى