داليا عبد الرحيم: الإخوان أسست حركات لإرهاب الشعب منذ ثورة 30 يونيو.. خبير: عنف الجماعة لم يكن مجرد فعل على الثورة.. وباحث: كان تعاملهم برؤية باطنية وسرية    باحث ل«الضفة الأخرى»: جماعة الإخوان الإرهابية تتعامل برؤية باطنية وسرية    خبير ل"الضفة الأخرى": الإخوان قرورا استخدام العنف قبل ثورة 30 يونيو ب 6 أشهر    عيار 21 الآن يرتفع من جديد.. أسعار الذهب اليوم السبت في مصر «بيع وشراء» بالمصنعية (تفاصيل)    عمرو أديب يطالب يكشف أسباب بيع طائرات «مصر للطيران» (فيديو)    الحكومة تكشف حقيقة استثناء العاصمة الإدارية من قطع الكهرباء (فيديو)    الأسهم الأمريكية تتباين عند التسوية وتسجل خسائر أسبوعية    تعليق مثير من ليفاندوفسكي قبل مواجهة «الكلاسيكو» ضد ريال مدريد    قطر تعرب عن أسفها لفشل مجلس الأمن في اعتماد قبول العضوية الكاملة لفلسطين في الأمم المتحدة    خبير ل«الضفة الأخرى»: الغرب يستخدم الإخوان كورقة للضغط على الأنظمة العربية المستقرة    الهلال الأحمر الفلسطيني: فقدان الاتصال بطواقمنا داخل مخيم نور شمس    عاجل - فصائل عراقية تعلن استهداف قاعدة عوبدا الجوية التابعة لجيش الاحتلال بالمسيرات    إعلام عراقي: أنباء تفيد بأن انفجار بابل وقع في قاعدة كالسو    وزير دفاع أمريكا: الرصيف البحري للمساعدات في غزة سيكون جاهزا بحلول 21 أبريل    «المليارديرات الأشرار».. آخر كلمات رجل أشعل النار في نفسه خارج قاعة محاكمة ترامب    وزير الرياضة يتفقد المدينة الشبابية بالغردقة    الجزيري: درسنا دريمز جيداً ونسعى للحسم في القاهرة    دخول مفاجئ للصيف .. إنذار جوى بشأن الطقس اليوم وبيان درجات الحرارة (تفاصيل)    باحث عن اعترافات متحدث الإخوان باستخدام العنف: «ليست جديدة»    «الأرصاد» تحذر من حالة البحر المتوسط بسبب نشاط الرياح.. ماذا يحدث؟    بليغ حمدي الدراما.. إياد نصار يكشف سر اللقب الذي أطلقه الجمهور عليه بعد «صلة رحم»    إياد نصار يكشف تأثير شخصيته في صلة رحم على أبنائه    وصول دنيا عبد العزيز ومحمد العمروسي ل حفل زفاف نجل محمد فؤاد    إطلالة بسيطة ومميزة.. سعر صادم لفستان زفاف زوجة نجل محمد فؤاد    انطلاق ليالي العرض المسرحي الحياة حدوتة ببورفؤاد    سر الثقة والاستقرار: كيف تؤثر أدعية الرزق في حياتنا اليومية؟    أدعية الرزق: دروس من التواصل مع الله لنجاح وسعادة في الحياة    مرض القدم السكري: الأعراض والعلاج والوقاية    مرض ضغط الدم: أسبابه وطرق علاجه    متلازمة القولون العصبي: الأسباب والوقاية منه    تجنب تشوه العظام.. أفضل 5 مصادر غنية بفيتامين «د» يجب عليك معرفتها    «هترجع زي الأول».. حسام موافي يكشف عن حل سحري للتخلص من البطن السفلية    تسجيل الدخول منصة مدرستي للطلاب والمعلمين 1445    وزير الأوقاف ومحافظ جنوب سيناء يفتتحان أعمال تطوير مسجد الصحابة بشرم الشيخ    انطلاق حفل آمال ماهر بأحد مولات القاهرة وسط تفاعل جماهيري    تقليل الاستثمار الحكومي وضم القطاع غير الرسمي للاقتصاد.. أهم ملامح الموازنة الجديدة    يوفنتوس ينجو من الهزيمة أمام كالياري في الدوري الإيطالي    «القومي للمرأة» ينظم عرض أزياء لحرفة التلي.. 24 قطعة متنوعة    محافظ قنا: بدء استصلاح وزراعة 400 فدان جديد بفول الصويا    تفاصيل اللحظات الأخيرة في حياة صلاح السعدني.. مات على سريره داخل منزله    الأهلي يكتسح أويلرز الأوغندي في افتتاح مبارياته ببطولة الBAL    عاجل.. مفاجأة في تقرير إبراهيم نور الدين لمباراة الأهلي والزمالك    حصل على بطاقة صفراء ثانية ولم يطرد.. مارتينيز يثير الجدل في موقعه ليل    الحماية المدنية تسيطر على حريق في «مقابر زفتى» ب الغربية    إخماد حريق بمخزن خردة بالبدرشين دون إصابات    50 دعاء في يوم الجمعة.. متى تكون الساعة المستجابة    11 جامعة مصرية تشارك في المؤتمر العاشر للبحوث الطلابية بكلية تمريض القناة    مؤتمر أرتيتا: لم يتحدث أحد عن تدوير اللاعبين بعد برايتون.. وسيكون لديك مشكلة إذا تريد حافز    حماة الوطن يهنئ أهالي أسيوط ب العيد القومي للمحافظة    بالإنفوجراف.. 29 معلومة عن امتحانات الثانوية العامة 2024    معلومات الوزراء يكشف أهداف قانون رعاية حقوق المسنين (إنفوجراف)    انطلاق 10 قوافل دعوية.. وعلماء الأوقاف يؤكدون: الصدق طريق الفائزين    شرب وصرف صحي الأقصر تنفى انقطاع المياه .. اليوم    شكوى من انقطاع المياه لمدة 3 أيام بقرية «خوالد أبوشوشة» بقنا    "التعليم": مشروع رأس المال الدائم يؤهل الطلاب كرواد أعمال في المستقبل    العمدة أهلاوي قديم.. الخطيب يحضر جنازة الفنان صلاح السعدني (صورة)    نصبت الموازين ونشرت الدواوين.. خطيب المسجد الحرام: عبادة الله حق واجب    إسعاد يونس تنعى الفنان صلاح السعدني بصورة من كواليس «فوزية البرجوازية»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الصناعة طريق النهضة العربية
نشر في الأهرام اليومي يوم 26 - 03 - 2019

لقد ارتبطت نهضة الشعوب كما ارتبط تميز الأمم بتأثير الصناعة المتوطنة على أرضها، ولقد عاصرت شخصيًا مئات النماذج من أصحاب التفوق الصناعى وأدركت مدى إسهامهم فى التنمية وفى اختيار من يدافعون عنها، فالأمر المؤكد هو أن الصناعة هى قاطرة التنمية وأنه لا غنى عنها مهما تكن الأسباب والعوائق لتحقيق شراكة المجتمع ككل فى مشروع نهضوى يقوم على الصناعة الوطنية ذ ثقيلة أو خفيفة ذ ذلك أن الصناعة هى الضمان الوحيد لرقى الدول وتنظيم خطواتها نحو المستقبل، ويكفى أن نلقى نظرة على المجتمعات الصناعية فى بدايتها لكى ندرك أنها مقدمات للتفوق الاقتصادى والتميز السياسى والقدرة على تحقيق الأهداف دون تراجع أو انكسار، ولعلنا نعترف الآن أن الثورة الصناعية الكبرى هى التى صنعت أوروبا الحديثة، وأن تجربة كل من محمد على وجمال عبد الناصر فى مصر قد اهتدت إلى أن الصناعة هى الطريق إلى المستقبل لأنها تعنى ذلك التزاوج مع التعليم الذى يؤدى إلى التكنولوجيا التى ترتبط بكل عصر، لذلك فإننى أطرح الآن تصورًا للمستقبل العربى من خلال ازدهار الصناعة فيه وبالتعويل على مسيرة التصنيع فى التجارب المختلفة له، دعنا نناقش الملاحظات الآتية:
أولًا: لا يختلف اثنان على أن الصيد والرعى والزراعة تسبق فى مجموعها الدخول إلى عصر الصناعة، ولكن هذا الترتيب لا يعنى أنها الأقل أهمية رغم أنها ليست الأقدم، فالثورة الصناعية هى الانقلاب الحقيقى الذى ظهر عقب عصر النهضة الأوروبية وانتقل بدولها المتقدمة إلى مصاف جديدة، فالصناعة تعنى التعامل مع الآلة التى تدفع من يعمل عليها إلى مزيد من الإتقان والتجويد مستعدًا لها بالتعليم والتدريب، وإذا كانت المجتمعات الزراعية لها خصائص ترتبط بشخصية الريف فى مواجهة الحضر فإن المجتمعات الصناعية لديها خصائص أخرى ترتبط بأطراف المدن وما يلحق بها من ضوضاء وزحام وصراع يومى بين وسائل الإنتاج وهو أمر لا تشهده المجتمعات الزراعية المعروفة بالهدوء والارتباط المباشر بالطبيعة، نقول ذلك لأننا ندرك أهمية الصناعة فى تحديث العقل وتنوير الرؤية والانتقال من مرحلة الدعة البسيطة إلى مرحلة الحيوية المعقدة والانطلاق نحو آفاق المستقبل، لذلك نربط ربطًا مباشرًا بين الصناعة والتقدم فى كل المجالات، سواء تلك المتصلة بالتعليم والثقافة أو تلك المرتبطة بالبحث العلمى والتشغيل فهى فى مجملها تفتح آفاقًا جديدة أمام الأفراد والجماعات.
ثانيًا: تختصر الصناعة مراحل التقدم أحيانًا، فالانتقال من مرحلة استخدام البخار إلى استخدام الكهرباء ثم إلى المرحلة الإلكترونية إنما تلخص هى الأخرى القفزات الكبرى فى حركة الإنسان إلى الأمام والموجات الصاعدة فى تاريخ الصناعة بل إن التعريف الدقيق لكلمة (تكنولوجيا) إنما يعنى توظيف العلم فى خدمة الصناعة، ولا نكاد نعرف دولة ناهضة إلا والصناعة إحدى المقومات الأساسية فى انطلاقها صعودًا ولا نكاد نعرف أيضًا دولة متخلفة أفرزت صناعة متقدمة فالعلاقة بين الصناعة والتقدم علاقة طردية.
ثالثًا: إن الوعى السياسى يرتبط دومًا بتنامى الصناعة ولعلنا نتذكر أن الثورة الماركسية - إذا جاز التعبير - كانت نتاجًا لأحداث الثورة الصناعية وظهور الطبقة العاملة والصراع بين العامل ورب العمل الذى تعبر عنه صيغة الاستغلال المعروفة بفائض القيمة أى تلك المستقطعة من حق العامل استغلالًا من صاحب العمل، لذلك فإن الصناعة هى التى تخلق الطبقة العاملة التى يؤدى ظهورها تلقائيًا إلى ما يمكن تسميته الوعى السياسى نتيجة ميلاد الصراع الطبقى الذى ارتبط تاريخيًا بالثورة الصناعية وجسدته بقوة أفكار ماركس وإنجلز ثم لينين بعدهما والتطبيقات السوفيتية والصينية ودول شرق أوروبا حتى ظهرت تسميات ترتبط بالحركات الاشتراكية وتشير إلى أسماء مثل تروتسكى وماو تسى تونج، وغيرهما ممن حملوا لواء التطبيقات الماركسية رغم الاختلاف بينهم وفقًا للواقع القومى والظروف القائمة التى أحاطت بكل منهم. رابعًا: لا تتحقق معدلات النمو العالية إلا فى ظل صناعة نامية، سواء أكانت ثقيلة أو حتى خفيفة، فالمعيار هنا يتركز أساسًا على حقيقة مؤداها هو أن الصناعة تحدث طفرات معروفة فى الدخل القومي، وتجعل قضية التوزيع ومعدلاته قضية تابعة لغزارة الإنتاج وجودته، وهل يجادل أحد فى أن الصين الحديثة إنما اعتمدت على الصناعة وإغراق الأسواق بالبضائع وفرض الاقتصاد الصينى على الواقع العالمى الذى لم يكن متاحًا من قبل؟! كما أن صناعة السلاح ذ على سبيل المثال ذ فى الاتحاد السوفيتى السابق هى التى جعلت منه ندًا للولايات المتحدة الأمريكية، فالطائرة والدبابة والمدفع كانت قواسم مشتركة فى الدفع بالتجربة الصينية إلى الأمام، وقد قال أحد المحللين ذات يوم: (لو أننا رفعنا غطاء الصناعة الروسية بعيدًا لوجدنا الاتحاد السوفيتى السابق واحدًا من دول العالم الثالث)، وأنا مازلت أتذكر هذه المقولة التى قيلت غداة حدوث زلزال (أرمينيا) منذ عدة عقود، فالصناعة هى تعبير عن روح الأمة وفخر للشعب ومصدر للاعتزاز. خامسًا: لا يزدهر التعليم والتدريب إلا فى أحضان المجتمعات الصناعية حيث يبدو الأمر برمته جزءًا لا يتجزأ من منظومة الحداثة فكريًا وثقافيًا واقتصاديًا، بل إن النظام المصرفى لم يزدهر كما لم تتقدم حركة الائتمان فى البنوك إلا من خلال المؤسسات الصناعية والمشروعات الكبري، بينما اقتصر الأمر فى علاقة البنوك بالزراعة والإقراض الخاص بالمحاصيل الزراعية التقليدية التى تمثل فى معظمها شخصية المجتمعات الريفية، وتجسدها بنوك التسليف والائتمان الزراعى وهو ما عرفته مصر منذ قرن من الزمان ولكن الطفرة الحقيقية فى البنوك المصرية إنما ارتبطت بعد ذلك بالاختراعات الصناعية والاكتشافات التى خرجت من عباءة التطور التكنولوجي.
إن الصناعة هى قرين التقدم وقاطرة التنمية، كما أنها أيضًا محرض قوى على الديمقراطية من خلال عمليات التحديث التى تدفع بها المجتمعات الصناعية نتيجة الوعى السائد فى المناخ المحيط بالنقلة النوعية التى تحدث نتيجة النهضة الصناعية الكبري.
لمزيد من مقالات د. مصطفى الفقى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.