يكتب للثورة الجزائرية، أنها لا تزال بعيدة عن التدخلات الأجنبية ولم تقع فريسة فى حضن هذه الدولة أو تلك، لتظل بذلك بمنأى عن ألاعيب الغرب ودعوة الأمريكيين ببسط الديمقراطية. فلا الأوروبيون أوالأمريكان حريصون على مستقبل شعب عربى أيا كان موقعه، شرقا أو غربا، آسيويا أم إفريقيا، بمصالح الأنظمة الامبريالية السابقة هو الحفاظ على مصالحها فقط فى بلدان الوطن العربي. تجاربنا منذ 25 يناير لم تذهب مع الرياح، فهى لا تزال ماثلة أمامنا، فاكتشفنا أن أوباما وهيلارى كلينتون لم يقصدا الديمقراطية عندما ضغطا على الرئيس مبارك كى يتنحي، ولم يكن الاتحاد الأوروبى وخصوصا إيطاليا وفرنسا ينظران خيرا للشعب الليبى عندما ضغطا من أجل تدخل قوات الناتو لحصار معمر القذافى رغم كل مساوئه، ولكن الهدف كان السيطرة على البترول الليبي. وأمامنا سوريا التى أصبحت مرتعا لقوى دولية وإقليمية وبات مصيرها تحدده قمم تعقد هنا وهناك بين رؤساء روسيا وتركيا وإيران، فى حين كانت البداية سهلة وهى خلع الرئيس بشار الأسد تأسيا بما حدث فى تونس ومصر، ولكن تلك التدخلات أطالت أمد الأزمة السورية حتى كاد المرء لا يرى لها نهاية. والآن، يخرج الرئيس الفرنسى وينادى ووزير خارجيته بضرورة احترام وجهة نظر الشعب الجزائري، فى حين هو وحكومته كادا يقاطعان إيطاليا عندما استلمحا وجهة نظر إيطالية بمحاباة أصحاب السترات الصفراء، وكان حريا على حكام باريس النأى بأنفسهم عن التعليق على ما يجرى بالجزائر فهو أيضا شأن داخلى لا يتطلب تعليق الدول الأخري، وكذلك الاستجابة أولا لطلبات أصحاب السترات الصفراء. وقبل أن يعلن مانويل ماكرون رأيه فيما تشهده الجزائر من حراك أو ثورة، كان عليه التقدم باعتذار علنى عن الإرث الاستعمارى الفرنسى لهذا البلد العربى العريق، إذا كان يرى فى نفسه زعيما إصلاحيا. ليس أدرى بمصلحة الجزائر سوى شعبها، فهم على درجة من الوعى تسمح لهم بإدارة ملفاتهم لحين الوصول الى بر الأمان، خصوصا أن الحكومة استجابت لمطالب الشباب، وقررت إجراء إصلاحات حتى وإن كانت لا ترقى لسقف المطالب، ولكن فى نهاية الأمر ثمة أمل فى نيل الجزائريين ما يبتغون فى ظل تخلى الرئيس عبد العزيز بوتفليقة عن ولاية خامسة. لمزيد من مقالات محمد أمين المصرى