وسط صلابة الصخور وتحت قسوة الشمس صيفا والجليد شتاءً، تمتد أمامك الصحراء تبرز منها الجبال الشاهقة والتلال الصخرية التى تفترش الرمال الخشنة من وراء «طور سينين» ومع ذلك، تعلن الحياة وجودها فى شجيرات تنبت من قلب الشقوق الحجرية بينما تتناثر الأعشاب حولها لتشكل ثروة طبيعية لأكثر من 500 نوع من النباتات العشبية، لا يعرف قيمتها إلا واحد من هؤلاء البدو المنتشرين فى سيناء، يمتطى ناقته يسير بين وديانها وما إن يلتفت إلى عشبة منها حتى يسرد عليك خصائصها وكأنما باحت له بكل أسرارها. الدكتور أحمد الجبالى واحد من بين هؤلاء، قرر أن يتخصص فى دراستها أكاديميا ليجمع بين خبرته كواحد من أبناء سانت كاترين وكباحث متفرغ فى خواص الأعشاب، تحت سفح الجبل وفى حديقته الصغيرة التى زرع فيها بعض أنواعها النادرة، ازدحم الرأس بالمعلومات عن خواص كل عشب وفوائده، سواء لبناء جسم صحى سليم أو للعلاج، بدءا من أعشاب المغص والبرد وحتى أشد الأمراض ضراوة. فمنطقة سانت كاترين تشكل مزرعة طبيعية عملاقة للأعشاب التى تنمو بريا أو يزرعها أبناؤها بأيديهم لاستثمارها. ليست مجرد تجارب عابرة، بل هى خبرتهم على مر القرون مع ما نبت على ظهر سيناء من شجر وعشب لا يقل ثراءً عما خبأته بطنها من ثروات ما زالت تنتظر من يأتى ليغترف من ذلك الخير الرابض وراء الطور الغربى على أرض سيناء التى اشتق اسمها من «سينين» الذى يعنى القمر!