إذا صحت الاتهامات المتواصلة لموسكو فى عهد بوتين عن أنها تتدخل لتغيير وجهة النظر الأوروبية والأمريكية تجاه قضايا كبرى مصيرية (بمعنى أنها (تلعب) فى الرأى العام فى بلدان تقع على امتداد العالم) فإننى أتبنى الاستنتاج الذى يقول إن موسكو أتقنت أساليب متطورة نفسية وثقافية، مكنتها من الهيمنة على عقول الناس عبر الكوكب على نحو يدشن أنواعا من الحروب هى حلقة جديدة من عمليات التأثير عن بُعد فى العدو أو المستهدف، فقد صارت روسيا متهمة (فوق التدخل فى انتخابات الرئاسة الأمريكية) بأنها وجهت استفتاء بريكست الذى يدفع بريطانيا إلى الخروج من الاتحاد الأوروبى، كما مولت الأحزاب اليمينية المتطرفة فى فرنسا وإيطاليا، ودعمت موجة ذلك اليمين فى بلاد أوروبية عديدة بدأت بهولندا وانتهت ببلجيكا، فضلا عن الادعاء بتدخل عناصر مخابراتية روسية حاولت تسميم مواطنين روس على الأراضى البريطانية أشهرهم سكريبال، وكذلك ضبط عدد كبير من الجواسيس قام الأخطر فيهم بتجنيد شبكة كبرى من المتعاونين فى الأجهزة الأمنية والمؤسسات السياسية فى السويد.. واللافت أن الإعلام الأمريكى والأوروبى يصف تلك الادعاءات على أنها تهدف إلى أن يفقد مواطنو البلاد (التى يوجه إليها الروس مثل تلك النشاطات) ثقتهم فى مؤسساتهم السياسية والديمقراطية.. وشىء من ذلك يحدث بطريقة (بلدى جدا) من جانب الدول المعادية لمصر مثل قطروتركيا لمحاولة تدعيم ونصرة المحاولة الجديدة لهدم مؤسسات الدولة المصرية، فالمتتبع لما تذيعه قنوات الفتنة الإخوانية التى تبث من تركيا يفهم أن هدفها الأول هو تدمير ثقة المواطن المصرى بمؤسساته السياسية والتشريعية، بعد أن قصدت الموجة الأولى فى محاولة هدم الدولة استهداف الجيش وتدمير الشرطة وهو ما أفشلته ثورة 30 يونيو العظمى.. دراسة التقنية الإعلامية ووسائل الإقناع التى تستخدمها قنوات الفتنة الإخوانية التركية صارت من وجوبيات اللحظة الوطنية الراهنة التى تواجه خطة سياسية أمنية إعلامية كاملة تعتمد على (التكرار) و(عرض الرأى على أنه حقيقة) و(الكذب) كوسائل إقناع هى الأكثر شيوعا لتدمير وعى المصرى بمؤسساته السياسية والديمقراطية، وتشككه فيما يأتيه عن طريقها سواء كان قرارا أو توجها أو أفكارا أو قوانين أو تعديل قوانين، وبحيث يظل أسيرا لطغمة من الناس ظنوا أنهم عبر عملية يناير عام 2011 غزاة هيمنوا على بلدنا وشعبنا. لمزيد من مقالات د. عمرو عبدالسميع
