يمكن، وينبغى، أن يكون لمصر دور إيجابى مؤثر فى التعاون مع نيوزيلندا، ومع أى نشاط إقليمى ودولى، فى التعامل مع ما بعد أى جريمة إرهاب، وها هى المجزرة البشعة الأخيرة، والتى راح فيها أكثر من 50 قتيلاً مسلما مسالماً أثناء تأديتهم الصلاة. ذلك لأنه يُخشَى، وبرغم هول الجريمة وملابساتها المخيفة، أن تهدأ الأمور بعد حين، إذا اقتصر المسار عند التفاصيل الخاصة بالجريمة، ومحاكمة المجرم، وإنزال العقاب به. مع الوضع فى الاعتبار أنه لا عقوبة إعدام فى نيوزيلندا، كما أنه يمكن الإفراج عن المجرم بعد سنوات قليلة إذا كان سلوكه حسناً فى السجن! فى حين أن هذه فرصة مناسبة لأخذ خطوة نوعية نحو هدف وجوب تكاتف العالم كله فى عمل جاد لعلاج الجذور التى تُنبِت الإرهاب، وتحديد العوامل التى ترويه وترعاه وتباركه. خاصة أن هناك نشاطاً فى الاتجاه المضاد ظهر بعضه من بعض المبررين للإرهاب الذين تجاسروا بعد ساعة من وقوع المجزرة، ودون أن تؤثر فيهم مشاهد الأشلاء الدامية، على ادعاء موضوعيتهم بإرجاعهم أسباب القتل الهمجى إلى اختلاف الثقافات، مع إيحاءات بأن المسلمين هم المسئولون لأنهم يأتون بثقافة مغايرة إلى هذه البلاد! وهذا استفزاز يدفع إلى هوة العمليات الانتقامية! يمكن لمصر الرسمية، ولممثلى المجتمع المدنى، بحكم التجربة المباشرة ضد الإرهاب، والمعاناة الرهيبة من جرائمه، إضافة إلى النجاحات النوعية فى التصدى له، أن تفيد العمل الإصلاحى الجاد، فى نيوزيلندا وغيرها، بطرح الخبرة المصرية والمعلومات التى توافرت لها فى التصدى للإرهاب، عندما تفضح عمليات تمويل الإرهاب، والإعلام الذى يغرس بذوره ويحتضن الإرهابيين بتبرير جرائمهم، وبالتشكيك فى الاتهامات الموجهة لهم، وبالطعن فى إجراءات التعامل معهم، وبإشاعة الريبة فى نزاهة محاكمتهم..إلخ. كما يمكن لمصر أيضاً أن تكون ضمن المستفيدين من الإصلاح إذا توجه فى المسار المأمول. بهذا يمكن قطع شوط فى عملية التصدى للإرهاب، مع إدراك صعوبة المهمة، لأن دولاً ثرية وأجهزة استخبارات قادرة وجماعات متعصبة نافذة لها يد فى استمرار الإرهاب فى مجالات تخصّ كل منها! [email protected] لمزيد من مقالات أحمد عبدالتواب