لم يعرف الكثيرون أن الراحل العزيز الأستاذ نبيل زكى تحوَّل إلى الإسلام منذ نحو نصف القرن، حتى من الأصحاب الذين كانوا يتعاملون معه مباشرة، فبينما كانوا يتساءلون الأسبوع الماضى عن الكنيسة التى ستُؤدَّى فيها الصلاة على جثمانه، قيل إن الجنازة سوف تخرج من أحد المساجد. أما هو، الذى درس الفلسفة فى شبابه وتفوق فيها، فكان يعتبر أن الدين الذى يختاره الإنسان لنفسه أمر شديد الخصوصية، وأنه ليس هنالك ما يدعو إلى أن يكون موضوع حديث، وكان موقناً أن جوهر حياة المسلم والمسيحى لا يختلف. وكان هذا الفهم وارداً حيث نشأ فى شبرا منذ أكثر من ثمانين عاماً، حيث واحدة من أجمل خبرات تجاور الأقباط والمسلمين، فى الحى الواحد والعمارة الواحدة والمدرسة الواحدة، وفى تلاصق المساجد مع الكنائس، فى إطار مجتمع مدينى عالج منذ زمن الأمراض التى تُسمِّم الحياة. ومن المؤكد أن الأسر القبطية لم تكن ترحب بتحول أحد أبنائها عن دينه فى زواجه من الفتاة المسلمة التى أحبها، ولكنهم كانوا يرضخون مع أول حفيد الذى كان يجمع الشمل على محبته ورعايته! أما زوجته المسلمة، التى قضت الظروف أن تسافر بالبنتين إلى سويسراً وهما فى سن الطفولة، فقال لى صديق عمره الأستاذ رياض سيف النصر إنها خشيت عليهما من اغتراب الهوية، ومن تشويهات الإعلام، وحرصت على أن تنشأ على علاقة وطيدة بمصر، وعلى دراية برسوخ الوحدة الوطنية، فوضعت لهما كتاباً بالفرنسية عن تاريخ عائلتهما، وفيه صور الجدة القبطية وبقية أسرة والدهما، مع لقطات للكنائس التى يؤدون فيها صلواتهم. انضم نبيل زكى إلى التنظيمات اليسارية بالجامعة فى الخمسينيات، ودفع الضريبة من عز الشباب خمس سنوات فى السجن، وخرج ليعمل بالصحافة بتفانٍ شهد به الجميع، وأقر له الوسط الصحفى أنه أفضل محرر شئون خارجية فى الصحافة المصرية، ساعده على هذا طلاقته فى الإنجليزية والفرنسية، مع لغة عربية جميلة تنقل بسلاسة عن النصوص الأجنبية. وأما تلاميذه الكثيرون فكانوا يمتنون لحرصه على نقل خبرته الثرية إليهم بلطفه الآسر المعهود. لمزيد من مقالات أحمد عبد التواب