تُرى هل يمكن أن يعرف أحد طلاب جامعة القاهرة، الآن، وهو يمر على تمثال نهضة مصر للفنان محمود مختار قصة هذا التمثال ودلالات الرموز الوطنية التى ينطوى عليها، وعلاقته بثورة 1919؟ لا أظن أننا سوف نجد طالبًا، وربما أستاذًا، يعرف قصة هذا التمثال. والحق أن هذا التمثال العظيم هو الإسهام الفنى الأول الذى نتج عن ثورة 1919 عندما بلغت الفنان محمود مختار أخبارها، وكان بباريس يُتابع حياته الفنية، كما يُتابع أخبار معرضه الأول، فإذا به يعرف أن ثورة 1919 قد انفجرت ابتداء من الثامن من مارس 1919 مع حركة الطلاب، التى انطلقت من كلية الحقوق تطالب بالاستقلال التام أو الموت الزؤام وعودة الزعماء الوطنيين وعلى رأسهم سعد زغلول إلى القاهرة، بعد نفيهم إلى جزيرة مالطة، ومع تتابع أخبار الثورة وما نشرته الجرائد المصرية عن المظاهرات النسائية التى انفجرت مُطيحة بالتقاليد البالية - التى حجبت المرأة عن الأعين - وحطَّمت ما بقى من قيودها، واندفعت فى مظاهراتها وفى تمردها وفى اختيار قائدات لها. وكان محمود مختار قد بلغته هذه الأنباء، حيث كان يعمل فى باريس التى كان قد ذهب إليها فى العام السابق على قيام الثورة، أى سنة 1918، فلما بلغته أخبار الثورة بشكل عام ومظاهرات النساء بوجه خاص، اشتعلت حماسته الوطنية، وقرر أن يُقيم تمثالًا لمرأة مصرية، ترمز إلى مصر الصاعدة، امرأة جميلة تنتفض فى غضب رافعة سيفًا كما لو كانت تُهاجم به الإنجليز، وكأنها «جان دارك» الفرنسية. أُعجب أساتذته الفرنسيون بالفكرة، وبدأ محمود مختار فى تنفيذ الصورة الخيالية التى تصوَّرها للمرأة المصرية عن بُعد. ولكن خياله الذى دفعته الموجات المصرية المتصاعدة لتمرد المرأة المصرية، واستشهادها فى مختلف المدن المصرية، ردَّه إلى مصريته الأصيلة، فوجد أن تمثاله تمثال لا ينتمى إلى الروح المصرية أو تراثها الفرعونى الذى تجسَّد فى خياله مُنتفضًا داخل كل مصرية سارت هاتفة فى مظاهرات النساء، فى ثورة جذرية، ضد كل ما عاناه المصريون منذ بداية الاحتلال البريطانى سنة 1882. وكانت النتيجة أن أخذت مصر فى خيال محمود مختار- شكل فتاة ريفية، لا تتباعد دلالاتها عن الأرض الخصبة التى يزيد خصوبتها فيضان النيل المتكرر فى كل عام، كأنها مجلى من مجالى إيزيس، محور أسطورة البعث المصرية القديمة، إيزيس التى ارتبطت بإحياء الأرض، وحياتها المُتجددة التى تتكرر مع مقدم كل ربيع. ومن هذا التَّخيل أعاد محمود مختار النظر فى تصوّره الأول لمشروع تمثال «نهضة مصر» الذى سرعان ما تجلَّى فى خياله الثائر بفعل أنباء ثورة 1919 على نحو لم يحدث من قبل، فتجسدت ثورة 1919 فى خياله فتاة مصرية ترتدى ملابس فلاحة من أعماق الوادى، تقف مستقيمة الجسد فى كرامة وكبرياء، متطلعة إلى الأمام كما لو كانت تتطلع إلى السماء حيث المستقبل الواعد. وذلك على نحوٍ يستعيد معنى الخصب الذى تنطوى عليه أسطورة إيزيس التى يتذكرها المصريون مع كل فيضان، والتى تخيَّلها محمود مختار وحدها وصنع لها تمثالًا من أهم تماثيله التى شارك بها فى صالون باريس الذى حصل على جائزته، لكنه لم يكن يفكر فى إيزيس هذه المرة، وإنما كان يفكر فى مجلاها المتكرر بين الفلاحات المصريات، فاختار واحدة منهن تتطلع إلى المستقبل على نحوٍ لا يخلو من إصرار على المُضى فى طريقه إلى النهاية، المستقبل الذى يتطلع إليه وجه أبو الهول الذى تستند إليه الفلاحة المصرية، كما لو كانت تستند إلى جذورها الفرعونية، واصلة الحاضر بالماضى على نحوٍ يبدو للعين كما لو كان يردد صدى أغنية سيد درويش: أنا المصرى كريم العُنصرينِ بنيت المجد بين الأهرمين جدودِى أنشأوا العلم العجيب ومجرى النيل فى الوادى الخصيب لهم فى الدنيا آلاف السنين ويفنى الكون وهم موجودين ولم يكن وجه أبو الهول يَقلُّ عنادًا فى التطلع إلى المستقبل عن الفلاحة الفتية، صبوحة الوجه التى كانت تستند إليه، وكأنه أسدها الذى نهض من سكونه الطويل. هكذا تخيل محمود مختار ثورة 1919 بعد أن سمع عن مظاهرات النساء فى العشرين من مارس 1919، فرمز إلى مصر كلها من خلال هذه الفلاحة الشابة (الحديثة) فى نهوضها الثائر على الاستعمار الذى طال بقاؤه فى أرضها، مُستندة إلى رمزٍ ساطعٍ من رموزها (القديمة)، وهو أبو الهول الذى يرمز إلى ماضيها الذى لا يزال يسرى كالنيل الذى يَهب الأرض والوطن، الحياة منذ آلاف السنين، ويفنى الكون وتظل مصر والفلاحة والوطن - وآثارهم موجودين. هكذا رأى محمود مختار الفلاحة الشابة فى ارتباطها بالأرض الزراعية والنيل الذى يبث الخصب فى هذه الأرض منذ أقدم العصور، حين كان أبو الهول يتطلع والفلاحة إلى مستقبل جديد للمرأة المصرية. ومن المصادفة الطيبة أن ثورات النساء على امتداد مصر، والتى كانت تكرارًا لمظاهرة هدى شعراوى الرئيسية فى القاهرة، كانت نغمات متكررة الرَّجع لنهضة الفتاة المصرية التى كانت لا تزال محبطة بسبب إلغاء القسم النسائى سنة1910 فى الجامعة المصرية الوليدة، نتيجة هجوم المجموعات المحافظة والرجعية، ولم تكد تمضى سنوات معدودة بعد مارس 1919، إلا وتندفع الفتيات لتدخل الجامعة لتوازى حركتها حركة الفلاحة المصرية التى أسهمت ثورة 1919 فى تغيير وعيها بنفسها وفى تغيير مستقبلها على السواء. وانتهى محمود مختار من وضع ملامح تمثاله «نهضة مصر» فى نموذجه الأول، وكان ذلك بعد أن نجحت الثورة بقيادة سعد زغلول، وأجبرت الاستعمار البريطانى على إلغاء الأحكام العُرفية، والسماح لوفدٍ مصرى برئاسة سعد زغلول للذهاب إلى مؤتمر باريس للسلام العالمي؛ لعرض مطالب المصريين فى التحرير والاستقلال. وهناك يقابل مختار الوفد المصرى برئاسة سعد زغلول، ويريه ماكيت التمثال الذى صنعه تجسيدًا لثورة 1919. ويعجب سعد زغلول كل الإعجاب بالنموذج الذى عرضه عليه، ويشاركه الإعجاب أعضاء الوفد المصرى فى باريس، ولا يكتفى سعد زغلول بذلك بل يكتب إلى محمود مختار خطابًا يستحق ذِكره فى هذا المجال: »حضرة المصوِّر الماهر: مختار شاهدتُ المِثال الذى رمزت به لنهضة مصر فوجدتُه أبلغ رمز للحقيقة، وانهض حُجَّة على صحتها، فأهنِّئك على هذا الخيال الواسع، وهذا الذوق السليم، وهذا الفن الساحر، وأهنِّئ مصر بأنك من أبنائها العاملين على إعادة مجدها، وأرجو الله أن يُعين هذه النهضة حتى تبلغ كمالها فتشفع مثال النهضة بمثال الاستقلال. والسلام سعد زغلول باريز 6 مايو سنة 1920» وأنا أنقلُ نص الخطاب من مُدوَّنة الدكتور عماد أبو غازى ابن المرحوم بدر الدين أبو غازى الذى يمتُّ بِصِلة قرابة مباشرة لمحمود مختار، ولذلك يهتم الدكتور عماد بأعمال محمود مختار، ويرى من واجبه الحفاظ عليها وتسجيل تاريخها. وقد أشار عماد أبو غازى إلى أنه نقل هذا الخطاب من سجل «الهلال» المُصوَّر الذى صدر سنة 1992 بمناسبة مرور مائة عام على صدور مجلة «الهلال». المهم أن سعد زغلول عاد من باريس، وظل «ماكيت التمثال» محفوظًا عند محمود مختار إلى أن عاد هو أيضًا من باريس، وفى الوقت نفسه سبقه الوفد المصرى الذى عاد من باريس دون أن يحصل على استقلال مصر. وحدث أن اختلف أعضاء الوفد المصرى بعد عودتهم وتفرقوا، فكلَّف الملك فؤاد أحد أعضاء الوفد المنشقين، وهو عبد الخالق ثروت، بتشكيل الوزارة التى أناط بها إعداد الدستور، وبالفعل تنجح وزارة عبد الخالق ثروت فى إعداد الدستور الذى تنتهى منه ويتم إعلانه سنة 1923. ورغم أن سعد زغلول نفسه كان يسخر من هذه اللجنة ويراها «لجنة الأشقياء»، إلا أن الدستور الذى أعدَّته هذه اللجنة كان هو السبب المباشر فى فتح أبواب الانتخابات وإعادة تشكيل حكومة جديدة. وكانت نتيجة الانتخابات هى الاكتساح الساحق لحزب الوفد الذى تولى الحكومة برئاسة سعد زغلول سنة 1923، وظل سعد زغلول رئيسًا للحكومة إلى أن استقال فى سنة 1924، وبعد ذلك بسنوات قليلة، نشر أمين الرافعى فى جريدته «الأخبار» سلسلة من المقالات التى كتبها مجد الدين ناصف بعنوان: «النهضة الفنية فى مصر». وقد كتب الدكتور حافظ عفيفى، وكان من أعضاء الوفد المصرى المطالب بالاستقلال، رسالة إلى أمين الرافعى رئيس تحرير الأخبار، يقترح فيها أن تتبنى «الأخبار» الدعوة لاكتتابٍ عام لإقامة تمثال النهضة فى ميدان من ميادين العاصمة، ويتبنى أمين الرافعى الفكرة، فيما تقول مدونة الدكتور عماد أبو غازى، وتُنشر دعوة الاكتتاب العام فى اليوم التالى للنداء الذى كان عنوانه: «نهضة مصر: دعوة إلى الأمة المصرية». وكان من الطبيعى أن يُساند هذه الدعوة إثنان من أعضاء الوفد المصرى هما: ويصا واصف وواصف غالى. فينشر الأول مقالة عنوانها: «محمود مختار والنهضة الفنية فى مصر»، أما واصف غالى فكتب مقالة عنوانها: «واجبنا نحو مختار». وبالفعل يبدأ الاكتتاب الشعبى الذى دعت إليه صحيفة «الأخبار»، ولم تكن هذه هى المرة الأولى للاكتتاب الشعبى، وإنما كانت المرة الثالثة. وكانت المرة الأولى هى الدعوة إلى الاكتتاب لإنشاء الجامعة المصرية بأموال المصريين أولًا، ثم الاكتتاب لعمل تمثال لرئيس الحزب الوطنى ومؤسسه مصطفى كامل بعد وفاته فى العاشر من فبراير 1908. هكذا تشكلت لجنة للإشراف على الاكتتاب الشعبى لإقامة تمثال محمود مختار عن نهضة مصر. وينقل الدكتور عماد أبو غازى عن كتاب والده المرحوم بدر الدين أبو غازى محمود مختار نماذج من الخطابات، ويذكر منها بعض هذه النماذج التى أذكُرها على سبيل التذكير بما كان عليه الوعى الوطنى للمصريين منذ مائة عام بكل ما يحمله من تقديرٍ للفنون المقترنة بالمشاعر الوطنية، أيًّا كان فقر المُسهم أو المتبرع. أما الخطاب الأول فيقول: »إننى رجل فقير جدًّا، أشتغل بهندسة السكة الحديد الأميرية بوظيفة فاعل، ويوميتى 70 مليمًا، ومتزوج بيتيمة الأب، وأم زوجتى تبيع ترمسًا، ولى شغف بقراءة الصحف عن عهد النهضة المصرية الأخيرة، بينما كنتُ جالسًا أقرأ جريدتكم الغرّاء بكيتُ بكاء شديدًا، فسألتنى زوجتى عن سبب بكائى فأخبرتها عن التبرع لتمثال نهضة مصر، ولم يكن معى نقود أتبرع بها خلاف200 مليم، فقالت زوجتي: إنها تتبرع بمائة مليم أيضًا، وقالت أمها مثلها، وكذلك فعل أخوها وعمره 15 سنة، أما أختها البالغة من العمر13 سنة فقالت إنها لا تملك إلا 50 مليمًا فتبرعت بها، ولى طفل عمره سنة ونصف السنةكانت أمه وفَّرت له 50 مليمًا فأحضرتهم، فأصبح المجموع 600 مليمً، فأرجوكم أن تتقبلوا منا هذا المبلغ القليل لتوصيله إلى أمين صندوق تمثال نهضة مصر، وتتوسطوا فى قبوله ونكون لكم من الشاكرين، هذا وإنى أدعو جميع الفعلة زُملائى فى الزقازيق وخلافها، وأدعو أيضًا جميع العمال للتبرع لتمثال نهضة مصر لنتسابق مع أسيادنا الأغنياء زادهم الله من فضله. الشحات إبراهيم الكيلانى الفاعل بهندسة السكة الحديد بالزقازيق» وأما الخطاب الثانى فكان من تلميذ فى مدرسة «خليل أغا الابتدائية»، قال فيه: »إن والدى يُطلعنى على ما كُتب بجريدتكم بشأن نابغة مصر، وهو سيدى محمود مختار لأعلم أن النبوغ أكثر ما يكون من الطبقات التى أنا منها فأبذل جهدى لأكون عظيمًا، وإن المدح الذى كنتُ أسمعه من والدى لهذا النابغة جعلنى أحبه حبًّا لا مزيد عليه، واليوم علمتُ دعوتكم إلى الأمة المصرية، لتكتتب بمبلغ يُدفع ثمنًا لتمثال نهضة مصر الذى أجاد إتقانه سيدى مختار ويكون ذلك مكافأة لذلك النابغة وبرهانًا على شعور الأمة الحي؛ وبما أنى أرجو أن أكون رجلًا حيًّا فقد أردتُ أن أفتتح حياتى بالاشتراك فى هذا الاكتتاب المُقدس بنصفِ ما أملكُ وهو خمسة وعشرون قرشًا، وأقسم بوطنية مختار، وإنه لقَسَم كما تعلمون عظيم، إنى لو كنتُ أملك مئات الجنيهات لاكتتبتُ بنصفها ولكن ما باليد حيلة. مصطفى كمال التميمي وأما الخطاب الثالث فكان من متبرعة مصرية، قالت فيه: »سيدى الفاضل مدير الأخبار إن المرأة المصرية التى كانت لها يد تذكر فى تشجيع النهضة الوطنية فى مصر لا تستطيع أن تُحجم عن البذل فى سبيل إقامة تذكار يُخلِّد ذكرى هذه النهضة، ولا شك فى أن السيدة برهنت فى الحركة الأخيرة على مبلغ شعورها بالواجب وإدراكها لمعنى التعاون، لا شك فى أنها ستقوم بتأدية ما هو مفروض عليها لتنفيذ هذا المشروع الجليل الذى سيكون شاهدًا على أن المصرى والمصرية متكافئان فى تقدير الواجب وتشجيع العاملين، وإنى أُرسل إليكم مع هذا خمسة وعشرين جنيهًا، آملة أن يكون ذلك فاتحة اكتتابٍ كبيرٍ تقوم به سيداتنا العاملات حتى تبرهن المرأة المصرية مرة أخرى على أنها لا تتردد فى الاشتراك فى كل ما يعود على مصر بالنفع والخير. .حرم/ حسن الشريف» والنموذج الأخير رسالة من بعض أهالى كفر معوَّض بالشرقية، قالوا فيها: »نحن المتبرعين بهذا (1 جنيه و650 مليمًا) فقراء كفر معوَّض، بندر الزقازيق، نتقدم إلى أغنياء الزقازيق طالبين منهم مُشاركتنا فى الاكتتاب لتمثال نهضة مصر؛ حتى نكون قد تساوينا بغيرنا من البلدان الأخرى، ولهم الشكر مُقدَّمًا». وكان من الطبيعى إزاء الاستجابة الشعبية أن تتدخل الحكومة، ويَصدر قرار من مجلس الوزراء بتكليف محمود مختار تنفيذ تمثال «نهضة مصر»، وإقامته فى ميدان باب الحديد، حيث يراه القادم إلى القاهرة من الأقاليم. وظل محمود مختار يصنع التمثال من الحجر الجرانيتى الوردى القادم من أسوان، وتتضح معالمه يومًا بعد يوم. ونرى فى كتاب «مختار: حياته وفَنُّه» لبدر الدين أبو غازى، الذى نشره المجلس الأعلى للثقافة سنة 2009، صورة لمحمود مختار وهو يتطلع واقفًا على إحدى السقالات يتأمل الجزء الأعلى من التمثال، حيث تظهر رأس المرأة المصرية وجزء من جسدها مُستندة إلى رأس أبى الهول، وكلاهما متطلع إلى الأعلى، وتحت السقالة التى يقف عليها محمود مختار عشرات من العُمّال الذين يقومون بدورهم فى تهذيب الحجر الجرانيتى، ومساعدة مختار فى إتمام تمثاله العظيم. وفى 20 مايو سنة 1928 يُزاح الستار عن تمثال «نهضة مصر» فى احتفال مهيب رعاه الملك فؤاد، وألقى فيه رئيس الوزراء خطاب الدولة، وكان ذلك بعد وفاة سعد زغلول فى 23 أغسطس 1927 وتولى النحاس باشا رئاسة الوزراء بعد نجاحه الساحق فى الانتخابات. وارتفعت فى ساحة الاحتفال مقاطع من قصيدة أمير الشعراء أحمد شوقى الذى صفَّقت الجموع عندما قال: فمن يُبلغ الكرنك الأقصرى ويُنبئ طيبة أطلالها ويسمع ثم بوادى الملوك ملوك الديار وأقيالها لقد بعث الله عهد الفنون وأخرجت الأرض مثّالها ولم تتوقف آثار ثورة 1919 فى وجدان محمود مختار عند هذا الحد، فبعد أن أُزيح الستار عن تمثال «نهضة مصر» بميدان الحديد (رمسيس حاليًا)، انتقل التمثال من مكانه الأول إلى ميدان جامعة القاهرة فى عام 1955، حيث لا يزال قائمًا إلى اليوم يمر عليه الطلاب (أمل مصر الحزينة)، دون أن يلتفت أغلبهم إلى نظرة الفلاحة المصرية وأبى الهول إلى الأمام، كما لو كانا يتطلعان إلى المستقبل الذى قد يأتى بنهضة جديدة لمصر. (وللمقال بقية) لمزيد من مقالات د.جابر عصفور