عاش صاحب هذا القلم ذائبا فى حب مصر والانتماء إلى شعبها، وبالتالى لا مجال لتأويل السطور التالية على أنها انعكاس لقلة الانتماء أو التعالى على الناس.. بالعربى مظهر بعض المصريين الشخصى اليوم لا يسُر، وهناك غياب حقيقى للالتزام بقواعد النظافة الشخصية، وهذا (بالمناسبة) موضوع ليس له علاقة بالفقر أو الثراء، فقد رأينا بيوتا مدقعة الفقر ولكنها كانت نظيفة، يعنى مثلا المفرش كله خروق ولكنه نظيف، حلاقة الذقن يوميا كانت التزاما تقليديا، وقص الأظافر ونظافة اليدين مسألة يراعيها الناس بشكل دائم، وأنا هنا أتكلم عن النظافة الشخصية، ولم أتطرق إلى النظافة العامة فى الشوارع والبنايات، لماذا لا يغسل معظم الناس ملابسهم، ولو بالماء الذى قطعا يتيسر لهم، لقد كانت مدرساتنا فى المرحلة الابتدائية يُفتشن على أظافرنا، ونظافة مناديل الجيب، ومدى التزامنا بحلاقة شعر الرأس، وغابت الآن تلك المتابعة لالتزام الناس بالنظافة، حتى فى المصالح الحكومية أو مرافق البلد. ترك غياب الالتزام بالنظافة الشخصية أثره على شكل وسلوك الناس، فقد صاروا عبثيين وعدميين وغاب عنهم الشعور بالزهو والإحساس بأنهم مهمون، ونافقهم الإعلام طويلا بحثا عن تحقيق شعبية شخصية لمقدمى برامج التليفزيون وكاتبى مقالات الصحف.. دائما يتم هذا الربط غير المنطقى بين عدم النظافة وصعوبة الحياة والضيق الاقتصادى وكأن أحدهما هو انعكاس وتجل للآخر، فى كل سطورى أنا أتكلم عن بعض الناس التى تدب على الأرض وليس على الطبقة الموسرة الغنية من المحفلطين والمزفلطين، الغارقين فى روائح باريسية فاخرة، والذين تقتصر علاقتهم بالشارع على مشاهدة الناس من خلف زجاج السيارة، بالضبط كما وضعوا الوطن فى حقيبتهم السامسونيت وحاولوا إيداعه فى أحد مصارف الخارج.. نريد إعادة ثقة الناس بأنفسهم، وأول مشاهد ذلك هو تبديد الإحباط واستعادة تلك الثقة التى قطعا تُعتبر ثقافة النظافة الشخصية جزءا منها، لقد كان صول التعليم يقول لنا فى أثناء خدمتنا العسكرية، (العسكرى المصرى أنزه عسكرى فى العالم)، ونحن نريد المواطن المصرى كذلك. لمزيد من مقالات د. عمرو عبدالسميع