حدثان ثقافيان عشتهما فى دمنهور يوم الخميس الماضى. الأول: افتتاح معرض الكتاب الرابع بدمنهور. والثانى: اجتماع مجلس إدارة أوبرا دمنهور. ورغم أن الدكتورة إيناس عبد الدايم، وزيرة الثقافة لا تُعد رئيساً للأوبرا. لكنها تعتبرها بيتها الأول. حرصت على افتتاح المعرض وحضور اجتماع الأوبرا. وسافرت إلى الإسكندرية فى منتصف الليل لتحضر اجتماع مجلس إدارة أوبرا الإسكندرية. كان معنا اللواء هشام آمنة، محافظ البحيرة. ورغم أنه قضى مدة قصيرة بالبحيرة. فإن ما يقوم به يمكن أن تلمسه منذ أول البحيرة وحتى آخرها. وما يقوم به أسمع عنه من الأهالى. وهم أهلى وناسى وحكاياتهم سعيدة بما ينجزه. رأيته يتعامل مع أهل دمنهور كما لو كان منهم. وعندما أبديت استغرابى قال لى إنه غير بيانات رقمه القومى لتكون دمنهورية. الدكتورة نهال بلبع، نائب المحافظ، تنتمى لعائلة دمنهورية. حدثنى عنها قبل رؤيتها محمد مبارك، أحد شباب البرنامج الرئاسى. وأوكل لها المحافظ ما يتصل بمعرض الكتاب. ورغم أنها فى عز شبابها فإن اهتمامها بالتفاصيل فى العمل وفر للمعرض نجاحاً. كان بودى الاستقرار فى الكتابة عن شباب البرنامج الرئاسى. الجيل الذى سيهز أركان الإدارة المصرية المعمرة ويجعلها جزءاً من واقعنا الراهن. وهو إنجاز يحسب للرئيس عبد الفتاح السيسى، وإن كان جمال عبد الناصر أهدى مصر شباب طليعة الاشتراكيين. سميناهم التنظيم الطليعى. فإننا الآن نرى شباب البرنامج الرئاسى دون كتابة عنهم. ولا إشارة لهم. مع أن ما يقومون به ثورة فى تاريخ الإدارة المصرية. ولم تمكننى ظروفى من حضور محاضرة الدكتورة رشا راغب، ضمن فعاليات المعرض. وهى رئيس الأكاديمية الوطنية لتأهيل وتدريب الشباب. التى تمد مصر بالشباب الرئاسى. معرض الكتاب يستحق الكتابة عنه. عرفنا معرض القاهرة فى البداية. ولكن جرى التوسع فى إقامة معارض المحافظات لنوفر على من يعيش خارج القاهرة وصول الكتاب إليه بدلاً من سفره للقاهرة. وفى زمن الدكتور هيثم الحاج على، رئيس مجلس إدارة الهيئة. جرى التوسع فى إقامة المعارض خارج القاهرة. وكما قال لى إسلام بيومى، مدير المعارض. تشهد مصر 14 معرضاً كبيراً بالمحافظات. علاوة على 80 معرضاً بالتعاون بين هيئة الكتاب، وهيئة قصور الثقافة. التى يعيد مجدها الدكتور أحمد عواض، ولم يبق سوى استبعاد كلمة قصور من عنوانها. وعدنى بعمل الإجراءات لأن كلمة الثقافة الجماهيرية قد تكون أفضل من قصور الثقافة. من ندوات المعرض التى لم أحضرها ندوة المثقف الدمنهورى: كامل رحومة. يناقش كتابه: نبى دمنهور. قال لى كامل إن نجل وجيه أباظة سيكون موجوداً فى المعرض. لا بد من الوفاء تجاه من قدموا لبلادنا جهداً سيكتبه التاريخ. والبحيرة الراهنة ودمنهور الجديدة من أحلام واختراعات وجيه أباظة. ومن كثرة نجاحه وتشعبه قررت الدولة الاستفادة منها فى الغربية. ولأن نجاحه فيها فاق كل توقع أتوا به للقاهرة. التى فعل بها الأعاجيب. قبل اجتماع أوبرا دمنهور، زرنا قصر ثقافة دمنهور الذى سيفتتح قريباً. وسيصبح صرحاً ثقافياً يليق بمدينة لها تراث مثل دمنهور. وفى اجتماع أوبرا، حضره محافظ البحيرة. ورغم أنه كان مخصصاً للأوبرا حسب جدول أعمال أعده الدكتور مجدى صابر، رئيس الأوبرا. إلا أن المحافظ تحدث مطولاً عن أحلامه للبحيرة ومشروعاته ومحاولة النهضة بها. وكان سعيداً بقرار الرئيس عبد الفتاح السيسى، الصادر فى نفس يوم الاجتماع بإنشاء رشيد الجديدة، التى رأى أنها يمكن أن تشكل مركزاً عمرانياً وحضارياً وثقافياً وتجارياً جديداً فى شمال البحيرة. رشيد مدينة معمرة. حكاية الحكايات. فى 2007 أُعلِن تحويل أطلال سينما البلدية القديمة لدارٍ للأوبرا. كتبت وقتها متشككاً. فى أن تكون الأوبرا ذات جدوى فى دمنهور. وأن الجماهير يمكن أن تقبل على فنون الأوبرا الرفيعة. خصوصاً الجماهير التى يمكن أن تأتى من مراكز البحيرة: إيتاى البارود، كوم حمادة، الدلنجات، المحمودية، أبو حمص، أبو المطامير، كفر الدوار، ورشيد. فضلاً عن سكان القرى التابعة لهذه المراكز. ولكن لدىَّ شجاعة الاعتراف بأن رفضى حلم أوبرا فى دمنهور كان خطأ. وأوبرا دمنهور لا تعرض فنون الموسيقى. ولكنها تقدم الأمسيات الشعرية. وفيها صالون ثقافى وناد للسينما سيقدم عروضاَ سينمائية شهرياً. وأهمية نادى السينما أن دمنهور رغم أنها مدينة مهمة وعاصمة محافظة مترامية الأطراف تصل حدودها من القاهرة إلى الإسكندرية، بطول الدلتا. لا توجد فى دمنهور ولا فى مراكزها دار سينما واحدة. مما يجعل لنادى السينما. فى أوبرا دمنهور دوراً حيوياً. قال محافظ البحيرة إن إنشاء دار سينما مستقلة لم يعد مناسباً. وأن عدداً كبيراً من المولات الجديدة التى تقام فى البحيرة كلها سيكون لدور السينما وجود حقيقى فيها كلها. النشاط الثقافى فى أوبرا دمنهور سيعود مرة أخرى. أمسيات شعرية ومعارض فن تشكيلى ومناقشات لأعمال أدبية. سواء بالمشاركة مع الثقافة الجماهيرية أو غيرها من الهيئات المعنية بالثقافة فى البحيرة. بل إنه سيكون هناك اهتمام من نوع خاص بالبحث عن المواهب الجديدة فى الغناء بين أطفال البحيرة. حتى لو تم الذهاب إلى المدارس والاستماع إليهم وتدريبهم واعتبارهم مشروعات لمواهب فنية مهمة قد تكون قادمة فى الطريق. تنشيط ذاكرة أهالى دمنهور بنجومهم الذين ما زالوا على قيد الحياة أمد الله فى أعمارهم - أو رحلوا عن الدنيا، مسألة تحدثنا فيها. فالبحيرة قدمت محمد عبد المطلب، وكارم محمود، ومحمد نوح، وما زالت تقدم وفاء عامر، ومحمود الحدينى، ومحمود الجندى، وعبلة كامل، وعبد العزيز مخيون، وعادل السيوى، ويسرى السيوى. قدموا عطاءهم للوطن. ولكن يبقى على دمنهور أن تحتفى بهم وتستعيدهم. حلم صلاح جاهين فى إحدى أغانيه لثورة يوليو 1952 بأوبرا فى كل قرية. وتصورت أن حلمه يندرج تحت الأحلام المستحيلة. وها هى إيناس عبد الدايم تحقق حلم صلاح جاهين. لا تكتفى بتطوير أوبرا دمنهور. بل تفكر فى مدن أخرى. تتساءل: لماذا لا تكون فى طنطا أوبرا؟ لماذا لا يتم الانتهاء من إعداد أوبرا المنصورة ليشاهد أهلها الفنون الأوبرالية الرفيعة من الباليه للأوبرا للغناء؟. لمزيد من مقالات يوسف القعيد