حالة التوحش واللاإنسانية التى أصابت مجتمعنا وعلاقاتنا على كل المستويات، سواء فى الشارع أو بين الجيران أو زملاء العمل، أو حتى داخل الأسرة الواحدة، فى تقديرى سببها الرئيسى أن كل شخص يرى نفسه بلا عيب، وينظر للآخر أنه معجون بالعيوب والخطايا والضعف. وبمناسبة الصوم الكبير للأقباط الأرثوذكس (55 يوما) والذى بدأ يوم الإثنين الماضى 4 مارس وينتهى يوم الأحد 28 أبريل عيد القيامة، قرأت على أحد المواقع قصة أعجبتنى تقول إن هناك أبا كاهنا أثار الذعر من قرارتة العجيبة، بعد أنهى الأب الكاهن طقوس القداس ووصل إلى سر التناول، حينئذٍ توقف لحظات ثم استادار مواجهاً الشعب، الذى كان قسماً كبيراً منه قد بدأ فى التقدم للتناول - من الأسرار المقدسة- ووقف فى مواجهتهم قائلاً: يا أحبائى يجب على كل من يتقدم للتناول أن يكون له أب اعتراف، ولم يمض على اعترافة أكثر من شهر، ويجب أن يكون صائماً، وأن يكون قد جاء مبكراً للصلاة. بعد أن أنهى الكاهن جملته تراجع بعضاً من الذين تقدموا للتناول وعادوا إلى مقاعدهم . فوجئ الحضور بالكاهن يوجه كلامه لهم ثانية قائلاً: وعلى كل من أهمل فى صلاته اليومية أو كان مخاصماً لأحد أو كان له فكراً ردياً أو نظرة شريرة ألا يتقدم للتناول. اندهش الشعب من هذا الكلام، وبالرغم من ذلك تراجع قسماً آخر إلى مقاعدهم. وقال الكاهن ثالثاً: وكل من أخطأ لأخيه بالقول أو الفعل، وكل من أدان شخصاً فى السر أو العلن ألا يتقدم للتناول. فنظر جميع الحضور بدهشة عظيمه لأبيهم الكاهن، فهذه المرة الأولى التى يسمعون فيها منه هذا الكلام، بالرغم من الدهشة الكبيرة التى انتابتهم فقد تراجع عدد كبير ممن كانوا متقدمين للتناول، ولم يتبق سوى عدد قليل جدا. لم يكتف الكاهن بذلك بل استمر قائلاً: إننى أرى كثيراً من الخدام فى صفوف التناول. (استدار موجهاً كلامه إليهم): كل من أهمل منكم مخدوماً أو حاد عن هدف الخدمة أو اتخذها وسيلة للظهور أو لمجد شخصى لا يتقدم للتناول، فتراجعت البقية الباقية وهى تحنى رأسها لأسفل من الخجل.. ولم يتقدم أحد للتناول. حينئذٍ تنهد الكاهن ونظر إلى الجميع مبتسماً، وقال لهم: قد علمتم الآن يا أحبائى أننا جميعاً لا نستحق التناول من الأسرار المقدسة بسبب عدم برنا، ولا يوجد أحد بلا خطية، ولكن الغريب أن الله يريدنا كما نحن بكل ضعفنا وخطايانا ليمحوها هو لنا. الله يقبل جميع الخطاه الذين أولهم أنا؛ فمن أنا حتى أمنعهم؟!. فلتتقدموا جميعاً للتناول محاللين مباركين وانتهزوا رحمة الله. تقدموا بكل خطاياكم ونقائصكم، تقدموا بكل همومكم وأوجاعكم، تقدموا بكل طلباتكم وأحلامكم.. لكن فليقدم جميعنا توبه دائمة ومستمرة. ولا تنسوا أبداً أنه بجوار رحمة الله.. يوجد عدله أيضاً. لمزيد من مقالات أشرف صادق