لعلها تكون قاعدة ومنهجا عاما والتزاما لجميع الوزارات ومؤسسات الدولة بالرد على ما ينشر من مشكلات وقضايا من حق الناس أن يعرفوا ويفهموا ويسمعوا إجابات موثقة عليها.. لقد كتبت الأحد الماضى عن صرخة الباحثة أ.دنبوية صالح التى أنجزت وفريق بحثى محترم مشروعا قوميا للتنمية المستدامة بجنوبسيناء وخاصة فى منطقة سانت كاترين حيث درجات الحرارة دون الصفر مما يوفر المناخ المناسب لإنتاج تقاوى بنجر السكر لجميع محطات التربية العالمية فى أوروبا وولايات أمريكية. ومنذ تسجيل الصنف المصرى النادر لم يتقدم المشروع خطوة واحدة!! وكل ما نرجوه أن تحمله الدولة وتستكمل جميع الإجراءات التى تحقق بها اكتفاءنا الذاتى من إنتاج بذور البنجر التى نستورد منها سنويا ما قيمته أربعة آلاف طن تكلفنا نحو عشرة آلاف يورو أو دولار تبعا لمكان الاستيراد ويخفف من كارثة ما يقال عن استيراد نحو 98% مما نحتاجه من التقاوى والبذور وأن الجرام من بعض هذه التقاوى يزيد على سعر جرام الذهب!! والمقارنة ظالمة لأنه قد تتوافر العملة الصعبة ويستخدم منع تصدير البذور كسلاح سياسى وأمنى كما حدث مع القمح الذى تصدرنا قوائم مستورديه!! وفى رد مطول ومصحوب بالوثائق الرسمية.. ومع تقديري للاهتمام والرد إلا أن مساحة المقال فرضت اختصارا لا يخل بجوهر المعنى وهو أن مركز البحوث الزراعية ومجلس المحاصيل السكرية وجهات تمويل أجنبية وفرت للباحثة وللفريق البحثى تمويلا منذ ثمانينيات القرن الماضى بإجمالى عشرة ملايين و759 ألف جنيه، كذلك حصل المشروع على موافقات تمويلية من وزارتىالتعاون الدولى والمالية ومجلس بحوث المحاصيل السكرية، وأن لجنة فحص التقاوى انتهت إلى توصية بتسجيل الصنف وهو ما تم بالفعل، وأن الأمر الآن فى يد الباحثة لوضع خطة لإنتاج التقاوى تجاريا وتقديمها إلى شركات السكر لتوزيعها على المزارعين وأن الوزارة تولى الآن قضية انتاج التقاوى والبذور اهتماما كبيرا وتعتبرها قضية أمن قومى وأنه يجرى تنفيذ برنامج وطنى لإنتاج جميع تقاوى الخضر من خلال المعاهد البحثية التابعة لمركز البحوث. مع التقدير للاهتمام الواجب من الأجهزة المسئولة بوزارة الزراعة إلا أن الرد تضمن ما يستدعى القلق ويثير تساؤلات جديدة.. فهل الباحثة أو أى باحث فى مراكز البحوث أو فى الجامعات يتوصل إلى إنجاز مشروع قومى يوقف بعض التدهور والتقصير والإهمال والمخاطر التى تهدد الزراعة والأرض والفلاح أن يقوموا بالعملية التجارية المعقدة للوصول والتسويق لدى الشركات المنتجة؟! أم أنها مسئوليات يجب أن تقوم بها أجهزة الدولة المسئولة فى قضايا تمثل ركائز أساسية للأمن القومى والغذائي؟!! لقد توقعت أن وزير الزراعة وفور النشر سيطلب لقاء الباحثة ومن مد الله فى أعمارهم من الفريق البحثى بعد أن رحل من رحل خلال الرحلة الطويلة الشاقة التى بدأت أوائل تسعينيات القرن الماضى لمشروع قومى لزراعة الأمان والحياة بدلا من الموت فى سيناء حيث تمثل التنمية المستدامة أهم مقومات حمايتها وتأمينها من التطرف والإرهاب وفتح آفاق العمل والإنتاج لأبنائها. وتساؤل آخر لا يقل أهمية أرجو أن يتوجه به وزير الزراعة إلى المؤسسات المسئولة بالوزارة مما يتوصل إليه علماء وخبراء وباحثون من نتائج أبحاث ودراسات وما هو مصيرها وماذا نفذ وماذا لم ينفذ والأسباب وما يمكن احياؤه وتنفيذه فما أكثر ما ضيع وغيب من نتائج ودراسات ومشروعات تطبيقية كان يمكن أن تقلل حجم الخسائر والتراجع الذى عصف بأمننا القومى والصحى والحيوى والغذائي، وأوصلنا إلى الأرقام المخيفة لما نستورده من غذاء ومحاصيل أساسية وأوصل الأرض والفلاح والزرع والثروة الحيوانية إلى المشهد الكارثى الذى وصلت إليه!! ملاحظة مهمة: ما سردته الباحثة المحترمة عن المراحل التى مر بها المشروع القومى لإنتاج بذور البنجر لم يكن لتوجيه اتهامات وإنما كانت تتطلع لتحقيق أمل ورجاء فى تفعيل مشروع أفنت والفريق البحثى أعمارهم فيه وأيضا تحقيق أهداف وطنية لبلدهم من بينها الاستغناء به عما ينفق من عملة صعبة فى استيراده وما يعنيه وجود تنمية مستدامة فى جنوبسيناء وسانت كاترين من فتح آفاق للحياة والعمل للشباب هناك.. وبكتابتى عن المشروع أردت استكمال دعوتى لإعادة إنشاء شركة وطنية للبذور وقد أشرت مرارا من قبل أن أول شركة فتحت فى تسعينيات القرن الماضى كانت للحفاظ على بذورنا وإنتاجها وعدم وصولنا إلى استيراد نحو 98% من احتياجاتنا والذى تناولته أقلام وصحف مهمة منها ما نشرته «الأخبار أكتوبر 2018» بالعناوين التى أشرت إليها فى المقال الماضى مثل صناعة التقاوى تحت رحمة الاحتكار شركات عالمية تسيطر على السوق المصرية والزراعة تحاول زيادة الانتاج المحلى 20 مليار دولار قيمة الاستيراد سنويا. البطاطس فى المقدمة و150 مليونا للطماطم والخيار فقط» وفى التحقيق نفسه تؤكد نقابات الفلاحين أننا نستورد 80% من احتياجاتنا و7% من المحلى مغشوش!! ليس مدهشا أن نجاح مثل هذه المشروعات القومية لتحقيق الاكتفاء الذاتى والاستغناء من إنتاجنا ومحاصيلنا، وتوفير أمننا الغذائى يُغضب ويطير عقول محتكرى الاستيراد الذين كونوا على حساب الأمن الحيوى والصحى والغذائى ثرواتهم المحرمة وأعوانهم فى مؤسسات مسئولة! ولكننى أثق فى السعى الجاد لوزير الزراعة للتصدى بمشروع قومى لإنتاج جميع البذور وإحداث طفرة حقيقية فى الزراعة بالعلماء والباحثين الذين تمتلئ بهم جامعاتنا والمراكز البحثية بالوزارة والذى يمثل مشروع التنمية المستدامة لاستنباط بذور سكر البنجر نموذجا لها. لمزيد من مقالات سكينة فؤاد