سنبقى فى حالة الرعب المقيم من تكرار الحوادث المروِّعة، بحجم كارثة القطار الأخيرة، إذا استمر تجاهل الحقيقة المؤسفة التى تؤكد أن الخلل يتجاوز أخطاء الأفراد، وأن هناك عيوباً جوهرية فى آلية حياتنا، تجعل هنالك استسلاماً، وصل إلى حد الأُلفَة، مع الاستهتار والتقاعس والتسيب والإهمال والتراخى، بل قد يجد المخطئ من يدافع عنه بجدل مُستنزِف يُشتِّت من يسعون إلى الإصلاح، وقد يجعلهم يدافعون عن أنفسهم وكأنهم هم المجرمون بسعيهم لإحقاق الحق ومجازاة المخطئ! وها هى بعض ردود الأفعال عن الكارثة الأخيرة، برغم فداحتها الصارِخة، تنتقد المُطالَبة بإنزال أقصى عقاب على السائق، وتخرج بك عن الكارثة الدامية باستدرار التعاطف معه لأنه (رجل غلبان) وأن كبار الفاسدين يفلتون بجرائمهم..إلخ!!. ينبغى التوقف هنا عند أن الكارثة ليست بسبب تهالك القضبان أو عيوب فى أجهزة الاتصال أو ما شابه، وإنما بسبب خطأ فادح مباشر من السائق، الذى من المفترض ألا يحصل على ترقية إلى هذه الوظيفة إلا بعد سنوات من العمل يثبت فيها كفاءته. كما أن المُرَجَّح، منطقياً، أن خطأ بهذا الحجم، لا يمكن أن يكون أول أخطائه فى مدة خدمته، لأن الأكثر معقولية أن يكون خرج سالماً من أخطاء أقل مما جعله يتجاسر هذه المرة إلى حد أن يغادر الجرّار الذى يقوده لينزل فى عتاب أو مشاجرة، دون أدنى اكتراث بالاحتمالات المتعددة لكارثة هائلة، لترك جرّار به نحو 10 آلاف لتر سولار، يمكن أن يندفع بسرعة 130 كم فى الساعة!! وأما إذا لم يكن يعلم أن هذه الاحتمالات واردة فإن المصيبة أعظم. المأمول، مع اهتمام الرئيس السيسى شخصياً بمتابعة القضية، ومع وعد النائب العام بإقرار حق المواطنين فى معرفة التفاصيل أولاً بأول، أن تجتهد مؤسسات أخرى لنصل إلى نتائج وتوصيات عملية تضبط الأداء الوظيفى، تبدأ أولا بالمهن التى تمسّ حياة الناس ومصالحهم الحيوية، فتضع شروطاً لا تكتفى فقط بالتأكد من مهارات تدوير العمل، وإنما أيضاً بالاهتمام بالتجويد، مع أهمية توافر الصحة النفسية التى تكبح الانفعالات الهوجاء بمخاطرها الفادِحة. لمزيد من مقالات أحمد عبد التواب