بحضور 400 طفل.. «أوقاف القليوبية» تدشن لقاء الجمعة بمسجد في بنها    لأول مرة بالأزهر.. منطقة الشرقية تدشن تطبيقا إلكترونيا لمتابعة امتحانات النقل بالمعاهد    413 مدرسة تعليم صناعي تقدم خدمات صيانة ومنتجات وموبيليات بأسعار تنافسية    كل ما تريد معرفته عن قانون رعاية حقوق المسنين| إنفوجراف    الخشت: تخصص الصيدلة وعلم الأدوية بجامعة القاهرة أصبح ال 64 عالميًا    حماية المستهلك يوجه نصائح مهمة للجمهور بشأن «الاستبدال والاسترجاع»    توريد 984 طن قمح لشون وصوامع البحيرة    «آمنة»: الانتهاء من مشروع تطوير منطقة أعلى مفيض ترعة نجع حمادي بسوهاج    المشاط تناقش مع مسئولي وكالة ميجا الدولية إطلاق المنصة الموحدة للضمانات خلال يوليو المقبل    فصل الكهرباء عن مناطق بالغردقة ومرسى علم.. اعرف المواعيد والأماكن    لتبادل العلاقات الثنائية.. وزير الخارجية يزور تركيا غدا    حزب المؤتمر: استخدام امريكا حق الفيتو ضد عضوية فلسطين يتناقض مع أحكام القانون الدولي    دوري أبطال أوروبا.. حامل لقب أول نسخة وآخر المتوجين ب «ذات الأذنين»    موعد الاجتماع الفني لمباراة الزمالك ودريمز الغاني بالكونفدرالية    أسطورة ليفربول: الاحتفاظ بصلاح سيكون صعبًا وفان دايك سيبقى    الداخلية تداهم بؤرتين وتضبط 36 كيلو مخدرات قيمتها 16 مليون جنيه    ضبط مسئول محل لبيع المأكولات لحيازته كمية كبيرة من المواد الغذائية مجهولة المصدر    برنامج MEPEP لتطوير مهارات القوى العاملة يشارك في معرض EDUTECH 2024    احذر الرادار.. رصد 8500 سيارة تجاوزت السرعة خلال 24 ساعة    بدء جنازة الفنان صلاح السعدني بمسجد الشرطة    ل3 أسباب.. خطيب المسجد النبوي: الله كرم الإنسان حين خلقه في أحسن تقويم    دار الإفتاء توضح مسبعات الجمعة    الصحة: فحص 432 ألف طفل ضمن مبادرة الكشف المبكر عن الأمراض الوراثية    "رصدته كاميرات المراقبة".. ضبط عاطل سرق مبلغا ماليا من صيدلية بالقليوبية    إصابة شخصين إثر حادث تصادم 3 سيارات فى شارع التسعين بمنطقة التجمع    اعتماد جداول امتحانات نهاية العام الدراسي في الوادي الجديد    إسعاد يونس تنعى الفنان صلاح السعدني بصورة من كواليس «فوزية البرجوازية»    4 أبراج ما بتعرفش الفشل في الشغل.. الحمل جريء وطموح والقوس مغامر    تعرف على أبرز مخرجات لجنة الثقافة والهوية الوطنية بالحوار الوطنى    وزير التنمية المحلية يعلن بدء المرحلة الثالثة والأخيرة لإزالة التعديات على أراضي الدولة ضمن الموجة ال22    1490 طنا.. وصول القافلة السادسة من مساعدات التحالف الوطني لأهالي غزة (صور)    تشكيل فرانكفورت المتوقع لمواجهة أوجسبورج في الدوري الألماني.. موقف مرموش    طريقة تحضير بخاخ الجيوب الأنفية في المنزل    كشف لغز بلاغات سرقة بالقاهرة وضبط مرتكبيها وإعادة المسروقات.. صور    الحكومة تنفي عودة عمل الموظفين يوم الأحد بنظام ال"أون لاين" من المنزل    للبقاء مدى الحياة؟ سكاي: بايرن يجهز عرضا لتمديد عقد موسيالا    رضا عبد العال يعلق على أداء عبد الله السعيد مع الزمالك    استشهاد شاب فلسطيني وإصابة اثنين بالرصاص خلال عدوان الاحتلال المستمر على مخيم "نور شمس" شمال الضفة    فتح ممر إنساني نهاية إبريل.. إعلام عبري: عملية رفح محسومة والسؤال عن توقيتها    رئيس المركز القومي للمسرح والموسيقى ينعى وفاة الفنان صلاح السعدني    إيرادات السينما أمس.. شقو في المقدمة وأسود ملون يتذيل القائمة    إبراهيم السمان: تحمست لدور محسن فى مسلسل حق عرب بسبب السيناريو    وضع حجر أساس مشروع موقف إقليمي جديد بمدينة المنيا الجديدة    تمريض القناة تناقش ابتكارات الذكاء الاصطناعي    خطيب الأوقاف يؤكد: الصدق صفة المتقين وطريق الفائزين.. والأيمانات الكاذبة للباعة لترويج السلعة تمحق البركة.. فيديو    شهدها البابا تواضروس، تفاصيل وثيقة الكنيسة للتوعية بمخاطر زواج الأقارب    اقتصادية قناة السويس تشارك ب "مؤتمر التعاون والتبادل بين مصر والصين (تشيجيانج)"    غداء اليوم.. طريقة تحضير كفتة الدجاج المشوية    تعرف على موعد إجازة شم النسيم 2024 وعدد الإجازات المتبقية للمدارس في إبريل ومايو    ألونسو: مواجهة ريال مدريد وبايرن ميونخ ستكون مثيرة    طلب إحاطة لوزير الصحة بشأن استمرار نقص أدوية الأمراض المزمنة ولبن الأطفال    موعد مباراة الترجي وصن داونز بدوري أبطال أفريقيا    حرب السودان.. كلفة اقتصادية هائلة ومعاناة مستمرة    والد شاب يعاني من ضمور عضلات يناشد وزير الصحة علاج نجله (فيديو)    الجامعة العربية توصي مجلس الأمن بالاعتراف بمجلس الأمن وضمها لعضوية المنظمة الدولية    دعاء السفر كتابة: اللّهُمّ إِنّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ وَعْثَاءِ السّفَرِ    وزير الخارجية الأسبق يكشف عن نقاط مهمة لحل القضية الفلسطينية    دعاء الضيق: بوابة الصبر والأمل في أوقات الاختناق    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أربعون عاما من الاستبداد
نشر في الأهرام اليومي يوم 23 - 02 - 2019

تزامن الاحتفال بذكرى مرور أربعين عاما على قيام الثورة الإيرانية مع انعقاد مؤتمر وارسو بدعوة أمريكية، والذى جعل من إيران هدفا عاجلا لمواجهة التحديات الأمنية فى الشرق الأوسط، باعتبار نظامها مسئولا رئيسيا فى نشر الفوضى ودعم الإرهاب فى المنطقة، هكذا وصل الحال بالجمهورية الإسلامية التى أرسى دعائمها آية الله الخومينى منذ أربعة عقود، وبغض النظر عن الاتفاق أو الاختلاف مع سياسة الولايات المتحدة وأهدافها الخفية والمعلنة، فإن السؤال الجوهرى ينصرف إلى طبيعة المشروع الراديكالى الثورى الذى روجت له طهران وحكم البلاد باسم الدين، وما إذا كان قد قدم بالفعل تجربة ديمقراطية يُعتد بها، أم اقتصرعلى تمكين رجال الدين من الوصول إلى السلطة والاستمرار فيها، ثم لا شيء بعد ذلك؟
مثلت الثورة الإيرانية واحدة من أهم الثورات المعاصرة، ليس فقط بحكم التغييرات الجذرية التى أحدثتها على مستوى الدولة والمجتمع الإيرانيين، وإنما لتجاوز تأثيرها حدودها الجغرافية ضمن مبدأ تصدير الثورة الذى أضحى نصا دستوريا، تستعيد من خلاله فكرة الخلافة الإسلامية ولا يهم هنا إن كانت شيعية أو سنية، فالمنطق فى النهاية واحد.
هذه الثورة التى استمدت شرعيتها فى البداية من دعوتها المثالية ضد الاستبداد السياسى الذى أعزته لنظام الشاه محمد رضا بهلوى، واستطاعت به تجميع أطياف وتيارات المجتمع كافة من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار مالبثت أن شيدت نظاما أكثر استبدادا باسم ولاية الفقيه، حكما ثيوقراطيا صريحا يزاوج بين التسلط السياسى والدينى، فتخلصت من حلفاء الأمس ومارست أقسى أنواع القمع ضد الخصوم والمعارضين مقابل ديمقراطية شكلية وانتخابات دورية محكومة بنظام شديد الازدواجية، أعطيت فيه الكلمة العليا للمرشد الأعلى للثورة الإسلامية فى مواجهة رئيس الجمهورية ثم لمجلس صيانة الدستور مقابل البرلمان والحرس الثورى كقوة مسلحة موازية للجيش النظامى، ولم تعد هناك نخبة سياسية حقيقية باستثاء ما تدور فى فلك السلطة، فأسفر الأمر عن تلك المعادلة الزائفة التى تُقسمها بين متشددين وإصلاحيين دون أى تغير ملموس فى السياسات العامة داخليا وخارجيا، والشيء نفسه ينطبق على حال الحقوق والحريات المدنية والفردية ووضع المرأة، وكلها شهدت تدهورا حادا وانتهاكات منتظمة سواء لأسباب سياسية أو دينية، وفقد المجتمع الإيرانى معظم مقوماته الحضارية وقوته الناعمة فى مجالات الفكر والأدب والفنون، ولم يكن الحال أفضل على صعيد الاقتصاد ونسب البطالة وتدنى مستوى المعيشة وتحديث البنية التحتية والخدمات العامة ومكافحة الفساد والشفافية، أى كل ما يندرج تحت مسمى التنمية البشرية.
المفارقة هنا أن النظام أنفق ذومازال- المليارات على بناء وتطوير قوته العسكرية والنووية ودخل فى سباق محموم على التسلح وبناء القواعد العسكرية، كان آخرها قاعدة الصواريخ المزمع إنشاؤها مع فنزويلا فى تكرار للمحاولة السوفيتية فى كوبا أوائل الستينيات، بزعم مواجهة الولايات المتحدة التى انتهت بالفشل.
إن هذه الأولويات المعكوسة لم تكن بالطبع محض مصادفة، بل لخدمة أغراض مشروعه فى التوسع الإقليمى وبسط الهيمنة والنفوذ، وربما لا يفوق إنفاقه على التسلح إلا إنفاقه على حروبه المباشرة وبالوكالة، ما جعل الجمهورية الإسلامية المتهم الأول بالتدخل فى شئون الدول الأخرى، من لبنان إلى العراق وسوريا واليمن، وإن لم يتوقف الأمر عند حدود حلفائها من الشيعة، ولكن امتد أيضا إلى الحركات السياسية السنية وفى مقدمتها حركتا الجهاد وحماس الفلسطينيتان. لكن على الرغم من أن السعى للتوسع الإقليمى هدف فى ذاته، إلا أنه ليس الوحيد، فهناك أيضا البحث عن الشرعية السياسية، بالاتجاه نحو الخارج هروبا من مشكلات الداخل، تؤكد ذلك جميع الشعارات التى رفعها نظام الملالى من «نصرة المستضعفين» فى مواجهة قوى الاستكبار إلى الموت لإسرائيل ومحاربة الشيطان الأكبر والهيمنة الأجنبية عموما، وإن لم يتحقق أى منها على أرض الواقع، ولا يخفى ما فى هذه الشعارات من محاولات لحشد وتعبئة الشعب للوقوف خلف نظام الحكم دون مساءلته، كما تقتضى المعايير البسيطة للديمقراطية فى حدها الأدنى.
الآن تغيرت الظروف، ولم تعد الأجيال الجديدة تكتفى بتلك الشعارات التى فقدت مصداقيتها، وخرجت فى مظاهرات عارمة مطالبة بحقوقها الطبيعية فى الحرية والحياة الكريمة والديمقراطية، وبدأت فى محاسبة النظام على مغامراته الخارجية التى استنزفت ثروات البلاد، وطالبته بالانسحاب من سوريا والكف عن تمويل الميليشيات الموالية له، وفى مقدمتها حزب الله اللبنانى وغيره.
لهذه الأسباب فالتجربة الإيرانية قد هُزمت من داخلها، قبل أن تقف ضدها القوى الدولية والإقليمية، وتحاصرها العقوبات المفروضة عليها والتى تفاقم من أزمتها، وإذا كان ثمة دروس مستفادة من هذه التجربة، فهى لا تُختزل فى قيام الثورة ولكن فى طبيعتها، فكل الثورات بلا استثناء تتسم بداياتها بالعنف ويكون لها ضحاياها، ولكن يبقى الفارق الأساسى الذى يجعل لكل منها مسارا مختلفا متمحورا حول أهدافها ومشروعها السياسى والثقافى الذى تحمله، فالثورة الفرنسية كانت شديدة الدموية، ولكنها أسفرت عن أهم إنجاز حضارى إنسانى لتكريس مبادئ الحرية والإخاء والمساواة التى أصبحت دستورا للعالم أجمع، وعلى العكس جاءت الثورات ذات الطابع الشمولى كالبلشفية فى روسيا التى انتهت بسقوط الاتحاد السوفيتى وانهيار أحلامه التوسعية الإمبراطورية، وكذلك الثورة الشيوعية التى قادها ماوتسى تونج فى الصين، ولم تؤد فى النهاية إلا إلى تخلفها وعزلتها إلى أن خرجت من عباءتها بعد وفاة زعيمها، وانفتحت على العالم وتبنت سياسة السوق الحرة حتى أصبحت من أكبر الاقتصادات العالمية فى وقتنا الراهن، أما الدرس الآخر فيتعلق بجوهر مشروع الاسلام السياسى، صحيح أن السلطوية فى الشرق الأوسط لا تقتصر على النظام الإيرانى، لكن أى حكم باسم الدين لن يقود إلا إلى مزيد من الاستبداد وتكون تداعياته أخطر من مثيله السياسى، يستوى ذلك كونه شيعيا أوسنيا، لذلك فإيران فى حاجة إلى ثورة جديدة، ولكنها ثورة من أجل الحرية وبناء الإنسان.
لمزيد من مقالات د. هالة مصطفى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.